x

محمد كمال ما بعد شرم الشيخ التحدى والفرصة محمد كمال الأحد 15-03-2015 21:29


احتفى العالم بمصر فى مؤتمر شرم الشيخ، وصوت الحاضرون بالثقة فى مستقبلها وإمكاناتها الاقتصادية وقدرتها على الخروج من العثرة التى دخلت فيها منذ أربع سنوات.

ولكن، ودون أن نفسد فرحتنا بما حدث فى المؤتمر، علينا أن ندرك أن هناك تحديا كبيرا يواجه مصر فى مرحلة ما بعد شرم الشيخ، وهو أن حجم الدعم الخارجى للاقتصاد المصرى والذى وصل إلى ما يقرب من 30 مليار دولار فى العامين الأخيرين فى طريقه للنضوب، أو على الأقل الانكماش الكبير. وأن المبلغ الذى أعلنت دول الخليج تقديمه لمصر فى مؤتمر شرم الشيخ ربما يكون الدفعة الأخيرة التى ستحصل عليها مصر من هذه الدول خلال السنوات القادمة.

يرتبط ذلك بالانخفاض الكبير فى أسعار صادرات البترول والذى يفرض ضغوطا على موازنات دول الخليج، كما يرتبط برؤية العاهل السعودى الراحل الملك عبدالله من طرح فكرة مؤتمر شرم الشيخ كآلية للحصول على دعم لمصر من دول أخرى وليس فقط دول الخليج. وكذلك الرؤية الحالية لخليفته الملك سلمان والتى لاتزال تساند جهود مصر لمكافحة الإرهاب، ولكن قد لا تتطابق تماما مع الرؤية المصرية بشأن درجة خطورة جماعة الإخوان المسلمين والوسيلة الأفضل للتعامل معها، وشعور المملكة السعودية بتزايد الخطر الإيرانى مع تسارع الخطى الأمريكية للتوصل لاتفاق بشأن برنامجها النووى، وماقد يترتب عليه من إعادة دمجها فى العالم دون تخليها عن خططها لزعزعة أمن الخليج، وكذلك اقتراب هذا الخطر من الحدود السعودية بإعلان التحالف بين إيران والحوثيين فى اليمن. هذه المخاطر تدفع السعودية - بوصلة منطقة الخليج- لإعادة ترتيب أولوياتها وتحالفاتها الإقليمية، دون التخلى عنها.

هناك أيضا التحدى المتعلق بالموقف الأمريكى تجاه مصر، فبرغم الحديث المعسول لوزير الخارجية جون كيرى فى مؤتمر شرم الشيخ، ومساندة الكونجرس ذى الأغلبية الجمهورية لمصر، إلا أن الرئيس أوباما غير متحمس لتطوير العلاقات مع مصر، خاصة فى المجال الاقتصادى ولا يريد أن يستثمر أى جهد فى هذا الصدد، وهدفه الحفاظ على العلاقات فى حدها الأدنى المرتبط بالتعاون والتسهيلات العسكرية. أى لا يمكن الاعتماد على الولايات المتحدة كسند اقتصادى طالما استمر أوباما فى البيت الأبيض. أما مساندة المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد فترتبط بحزمة المشروطية القاسية المعروفة عنها.

هذه التحديات الخارجية تقابلها فرصة داخلية كفيلة بانتشال مصر من عثرتها الاقتصادية. هذه الفرصة ترتبط بتطبيق الرؤية الاقتصادية التى أعلنها الرئيس السيسى فى منتدى دافوس فى يناير الماضى وطرح تفاصيلها بمؤتمر شرم الشيخ، وتقوم على دعم دور القطاع الخاص وتشجيع آليات الاقتصاد الحر، وخفض نسبة عجز الموازنة والدين العام لإجمالى الناتج المحلى، واتباع سياسة نقدية تلتزم بتخفيض معدلات التضخم، وتحسين بيئة الاستثمار واحترام التعاقدات مع المستثمرين، وتبنى هدف التنمية الشاملة التى تمس الفقير والغنى فى ذات الوقت.

هذه هى عناصر الرؤية الاقتصادية التى اعتمدها العالم للإصلاح، والتى افتقدناها فى السنوات الأربع الأخيرة، والتى أدى تطبيق بعض عناصرها فى الماضى إلى تخفيض العجز فى الموازنة والدين الخارجى، وارتفع معدلات النمو والاستثمارات والاحتياطى الأجنبى.

تمسكنا بهذه الرؤية الاقتصادية وعدم التراجع عنها هو الكفيل بتحقيق التنمية حتى لو توقفت المساعدات الخارجية.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية