بعد أن ظلت الأقلية العربية في إسرائيل على هامش المشهد السياسي طوال الستين عاما الماضية تأمل الآن أن تكتسب قوة تحتاجها بشدة في الانتخابات البرلمانية، التي تجري الأسبوع المقبلة، وتخوضها أربعة أحزاب عربية تحت راية واحدة لأول مرة.
وأظهرت عمليات المسح أن القائمة العربية الموحدة قد تجيء في المركز الثالث في الانتخابات، ويصبح لها دور فاعل في تشكيل الائتلافات الحكومية، التي تهيمن على السياسة الإسرائيلية، التي لم تشهد احتكار حزب واحد للأغلبية في البرلمان.
ويعتبر عدد كبير من عرب إسرائيل، الذين يشكلون 20 % من عدد السكان الذي يبلغ ثمانية ملايين نسمة، هذا التوحد الجديد خطوة كبيرة على طريق محاربة التمييز وكسب الاعتراف، ورغم أن لفلسطيني الداخل حقوقا كاملة متساوية يقولون إنه في كثير من الأحيان يعاملون كمواطنين من الدرجة الثانية.
وقالت ميرنا برانسي (24 عاما)، وهي طالبة من الناصرة: «ننتظر هذا منذ عقود، سيكون لدينا الآن سلطة أكبر حتى نحدث فرقا».
وفلسطينو الداخل هم من بقوا في البلاد خلال نكبة 1948، التي فر خلالها أو أجبر على الرحيل مئات الآلاف من الفلسطينيين لينتهي بهم الأمر في الأردن ولبنان وسوريا وغزة والضفة الغربية والقدس الشرقية.
ومن بقوا يشكون طويلا من تدني الخدمات ومخصصات غير عادلة في التعليم والصحة والإسكان. ويعيش أكثر من نصف فلسطيني الداخل تحت خط الفقر.
وانتشرت في أم الفحم، البلدة التي يعيش فيها 48 ألفا من فلسطيني الداخل، التي تقع قرب الحدود الشمالية للضفة الغربية، اللافتات التي تدعو السكان للتصويت للقائمة العربية الموحدة على طول الطرق الصاعدة إلى التلال.
وعلق عند مدخل البلدة راية الحزب ذات اللونين الأزرق والرمادي، وكتب عليها «هم واحد..صوت واحد»، على مقربة تطل مأذنة مسجد على علامة «ماكدونالدز» التجارية، وعلى نصب أقيم في ذكرى استشهاد 13 شابا قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي، في 2000، خلال مظاهرة تضامن مع الانتفاضة الفلسطينية.
وقالت ختام محاميد (46 عاما) إنها لم تدل قط بصوتها في الانتخابات لكنها ستفعل هذه المرة، وقالت: «الحياة تزداد سوءا للعرب هنا، إذا ذهبنا لصناديق الاقتراع بأعداد كبيرة سنحصل على ما هو أكثر».
الوحدة قوة
لم تشارك أحزاب عربية قط في أي حكومة اسرائيلية ولم تسع للمشاركة، وهذا لن يتغير الآن على الأرجح، لكن القائمة العربية الموحدة يمكن أن تلعب دورا كبيرا بعد فرز الأصوات.
وتحصل الأحزاب العربية عادة على نحو 11 مقعدا في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) المكون من 120 مقعدا. وتشير استطلاعات الرأي إلى أنهم كقائمة موحدة يمكن أن يحصلوا على 13 مقعدا، بينما ترتفع توقعاتهم الداخلية إلى 15 مقعدا، وهو ما يضعهم بوضوح في المركز الثالث.
وفي النظام الانتخابي البرلماني الإسرائيلي يختار الناخبون أحزابا لا أفرادا، وزعيم الحزب الذي له أكبر عدد من الحلفاء السياسيين هو الذي يفوز عادة بتفويض رئاسي لتشكيل الحكومة.
ولمح رئيس القائمة العربية الموحدة، أيمن عودة، إلى أن القائمة قد تساند إسحق هرتزوج، الذي يسير حزبه «المعسكر الصهيوني»، وهو يسار وسط كتفا بكتف مع حزب ليكود الذي يتزعمه بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي اليمني قبل الانتخابات، التي تجري، في 17 مارس، وفي مثل هذه المنافسة المحتدمة كل مقعد يصبح له قيمة، وقال عودة: «نريد لهذه الحكومة التي قادتنا جميعا يهودا وعربا إلى طريق مسدود ألا تستمر. لكننا في الوقت نفسه لسنا في جيب هرتزوج».
تهدئة الأجواء
بعض شركاء عودة قد لا يوصون على الأرجح بأي مرشح لرئاسة الوزراء، لكن إذا حصل هرتزوج على المنصب يمكن أن تعطيه القائمة العربية الموحدة دعما ضروريا من الخارج، وحدث هذا من قبل حين أيد النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي رئيس الوزراء الراحل، إسحق رابين، الذي أبرم اتفاقا مع الفلسطينيين، في 1993.
وقال عودة: «كانت لدينا صيغة ناجحة في التسعينات مع حكومة رابين»، مشيرا إلى رغبته في التوصل إلى ترتيب مماثل، واستطرد قائلا: «وحدنا المهمشين والمهددين ونسعى لشراكة مع اليهود أيضا».
وفي انتخابات 2013، بلغت نسبة مشاركة عرب إسرائيل 57 %، أي أقل من متوسط المشاركة العامة التي بلغت 68 %.
وتوقعت تمار هيرمان من المعهد الإسرائيلي الديمقراطي زيادة الأعداد.
ويشكل عرب إسرائيل 15 % ممن يحق لهم التصويت وهو ما يعني أن إمكاناتهم الانتخابية يمكن أن تضمن لهم 18 مقعدا، لكن البعض يصوت لأحزاب غير عربية.
وفي تغير سياسي محتمل -وهو ما بدأت استطلاعات الرأي تتوقعه الآن، وانتهت الانتخابات بالتعادل بين هرتزوج ونتنياهو وشكلا معا «ائتلافا كبيرا» ستمتنع قائمة عودة عن تأييد الحكومة لتصبح المعارضة الرسمية في البلاد وهي سابقة بالنسبة لحزب عربي في تاريخ إسرائيل.
ولا يعرف عودة (40 عاما) على نطاق واسع خارج مجتمع عرب إسرائيل، لكن سلطت عليه الأضواء خلال مناظرة تلفزيونية ظل فيها رابط الجأش حين اتهمه وزير الخارجية من أقصى اليمين أفيجدور ليبرمان بتمثيل «منظمات إرهابية» في الكنيست.
ورد عودة قائلا إن «السلام أصبح كلمة قذرة في هذه الحملة الانتخابية»، وإنه يخشى أن «تصبح كلمة الديمقراطية أيضا كلمة قذرة في الانتخابات القادمة بسبب هذا الرجل».