قال المحلل الاقتصادي وائل زيادة إن الحلول المطروحة لسعر الصرف لا تزال تعالج العرض لا المرض نفسه، ألا وهو عدم واقعية سعر الصرف والتمدد الكبير في السوق الموازية بالتبعية، مشيرًا إلى أن إجراءً مثل تحديد حجم الايدعات الدولارية لعشرة آلاف دولار في اليوم أو خمسين ألفًا كحد اقصي شهريًا جعل الكثيرين في دهشه، لأنه أربك السوقين معًا، أي الرسمي والموازي للدولار، دون أن يقدم إضافة على طريق الحل الجذري للمشكلة.
وأضاف «زيادة»، وهو مدير للبحوث في احدى المؤسسات المالية، أن حالنا في هذا المجال يشبه ذلك الذي كلما قاس درجة الحرارة ووجدها 38 قام بكسر الترمومتر واستعمل آخر ناسيًا أن المشكلة ليست في الترمومتر.
واشار «زيادة» إلى أن «المعضلة تكمن في السياسة النقدية وليس الوضع الاقتصادي، حيث إن بلدنا في النهاية كما قال محافظ البنك المركزي نفسه لديها ما يكفيها من الدولارات، غير ان المتاح لدي البنك المركزي والبنوك لا يكفي بالمرة لفتح الاعتمادات وتدبير العملة المطلوبة لأغراض السفر والعلاج والتعليم الخ، ومن هنا تلجأ المؤسسات إلى السوق الموازية».
وأوضح «زيادة» أن الكلام الرسمي بوجود 85%من الدولارات خارج الجهاز المصرفي «يجعلنا نتساءل لماذا زادت هذه النسبة في هذا الوقت؟ وماذا كانت عليه في السنوات السابقة؟»، مضيفًا أن «من عدم المنطقية اختزال أمر السوق الموازية في القول بان الإخوان هم الذين يقفون وراءها، حيث لا فرد ولا مجموعة أقوي من السوق، والدليل على ذلك أن الإخوان لم يستطيعوا مثلًا توقيع البورصة رغم أنهم يودون لو استطاعوا».
ودعا إلى إطلاق يد السوق في سعر العملة تمامًا، رغم أن الدولار قد يصل إلى 9 أو حتى 9.5 جنيه، لكن بعد فترة سيتوازن السوق ويتكبد المضاربون خسائر مميتة وتختفي الأزمة.
وحول سؤال عن كيفية مواجهة المرحلة الانتقالية ما بين التحرير الكامل للدولار واستقرار سعر الدولار بعد فترة، أجاب «زيادة»: «أعرف أنها فترة صعبة ولكنها ستكون علاجًا ناجعًا لمرض طالما تواجد في الحياة الاقتصادية المصرية، ويحتاج الأمر يالتأكيد لشجاعة استثنائية لتوضيح الأمر للجمهور ومقاومة الابتزازات التي قد تقال من قبيل أن رامز يقتل الجنيه أو السيسي يدمر الجنيه».
وأوضح «زيادة» أيضًا أنه لا يوافق على حل السعرين بمعني سعر صرف للسلع والمستلزمات التي تستوردها الدولة لأغراض اجتماعية وآخر لواردات القطاع الخاص، قائلًا إن هذا الحل هو معادلة صفرية وهو مجرد تجميل للموازنة، لكنه لا يؤثر على الحصيلة الدولارية.
وقال «زيادة» إنه يتفهم أن تنتظر الحكومة إلى أن تزيد مواردها من النقد الأجنبي وتقوم بعملية التحرير تلك وتلبي كل الطلبات «فالمهم أن تكون هناك رؤية مستقبلية واضحة في السياسات».
وعن التضخم، والذي يفترض أن البنك المركزي يستهدف كبحه واحتمال أن يؤدى تحرير سعر الصرف إلى انفلاته، قال «زيادة» إن «صعود الدولار عند تحرير سعر الصرف لن يستمر طويلاً كما أنه في كل الحالات لا يمكن تحرير سعر العملة دون بناء شبكات أقوى لضمان الاجتماعي ولحماية محدودى الدخل من الآثار التضخمية، وأيضًا دون القضاء على الاحتكارات والتشوهات في التجارة الداخلية».
وأكد زيادة أنه لا يوافق مطلقًا على من يقولون إن خفض سعر الصرف سيزيد الصادرات أو السياحة «فصادراتنا محدودة القدرة أصلًا على المنافسة، والقيمة المضافة فيها ضعيفة، ولن تضيف إليها تنافسية العملة ميزة تذكر، كما أن القادم إلى مصر للسياحة لا يجيء لأن عملتنا تنافسية أو أن مستوى خدماتنا السياحية تنافسي، وإنما يجيء لعوامل خارج ذلك، وفي كل الحالات فإن سعر الغرفة في مصر لم يصل حتي هذه اللحظة إلى نفس مستوي السعر الحقيقي في عام 1997، الذي حدثت فيه كارثة أو مذبحة معبد الدير البحري في الأقصر.