وجهت القوات المسلحة المصرية، فجر الإثنين، ضربة جوية مركزة ضد معسكرات ومناطق تمركز وتدريب ومخازن أسلحة وذخائر تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» في مدينة درنة الليبية، ردًا على ذبح التنظيم لـ21 مصريًا.
درنة مدينة جبلية تقع على ساحل البحر المتوسط شمالي شرق ليبيا على خط طول 32.45، وخط عرض 22.40، يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر، ويفصلها عن الحدود الغربية لمصر 200 كيلو متر، كما تبعد 200 ميل عن الشواطئ الجنوبية لأوروبا.
وشهدت المدينة مولد القديس مرقس، أحد الرسل السبعين للمسيح، كما كانت الموطن الأول في قارة إفريقيا للدعوة إلى النصرانية.
في نوفمبر 2014، سيطر «داعش» على مدينة درنة، وتم رفع رايات التنظيم السوداء فوق الأبنية الحكومية، وجرى استخدام ملعب كرة القدم في المدينة كساحة لتنفيذ الإعدامات.
وبحسب شبكة «سي إن إن»، فإن عدد مقاتلي التنظيم في المدينة الليبية يبلغ 800 مقاتل، يديرون 6 مخيمات بأطراف المدينة، ويجرى تدريب عناصر من مختلف دول شمال إفريقيا بها، كما أعلن عدد من المسلحين مبايعتهم للتنظيم.
ونقلت الشبكة عن ويري آرون زيلين، الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط، أن الفرع التابع لـ«داعش» في ليبيا سيتمكن من البقاء فترة على الأقل في المدى القريب، لأن مقاتلي التنظيم يستطيعون توفير مصادر التمويل اللازمة من خلال التهريب والاتجار وغيرهما من الأنشطة الإجرامية في السوق السوداء.
واستهدف التنظيم الإرهابي منذ سيطرته على درنة العديد من المعارضين، الكثير منهم ساسة ومحامون وصحفيون وعناصر في الجيش الليبي، وحتى مواطنون أبدوا اعتراضهم على النهج الذي يسلكه التنظيم، بجانب فصل الطلاب الذكور عن الإناث، ومنع المحال من عرض الملابس على التماثيل النسائية.
وقبل ثورة «17 فبراير» التي أطاحت بالرئيس معمر القذافي، كانت درنة تزخر بعدد من الأسواق والمراكز الترفيهية والسياحية، ما جعلها مزارًا جذابًا للسائحين الوافدين إلى ليبيا، إلا أنها تحولت لـ«فوضى» بسبب الجماعات الإرهابية.
وبحسب مراقبين، فإن درنة شكلت منذ سنوات مرتعًا ومنطلقًا لمقاتلي الجماعات الجهادية المتشددة، الذين استفادوا من التضاريس الجبلية الوعرة، وحولوا ليبيا إلى مستنقع من الفوضى والاحتراب والقتل والدمار، خاصة بعد عودة 800 جهادي كانوا ضمن كتيبة البتار في مدينة دير الزور السورية.
وجرى تخطيط «داعش» للسيطرة على درنة في أغسطس، من خلال كسب ولاء التنظيمات المُعارضة لـ«القاعدة»، مثل «مجلس شورى شباب الإسلام»، الذي أعلن عن إنشائه 4 إبريل 2014 خلال عرض عسكري.
«شباب الإسلام» نجح في ضم المقاتلين المنشقين عن «أنصار الشريعة» الموالي لتنظيم «القاعدة»، واستطاع أن يحظى بأهمية في درنة خلال 6 أشهر، بعدما أجرى دوريات أمنية في أجزاء من درنة، وسيطر على مستشفى «الهريش».
في سبتمبر 2014، أرسل «داعش» 15 ممثلًا له إلى درنة، للحصول على مبايعة «مجلس شورى شباب الإسلام»، وتم ذلك بالفعل في أكتوبر أمام المواطنين خلال صلاة الجمعة.
ومازال «داعش» يواجه مجموعة من أعدائه في درنة، وهم الموالون لـ«القاعدة»، مثل كتيبة «شهداء بوسليم» التي رفضت مبايعة التنظيم، و«أنصار الشريعة»، أحد التنظيمات القوية في المنطقة، بجانب قوات اللواء خليفة حفتر، التي تدعمها عدة دول عربية من بينها مصر، والإمارات، والسعودية.