آفة مجتمعنا النسيان وعدم المتابعة، ولذك نكرر أخطاءنا دوما، ونبدأ فى كل مرة من حيث انتهينا. يوم السبت 11 أكتوبر من العام الماضى كتبت مقالا بعنوان: مين ريهام سعيد؟ أتساءل فيه حول موقف قناة النهار من التهمة التى وجهها مساعد المخرج محمد ماهر إلى المذيعة، بإهانته وتحريض الطقم المعاون لها بالاعتداء عليه، أثناء تصوير برنامجها «قلبك أبيض»، وحُرر بذلك محضر فى قسم أول أكتوبر، ولقد استدعتها النيابة أكثر من مرة، لكنها لم تستجب.
قدم مساعد المخرج والمخرج أسامة أبوالعطا شكوى لنقابة السينمائيين، التى أرسلتها إلى النهار، من أجل اتخاذ موقف تجاه ما جرى، وطالبت الشكوى بوقف عرض البرنامج لحين الحصول على الحقوق الأدبية والمالية المستحقة، وهو ما لم يحدث،فعقدت النقابة جلسة تغيّب عنها منتج البرنامج ممدوح شاهين، وقامت «العربية.نت» بالاتصال بالمهندس أسامة الشيخ المشرف على قنوات «النهار»، الذى أكد تلقيه شكوى بالفعل من النقابة، وحوّل الأمر للشؤون القانونية، على أن يتم التحقيق مع أطراف الأزمة، من أجل الوصول لحل فيما جرى. يوم الخميس 9 أكتوبر نشر خبر فى الصحف حول إحالة النيابة العامة ريهام سعيد إلى محكمة جنح أكتوبر، بسبب قيامها بضرب مساعد مخرج داخل استديو فى قناة «النهار». وكانت النيابة العامة قد فتحت تحقيقاً فى البلاغ المقدم ضد المذيعة، وقامت بالاستماع لأقوال الشهود، وإجراء التحقيقات حول الواقعة، وضمت الأوراق التقرير الطبى.
لا أعرف ما حدث فى أروقة المحاكم، فلا شأن لى بـأحكام القضاء، ولكنى أريد أن أعرف نتيجة تحقيقات الشؤون القانونية بقناة النهار، البرنامج أذيع فى رمضان الماضى، والمذيعة باقية فى مكانها، فهل هذا معناه أن نتيجة التحقيق كانت لصالحها أم أن ما حدث لا يؤثر على وضع المذيعة فى القناة، وأنها فوق القانون؟.
هذا جزء مما جاء فى مقالى القديم، تذكرته وأنا أتابع موقفا مماثلا، فى الـ«بى بى سى» التى يفتخر الزميل عمرو الكحكى بأنه عمل فيها ردحا من الزمن، وهو مدير قناة النهار التى يمتلكها أخوه.
أعلنت الـ«بى.بى.سى» يوم الأربعاء 11 مارس الماضى أنها أوقفت المذيع البريطانى جيرمى كلاركسون مقدم برنامج «توب جير» الشهير عن العمل، وذكرت أن القرار جاء بعدما لكم المذيع منتجاً.وجاء فى الخبر المنشور أن لوسى مانينج مراسلة «بى.بى.سى نيوز» قالت: «إن مصادر فى هيئة الإذاعة البريطانية أكدت تقريرا أفاد بأن مقدم البرنامج أوقف عن العمل إلى حين إجراء تحقيق فيما نسب إليه من توجيه لكمة لأحد المنتجين، وأضافت أن: الواقعة يعتقد أنها حدثت الأسبوع الماضى، ولكن تم إبلاغ بى.بى.سى بها الاثنين، ومن ثم تم اتخاذ الإجراء الثلاثاء، مشيرة إلى أنه لن يتم إذاعة الحلقتين القادمتين من البرنامج».
أوقفت القناة إذاعة واحد من أكثر برامجها نجاحا، حيث يتم بيعه لـ214 قناة حول العالم، ويصل عدد مستخدمى موقعه الإلكترونى إلى نحو أربعة ملايين مستخدم شهرياً، ولكن القناة المحترمة لم تفكر فيما ستخسره ماديا بوقف إذاعة حلقتين تم تصويرهما بالفعل، ويأتى هذا الموقف من القناة بالرغم من نفى المذيع للواقعة.
وكلاركسون ليس أى مذيع، فله معجبون فى مختلف أنحاء العالم، ولقد أطلق هؤلاء التماسا على الإنترنت يدعو الـ«بى.بى.سى» إلى إعادته للعمل، ونجحوا فى يوم واحد فى جمع أكثر من 130 ألف توقيع.
نعود بكم لمصر المحروسة، ما زالت قناة النهار تلتزم الصمت حول الاتهام الموجه لنجمتها ريهام سعيد، وأظن أن القائمين عليها يعرفون جيدا أن لهذه المهنة أخلاقا ومعايير أداء، ليس من بينها الضرب والإهانة لفريق العمل، فلو ثبت ذلك فإننا أمام جريمة إهدار كرامة مواطن، وهى جريمة أدت إلى اندلاع الثورة التى نأمل أن نستعيد مبادئها بقوة، حتى لا يبقى فى هذا البلد من يتصور أنه فوق الدستور والقانون، أو من يتعامل كأنه يتفضل على المواطنين باعتباره السيد الذى يوفر لعبيده الرزق والعمل.