بذلت مصر جهودًا كبيرة لتحسين وضع المرأة خلال 20 عامًا تلت إقرار «إعلان بكين» عام 1995، من خلال اتخاذ عدة إجراءات استهدفت تمكين المرأة في مختلف المجالات والقضاء على مظاهر التمييز ضدها، وكان أبرزها إنشاء «المجلس القومى للمرأة» عام 2000، كآلية وطنية تتبع رئيس الجمهورية، وتقوم باقتراح السياسات العامة للنهوض بالمرأة ووضع خطط تنفيذها ومتابعتها، لكن لا تزال هناك عدة تحديات تجعل المساواة بين الجنسين عملية غير مكتملة.
فمشكلة الأمية تظل عائقًا يحول دون تمكين المرأة ومنحها حقها في التعليم، وعلى الرغم من الانخفاض الطفيف في نسبة عدم الإلمام بأسس القراءة والكتابة بين الإناث من 38.3% عام 2007، إلى 32.5% عام 2012، عاودت النسبة الارتفاع إلى 33.5% عام 2013، بحسب إحصاءات نشرها «المجلس القوى للمرأة» في تقرير بعنوان «وضع الرجل والمرأة في مصر- 2014».
وأشارت التقديرات إلى ارتفاع نسب تسرب الإناث من التعليم الابتدائى من 0.3% إلى 0.5%، وفى المرحلة الإعدادية من 2.7% إلى 5.8% خلال الفترة من 2004 إلى 2014، بينما انخفضت نسبة القيد بمرحلة التعليم الثانوى للإناث إلى 66.8% في العام الدراسى 2012/2013.
ولاتزال نسبة الفقر في مصر، التي تبلغ 26.3% وفقًا لتقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء لعام 2013، تمثل تحديًا كبيرًا أمام عمليات التنمية، الأمر الذي ينعكس سلبًا بالضرورة على أوضاع المرأة، في وقت تسعى فيه الدولة للوفاء بهدف تخفيف حدة الفقر إلى 6% بحلول عام 2022. وفى مواجهة هذه المشكلة، أعدّ «المجلس القومى للمرأة» عدة مشروعات لمساعدة النساء في مواجهة الفقر، من بينها «مشروع المرأة المعيلة»، و«برنامج المرأة الريفية» و«مشروع المنح الصغيرة».
وعلى الصعيد الصحى، شهد وضع المرأة المصرية تحسناً، إذ أفاد تقرير أعده «القومى للمرأة» بمناسبة مرور 20 عامًا على إعلان بكين، وحمل عنوان «التقرير الوطنى لجمهورية مصر العربية- بكين 20» بأن عدد وفيات الأمهات انخفض بنسبة 68% عما كان عليه عام 1992، إذ كان يبلغ 174 حالة وفاة من كل 100ألف حالة ولادة، وانخفض إلى 55 حالة لكل 100 ألف عام 2008. وانخفضت نسبة إصابة الإناث بالأمراض المنقولة جنسياً عام 2012 إلى 17.7% مقارنة بـ23.5% عام 2011، فيما نجحت مصر في القضاء على مرض الملاريا منذ عام 1998.
ومازال العنف يشكل تحديًا رئيسيًا يحول دون مشاركة المرأة في بناء المجتمع وتحقيق هدف المساواة، إذ قدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، في تقرير لعام 2014، أن 91% من النساء في الريف تعرضن للختان، مقابل 85% في الحضر. كما أظهرت «دراسة طرق وأساليب القضاء على التحرش الجنسى في مصر»، التي أعدتها هيئة الأمم المتحدة في مصر، بالتعاون مع معهد التخطيط القومى، عام 2013، أن 99.3%، من أصل عينة ضمت 2332 امرأة وفتاة، تعرضن للتحرش على اختلاف أنواعه. من ناحيته، أعدّ «القومى للمرأة» مشروع قانون متكامل للتصدى لجميع أشكال العنف ضد المرأة ومن المُنتظر عرضه على البرلمان المقبل فور تشكيله.
واقتصاديًا، بلغت نسبة مشاركة النساء في قوة العمل 23.4% عام 2013، لكن معدل البطالة بين الإناث يزيد عنه بين للذكور، ليصل إلى 24.8% مقابل 9.8%، بسبب الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد بعد ثورة 25 يناير 2011، وفقا لـ«المركزى للتعبئة والإحصاء» في تقريره لعام 2014.
كما أن أكثر من 26.4% من الإناث يعملن لدى الأسرة بدون أجر، فيما تنخفض نسبة النساء أصحاب الأعمال إلى 1.6%، وفقًا لتقرير «القومى للمرأة» لعام 2014.
وعلى الرغم من الدور الفعال للمرأة في ثورة يناير 2011، فإنها حققت تواجدًا هامشيًا في الانتخابات البرلمانية التي تلت الثورة، حيث لم تتجاوز نسبة وجودها كنائبة في برلمان 2012 الـ 2%. كما أن الدستور الجديد لم يخصص للمرأة حصة «كوتا» في البرلمان، في حين حدد لها رُبع مقاعد المجالس المحلية فقط، لكن نسبة المقيدات في الجداول الانتخابية زادت بمقدار الضعف خلال الفترة من 1986 إلى 2000، حتى وصلت إلى 48% عام 2012، بما يزيد على 23 مليون ناخبة، وشهدت لجان الاقتراع في الفترة التالية لثورة 25 يناير إقبالاً غير مسبوق على التصويت من قبل النساء.
وفيما يتعلق بشغل الوظائف الإدارة العليا، ارتفعت نسبة الإناث إلى 36.3% عام 2013، وتضم الحكومة المصرية الحالية 5 وزيرات من أصل 36 وزيرًا، بينهن وزيرتا دولة. كما ارتفعت نسبة تمثيل الإناث في وظائف السلك الدبلوماسى والقنصلى إلى 22.5% عام 2012. لكن نسبة حضور المرأة في السلك القضائى تبقى ضعيفة للغاية، حيث لم تتعد 0.4% عام 2012، ولاتزال النساء بعيدات عن تولى مناصب مثل رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والمحافظ، كما أن الباب لايزال مغلقًا أمام وصول المرأة إلى منصة قضاء مجلس الدولة أو تولى مناصب في النيابة العامة.
ومع ذلك، فإن دستور 2014 منح وضعية مميزة للمرأة، حيث تضمن ما يقرب من 20 مادة تمس المرأة بشكل مباشر، وعلى رأسها «تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية»، وإعطاء المرأة حقها فـى تولى الوظـائف العامة ووظـائف الإدارة العليـا فـى الدولـة دون تمييز ضدها، فضلًا عن حمايتها من جميـع أشـكال العنـف.
ورغم إصدار قانون الطفل عام 2008، الذي تم بموجبه تعديل قـانون الأحـوال المدنيـة، وتجـريم توثيـق عقـد الـزواج قبل سن 18 عامًا، بلغت نسبة الزواج المبكر في مصر 17%، وفقًا لتقرير «المجلس القومى للسكان» لعام 2014.