x

القطاع الطبى فى شمال سيناء: «طوارئ لا تنتهى»

الخميس 12-02-2015 22:37 | كتب: وائل ممدوح, محمد البحراوي, أحمد أبو دراع |
مستشفى العريش العام بشمال سيناء، 31 يناير 2015. مستشفى العريش العام بشمال سيناء، 31 يناير 2015. تصوير : علاء القمحاوي

فى سيناء حالة الحرب تفرض نفسها على كل الأجواء والمصالح الحكومية، الكل يكيف نفسه طبقاً للوضع الأمنى المتوتر، والجميع على أهبة الاستعداد للتعامل مع «المواقف الطارئة» التى لم تعد طارئة بالنسبة للعاملين فى سيناء بل «أمر واقع» فرض نفسه طوال الوقت.

يعد القطاع الطبى فى شمال سيناء من أهم المصالح الحيوية المرتبطة بتنفيذ عمليات عسكرية ضد إرهابيين، أو هجمات من هؤلاء على رجال الجيش والشرطة والمدنيين.

فى مدينة العريش، حيث عاصمة محافظة شمال سيناء يقع المستشفى المركزى. هو صرح طبى مختلف تماماً عن الصورة الذهنية للمستشفيات الحكومية. النظافة والنظام وسرعة الاستجابة هى ما يميز الطواقم الطبية. الدكتور سامى أنور، مدير المستشفى، يكشف أن الأحداث الإرهابية الأخيرة فى المحافظة، والتى استهدفت مقار أمنية من بينها الكتيبة 101، دفعت عددا من رجال الأعمال ومؤسسات المجتمع المدنى لتقديم مساعدات فى تنمية القطاع الصحى فى شمال سيناء. واحد من هؤلاء الدكتور عادل قاسم، الأستاذ بكلية التجارة جامعة قناة السويس، صاحب مبادرة «شعاع الخير»، الذى اتصل بى وسألنى: إنت عايز إيه؟ وعرضت عليه مطالبنا المتمثلة فى بعض المستلزمات الطبية، وفى الساعة 8 صباحاً وجدته فى مكتبى ومعه بعض المستلزمات الطبية التى لم تستطع الشركات أن تحضرها وكان وجودها فى المستشفى حلما، وقام بالمرور على أقسام المستشفى، خصوصاً قسم علاج الأطفال، وقسم وحدة المناظير والعناية المركزة، ووجد الأطباء يلقون محاضرات لأطقم التمريض، وأعجب كثيراً بالإمكانيات الموجودة بالمستشفى، وسألنا عن مشاكلنا، فشرحنا له أن الدولة أنشأت مستشفى جديدا بأجهزة أحدث لا تتوفر بمستشفيات خاصة كبيرة، لكن المستشفى يحتاج أطباء وطواقم تمريض مدربة وتتمتع بالكفاءة.

«بدل جذب العمالة» عبارة عن حافز مالى تمنحه وزارة الصحة للأطباء من خارج سيناء إذا وافقوا على العمل فى المحافظة، باعتبارها من المناطق البعيدة عن الوادى والعاصمة، وعلى الرغم من منطق التحفيز، إلا أنه تسبب فى أزمة لدى الأطباء المقيمين فى سيناء أنفسهم قبل تدخل مجلس الوزراء. يقول الدكتور سامى أنور: «بدل الجذب يعطى للطبيب الوافد مميزات أكبر من زميله المقيم هنا، ولا مانع من تمييز الوافد فى أشياء أخرى مثل بدل السكن ونوعية الخدمة التى يؤديها، ما يحصل عليه الطبيب أو الممرض الوافد فى يومين أحصل عليه كمدير للمستشفى فى شهر كامل، وتم حل هذه المشكلة بقرار رئيس الوزراء منذ أسبوع بصرف بدل جذب لكل الأطباء سواء المقيمين أو الوافدين فى سيناء وتساوت الرؤوس».

يقول أنور: «الأحداث الصعبة أظهرت معدنًا أصيلًا لدى الشباب، حين تقدم 100 طبيب للعمل فى سيناء بعد الحادث الإرهابى الأخير، فقط ننتظر تنفيذ طلبهم لكى يعمل هذا المبنى العملاق بكامل طاقته. نحتاج بشدة كوادر طبية فى قسم التخدير، لدينا 7 غرف عمليات تحتاج 7 أطباء تخدير لدينا منهم 2 فقط، وكذلك العناية المركزة سيصبح لدينا 35 سريرا ونحتاج مضاعفة عدد نواب الرعاية، ونحتاج 5 نواب و5 إخصائيين، لكى تكتمل المنظومة. وأطباء المخ والأعصاب هيمشوا بعد شهرين، وعملنا بروتوكول تعاون مع مستشفى قصر العينى فى سبتمبر الماضى، وأطباؤنا يجرون جراحات متميزة مثل اختناق العمود الفقرى التى نجريها مجانًا خدمة لأهالى سيناء، فى حين أنها تتكلف 25 ألف جنيه على الأقل فى أى مستشفى خاص. فقط تذكرة دخول بـ5 أو 10 جنيهات وغير القادر لا يدفعها، وفى المبنى الجديد هنعمل قسم بفلوس للقادرين عشان نصرف على المستشفى وندعمه». عن الأدوية، يقول مدير مستشفى العريش المركزى: «لا تواجهنا فيها مشكلة. الأزمة فقط فى المستلزمات الطبية المساعدة لأن بعض الشركات غير قادرة على الوصول إلى سيناء بسبب الوضع الأمنى، بالإضافة إلى تأخر وزارة الصحة فى طرح مناقصة لهذه المستلزمات».

يقول الدكتور سامى أنور «مستشفى العريش عليه ضغط كبير لأن مستشفيات الشيخ زويد ورفح ليس فيها أطباء بالعدد الكافى. فى الحادث الإرهابى الأخير جاءت لنا إصابات بسيطة من مدنيين، وجراحات مخ وأعصاب أجريناها لعسكريين. بطبيعة الحال نحن فى منطقة ملتهبة والمستشفى دائماً فى حالة طوارئ، ولذلك نسميه (مستشفى طوارئ)، وده علّمنا التعامل مع الأزمات، ومنذ أيام جاء لنا 77 حالة تسمم بغاز الكلور، وبعد ساعتين كأن شيئا لم يكن بعد نجاح التعامل مع كل الإصابات نفسياً وطبياً».

عن طبيعة العمل فى سيناء، يقول أنور: «أهالى سيناء يتميزون بالتعاون، لدرجة أننا نعانى من مشكلة التبرع الكثيف بالدم. الناس هنا بتعمل خناقات عايزين يتبرعوا بالدم رغم إننا مش عايزين خلاص، لا مشكلة فى الدم حتى الفصائل النادرة موجودة، فى عملية كرم القواديس ذهبنا إلى المستشفى العسكرى بفريق طبى كامل وخدنا معانا أكياس دم».

داخل المستشفى كان العمل يجرى بسرعة شديدة حتى فى حالة عدم وجود ضحايا للعمليات، أطباء وممرضون وفنيون على كل السلالم وفى الحجرات يتابعون المرضى. فى الطابق العلوى توجد وحدة الغسيل الكلوى، حيث النظافة الفائقة، ممرضون وأطباء ملتزمون بالزى الرسمى للعمل. فى الغرف المكيفة توجد أجهزة الغسيل، على كل سرير مريض بالفشل الكلوى. يقول أحد المرضى، وافق على ذكر اسمه الأول «ربيع»: «أنا من محافظة الشرقية وأقيم بالعريش مع أسرتى بسبب عملى موظفا فى شركة الكهرباء، أزور المستشفى 3 مرات أسبوعياً لإجراء الغسيل الكلوى، والخدمة هنا بالفعل مميزة للغاية وكل الخدمات مجاناً، والممرضون والأطباء يمدون لنا يد العون باستمرار».

يختلف الحال فى مستشفيات الشيخ زويد ورفح عن نظائرها فى العريش. يعانى المستشفى الرئيسى فى الشيخ زويد من عجز شديد فى الأطباء، يقول الدكتور محمود الجابرى، مدير المستشفى: «نسعى لحل أزمة العجز الشديد فى الأطباء عن طريق الاستعانة بأطباء تخدير وهو تخصص به عجز كبير فى سيناء، وكذلك الرعاية الحرجة، بالإضافة إلى أطباء القوافل التى تنظمها وزارة الصحة من وقت لآخر، والوضع الأمنى هنا يقف عائقًا كبيرًا أمام توفير أطباء فى المستشفى، كثير منهم يرفضون الحضور بسبب خطورة الوضع الأمنى، تصل إلينا كثير من الجثث من جميع الأطراف نضعها فى ثلاجة المستشفى التى تتسع لـ16 جثة، لدينا عجز فى (البنج) وأطباء التخدير».

يضيف الجابرى: «غالبية المستلزمات والأدوية موجودة بشكل كبير، إلا أن العنصر البشرى هو العائق الوحيد أمام تقديم خدمة طبية مميزة للمواطنين، وستتم إحالتى للمعاش فى ديسمبر القادم لبلوغى سن المعاش، ولا يوجد بالمستشفى أى كادر مدرب يستطيع إدارته وتسيير الأمور به».

أما فى رفح، حيث الحدود مع قطاع غزة، فالوضع أكثر خطورة، مستشفى مركزى فى قلب بؤرة عمليات عسكرية وأخرى إرهابية توقع الكثير من الضحايا، وفى ظل هذه الأحداث تبلغ القوة البشرية للمستشفى 5 أطباء فقط - حسب حديث الدكتور خالد عبدالنبى، مدير المستشفى.

يقول عبدالنبى: «لدينا 3 سيارت إسعاف فى مدينة رفح، تمت مطاردة واحدة منها بعد خروجها من المستشفى هنا إلى العريش، حيث كانت تقل جندياً مصاباً، وبعد هذا الحادث قرر السائقون والمسعفون عدم العمل لمدة أسبوع حتى يتغير الموقف وتتوفر لهم الحماية الممكنة ليتمكنوا من ممارسة عملهم على أكمل وجه. أما الأدوية والمستلزمات الطبية فهى متوفرة للغاية، وجار إنشاء مستشفى رفح المركزى الجديد بطاقة 82 سريرا وتكلفة المستشفى 100 مليون جنيه، وتنفذ المشروع الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، وهنا فى المناطق الحدودية يزيد راتب الطبيب بشكل كبير، حيث أحصل كمدير للمستشفى على 12 ألف جنيه، والطبيب الذى مازال فى مرحلة التكليف بعد تخرجه يحصل على راتب يتراوح بين 1500 و1800 جنيه».

وكيل «الصحة»: نجحنا في تطوير مستشفى «الأكشاك الخشبية»
طارق خاطر وكيل وزارة الصحة في شمال سيناء

قال الدكتور طارق خاطر، وكيل وزارة الصحة فى شمال سيناء، إن المحافظة تعانى عجزا كبيرا فى الكوادر الطبية من مختلف التخصصات. وأكد أن جميع العاملين فى القطاع الطبى بسيناء فى حالة طوارئ دائمة منذ 2011، بسبب الوضع الأمنى والظروف الخاصة للمحافظة. مشيراً إلى أن ذلك لم يمنعهم من أداء واجبهم المهنى والإنسانى فى علاج جميع الحالات، التى تحتاج رعاية صحية دون تمييز. بالمزيد

رئيس «الإسعاف»: ننقل المرضى إلى منازلهم خلال الحظر
محمود عامر مدير مرفق الإسعاف في شمال سيناء

قال الدكتور محمود عامر، مدير مرفق الإسعاف فى شمال سيناء، إن الوضع فى سيناء يفرض على رجال الإسعاف اللجوء إلى إجراءات واحتياطات خاصة لضمان أداء دورهم، الذى وصفه بـ«المهنى والإنسانى»، على أكمل وجه، مشيراً إلى أن الوضع الأمنى الحالى فى المحافظة يستدعى خططاً وإجراءات غير اعتيادية، وأوضح أن هيئة الإسعاف تعمل بكامل طاقتها على مدار الأربع وعشرين ساعة، من خلال شبكة متكاملة من نقاط الإسعاف الموزعة على كل أنحاء المحافظة. بالمزيد

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية