المتابع للأخبار والتقارير المنشورة بالصحف والمواقع الإلكترونية والفضائيات، بشأن الاشتباكات والتفجيرات وصناعة القنابل، وكافة أعمال التخريب بطول البلاد وعرضها، طوال فترة ما بعد ثورة 30 يونيو2013- يدرك بسهولة ويسر أن غالبية المتهمين والمتورطين بهذه الأعمال الإرهابية، هم من الشباب المتعلمين.. بما يكشف عن وجود مشكلة تتعلق بسوء ورداءة القيم والاتجاهات والسلوكيات التى اكتسبها هؤلاء الخريجون من سنوات التعليم التى أمضوها بالمدارس، جنوحاً إلى التطرف الدينى والميل إلى العنف والإيذاء، وكراهية الآخر وتوارى الولاء للوطن، مقابل إقصاء وتغييب التسامح والتعاون والتحاب والقيم الإيجابية.. بعبارة أخرى، فإن «مدارسنا» صارت ماكينة لصناعة وإنتاج وضخ أعداد لا بأس بها من المتطرفين دينياً والشائهين نفسيا، ميالون إلى العنف وممارسته، بما يمثل خطراً متجدداً.. وليس أدل على ذلك، مما جرى على يد طلاب منتمين لجماعة الإخوان، من شغب وعنف بالجامعات الحكومية وجامعة الأزهر، طوال العام الدراسى الجامعى الماضى 2013/2014.
إن التعليم قبل الجامعى بمدارسنا، يستقبل «المتعلم» طفلا فى السادسة من عمره تقريباً، و«المفترض» أن يتولاه بالتربية والتعليم لمدة 12عاماً، طوال مرحلتى التعليم الأساسى، والثانوى بنوعيه العام والفنى، وهى السنوات التى تتشكل فيها مفاهيم واتجاهات ووجدان الفرد، ويصعب لاحقاً تغيير أى منها.. وهنا مكمن الخطورة.. فهذا القطاع المهم الذى لم يعد يُقدم تعليما ولا تربية، يضم أكثر من 20 مليون متعلم، بينهم 18 مليونا و299 ألف طالب وطالبة، ينتظمون بـ47 ألفا و520 من مدارس «التعليم العام» بنوعيه الحكومى والخاص، الذى يخضع «نظريا» لإشراف وزارة التعليم.. إضافة إلى مليونين و48 ألف دارس ينتظمون بـ«المعاهد الأزهرية» حكومية وخاصة (9000 معهد)، والتى تزيد عن التعليم العام بالغلبة للدراسات الدينية والفقهية، ويستكمل خريجوها تعليمهم بجامعة الأزهر، وهذا النوع الأزهرى تطاله الاتهامات بالتشدد والتزمت.
معلوم أن الإخوان يخترقون المدارس والجامعات، منذ سبعينيات القرن الماضى عندما رفع عنهم الرئيس الراحل أنور السادات، الحظر المفروض عليهم.. فتوغلوا وتغلغلوا فيها لنشر أفكارهم وتجنيد النشء بأعداد كبيرة، وتربيتهم على مناهجهم.. وهناك مأخذ على مقررات التربية الدينية بمدارس التعليم العام، وعلى غالبية المقررات والتراثيات بالمعاهد الأزهرية، واعتماد تعليمنا على أسلوب «الحفظ والتلقين»، المناظر لمبدأ السمع والطاعة لدى الجماعات المتطرفة.. وهذا كله يؤكد أن المدارس هى منابع متجددة يتدفق منها أعداد كبيرة من «المتطرفين»، سرعان ما يرفعون السلاح دون تردد، فى وجوه الكل شعباً وجيشاً وحكومةً وشرطةً، حال صدور الأوامر من قادتهم، غير عابئين بالضحايا الأبرياء الذين يسقطون.. بما يستوجب سرعة الانتفاض لتجفيف هذه المنابع للتطرف والإرهاب، ولو حدثت الانتفاضة المأمولة فوراً.. فسوف يستغرق الأمر سنوات وصولاً إلى نتائج ملموسة.. لكن علينا التحرك قبل فوات الأوان لوقف تدفق التطرف فى المجتمع.. وللحديث بقية.
نسأل الله السلامة لمصر.