x

طارق الغزالي حرب هذه هى المؤامرة فعلاً.. وهؤلاء هم العملاء حقاً طارق الغزالي حرب الأحد 15-03-2015 21:16


تكاد لا تمر ساعة إلا وتُطالعك وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة عن حديث المؤامرة، حتى إننى أشك أن كل مصرى الآن يمشى وهو يلتفت حوله خوفاً من مؤامرة تأتيه عن يمينه أو يساره أو من فوق رأسه أو من بين قدميه.. والمؤامرة التى يتفنن «الخبراء الاستراتيجيون» والسادة الإعلاميون الأمنجية (الذين يعرفهم القاصى والدانى الآن بالاسم) فى الحديث عنها هى غربية المنشأ وغالباً صهيوأمريكية.. أى أن وراءها دولا وشعوبا متقدمة، تعيش فى حالة من التقدم العلمى والرخاء الاقتصادى، وينعمون بحقوقهم الإنسانية كاملة، وبحُرية وعدالة ومساواة، وفى حالة استقرار سياسى ليس فيه حاكم دائم ورعية، ولا أسياد وعبيد، ولا مسؤول فوق الحساب والمساءلة، وتداول للسلطة وتجديد للقيادات.. نظام مستقر لا يجرؤ أحد على تغييره، والمسؤولون خدم للشعب فى فترة ما، بعدها يذهبون ويأتى غيرهم بإرادة الشعب، ولا دخل فى ذلك لعنصرية دينية أو عِرقية أو طائفية، وكل ذلك تنظمه قوانين صارمة يسهر على تنفيذها قضاء عادل مستقل. يبقى السؤال الأهم، لماذا إذن نتصور أن يتكالب هؤلاء الناس على التآمر علينا، نحن الشعوب المقهورة المنكسرة الفقيرة المتخلفة، المحكومة بالحديد والنار والسلطة الأبوية المستبدة التى تفعل بشعوبها ما تريد وقتما تريد؟ الرد الذى نسمعه دائماً والمتوقع هو لسببين، الأول هو أنهم طامعون فيما لدينا من ثروات يستخسرونها فينا نحن المتخلفين الذين لا نعرف كيف نستغلها، والثانى أنهم يريدون للدولة الصهيونية أن تعلو عُلواً كبيرا لتُهيمن على المنطقة بأسرها. إذا افترضنا صحة هذا الكلام،

وباعتبار أن زمن الاحتلال العسكرى بالقوة قد ولَى واندثر، فإنهم يستعيضون عن ذلك باحتلال داخلى من عُصبة حاكمة تدين لهم بالولاء وتنفذ ما يريدون، وأن تبقى أمثال هذه العصابات على رأس الحكم مهما طال بها الزمن، ومهما فعلت بشعوبها حتى تعتاد على القهر والهوان وتقتنع بأنه أسلوب حياة لابد من قبوله والتسليم به، مع الاستعداد للتضحية بأى عُصبة منهم إذا ما استنفد الغرض منها أو خرجت عن طوعه، والأمثلة على ما أقول عشناها فى التاريخ القريب مثلما كان صدام وعصبته والقذافى وعشيرته والسادات وزبانيته ومبارك وجماعته. إذن فإن المؤامرة الحقيقية على شعوب هذه المنطقة من العالم هى التأييد السافر والمُستتر لكل النظم الاستبدادية الديكتاتورية فى المنطقة جمهورية كانت أو ملكية، طلما يُفلحون فى إقناع شعوبهم بأن القيم الغربية ومبادئ الحكم المستقرة هناك لا تصلح لهذه المجتمعات، مُستغلين فى ذلك المشاعر الدينية المتأصلة فى هذه المنطقة من العالم التى هى مهد الأديان، ورجال الدين المأجورين الذين يستطيعون أن يستخلصوا من النصوص الدينية ما يروق لهم وفق الطلب، فيرسخون بين العامة المشاعر المضادة للأفكار الغربية ومصطلحاتها مثل الديمقراطية والعلمانية والليبرالية وحقوق الإنسان والشفافية وحتى المذاهب الاشتراكية فى عدالة توزيع الثروات والمساواة بين الناس.. ويكون سلاحهم الثانى فى هذه المؤامرة لاستمرار حالة التخلف والانحدار فى المنطقة، هم عملاء أجهزة الأمن والمخابرات التابعين لتلك النظم القمعية، الذين يعملون فى صناعة الإعلام، فيقومون بدور أساسى فى عملية «غسيل المخ» لعامة الناس سواء كانوا أميين أو متعلمين، لإقناعهم بأن المصطلحات والمذاهب الفكرية التى يرددها الغرب الكافر هى الشر بعينه، وهى التى ستهدم دولهم المستقرة التى توفر لهم الحظائر التى يعيشون فيها ليجدوا فيها ما يقتاتون عليه، ويتناسلون كما يحلوا لهم، وتحميهم من الذئاب الطامعة فيهم! هذه هى المؤامرة الحقيقية التى لا أومن بمؤامرة غيرها، وهؤلاء هم الخونة والعملاء الذين يعملون فى خدمتهم ومن أجل تحقيق أهدافهم، فلا تعرف أقدامنا يوماً الطريق الصحيح والمستقيم والوحيد إلى مجتمعات الرفاه والكفاية والسلام والأمن والسعادة.

كلمات لابد أن تُقال: تحية تقدير للكاتب الوطنى الكبير الأستاذ أنور الهوارى، ورسالة إعجاب بسلسلة مقالاته المتميزة التى تأتينا من «فوق السحاب».. سحابات النفاق والرياء والجهل والغباء التى تُخيم على سماء الوطن.. وأخص بالذكر مقاله يوم 11/3 عن «تجارة الخوف» التى تحاصرنا ليل نهار، والتى وجد فيها إعلاميو السلطة من ذوى المواهب المحدودة والتفكير السطحى ضالتهم، فيصرخون كل ليلة على الفضائيات يزايدون ويخوفون الناس بعفاريت داعش والإرهاب والحروب الطائفية حولنا، من أجل أن يقبلوا الدنية ويرتضوا شظف العيش والإهانة والتخلى عن الأمانى الكبار. لقد قال الهوارى فى نهاية مقاله عبارة ذات مغزى كبير وهى «إذا حضر الشعب ذهب الخوف».. فإذا ذهب الخوف فبأى شىء سيتاجرون؟ لذا فإن مهمتهم الأولى والأخيرة هى تغييب الشعب وقهره نفسياً وعقلياً.. هل فهمتم الرسالة؟

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية