قال مرصد التكفير التابع لدار الإفتاء المصرية، إن التنظيمات الإرهابية حوّلت قضية تجنيد الأطفال إلى قضية استراتيجية لترويض جيل قادم يحمل أيديولوجيته المتطرفة والإرهابية لضمان ديمومتها لسنوات وربما لعقود قادمة، حيث تبذل التنظيمات جهودًا مضنية في سبيل ذلك، وتقوم بنشر الكثير من الصور ومقاطع فيديو لأطفال صغار يقاتلون في صفوفها ويطلقون النار على أشخاص أو يتدربون حاملين رشاشات في أشرطتها الدعائية.
وأوضح المرصد في تقريره الـ12 الذي يرصد فيه انتهاكات التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في حق الأطفال، أنه اعتمد على دراسات تحليل مضمون لأكثر من 20 موقعًا إرهابيًا، وعلى رأسها موقع الشام نيوز وهو الموقع الرسمي لتنظيم داعش ومواقع جبهة النصرة وأنصار الشريعة وكتائب الفرقان والذئاب المنفردة وأنصار بيت المقدس وغيرها من المواقع المنتشرة على شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وجاءت نتائج ما توصل إليه التقرير موافقًا لتقرير الأمم المتحدة الذي صدر مؤخرًا.
وأشار التقرير الذي نقله بيان لدار الإفتاء، الأحد، إلى أن التنظيمات الإرهابية تعمد إلى جذب الأطفال الأصغر سنًا إلى صفوفهم لكونهم الفئة الأكثر انصياعًا ولقابليتهم للسيطرة مستقبلا، كما كشف التقرير عن الوسائل والسبل التي تنتهجها التنظيمات الإرهابية لجذب الأطفال حيث نشرت التنظيمات الإرهابية على شبكة الإنترنت دليلًا إرشاديًا يشرح لأمهات التنظيمات المسلحة، إضافة إلى مؤيدات التنظيمات ممن لم ينضمن إليهم، كيفية تنشئة أطفالهن طبقًا لمبادئ وتعليمات التنظيمات التكفيرية.
كما أشار التقرير إلى أن التنظيمات المتطرفة تركز على واحدة من أهم خطوات تجنيد المراهقين ممن هم دون الـ18 وهي حالة النزعة الدينية المتوهجة لصغار السن، الذين عادة ما يكونون قد انخرطوا في تجربة تديّن حديثة، ممزوجة بروح التضحية ومشبعة بالفكر الجهادي، خاصة في ظل المواد الإعلامية التي تروجها التنظيمات الجهادية المتطرفة.
كما أوضح التقرير أن الأطفال خاصة في بداية مرحلة المراهقة يعدون صيدًا ثمينًا لجماعات التطرف بسبب حسن نواياهم واندفاعهم ورغبتهم الملحة في تغيير الأوضاع التي يعاني منها العالم الإسلامي، على حد زعمهم، ووفق الرؤية الساذجة التي يقدمها إعلام تلك الجماعات والتنظيمات لهؤلاء الأطفال، دون النظر للتعقيدات السياسية التي تحيط بالمناطق التي تشتعل فيها بؤر الصراعات والنزاعات.
وأكد التقرير أن التنظيمات التكفيرية تعمد إلى العزف على سردية الجهاد وما فيه من مفاخر وكيف كان الصحابة- رضوان الله عليهم أجمعين- يضحون بأنفسهم ويخوضون غمار الحروب نصرة للدين وإعلاء لكلمة الله عز وجل، موضحًا أن التنظيمات الإرهابية يخلطون الروايات التاريخية بعضها ببعض عن عمد حتى يجذبوا المزيد من المقاتلين الذين يقاتلون حمية دون وعي ولا فكر، زاعمين أن عددًا من الصحابة الذين شاركوا في القتال كانوا صغار السن.
كما رصد التقرير أهداف تنظيم منشقي القاعدة من وراء تجنيد الأطفال، حيث أن استخدام الأطفال يُحدث صدمة كبيرة، حين تسعى التنظيمات التكفيرية لزرع فكرة أنّها الجماعة الأكثر خطورة في العالم في سعي دؤوب من قادة هذه التنظيمات للسيطرة على عقول الشباب والصغار والعبث بها، كما أن استخدام الأطفال يوفر تقنية فعالة لهذه التنظيمات الإرهابية، التي تقوم بعملية غسل أدمغتهم وصب مبادئها القميئة فيهم ليخرج بعد ذلك جيل يكره العالم ويمقت سبل السلام.
وذكر التقرير أن هذه الجريمة التي يرتكبها التنظيم بحق الأطفال تساعده على جذب مزيد من المقاتلين الجدد عبر الإنترنت، من خلال الضجة الإعلامية التي يثيرها بنشر أشرطته الدموية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويرى فيهم وسيلة لضمان الولاء على المدى البعيد، حيث يتم تدريبهم منذ نعومة أظافرهم على الفكر التكفيري الدموي، فضلا عن حاجتهم لأشخاص يلتزمون بعقيدته من أجل المحافظة على الولاء لكياناتهم المزعومة.
وأشار إلى أن بعض التنظيمات الإرهابية يستخدمون الأطفال المعاقين ذهنيا كانتحاريين وكدروع بشرية، كما أكد تقرير للأمم المتحدة صدر مؤخرًا، أن بعض متشددي التنظيمات التكفيرية يقومون ببيع الأطفال المختطفين، وخاصة المنتمين للأقليات، كما يستخدمونهم في الاستعباد الجنسي ويقتلون آخرين، إما عن طريق الصلب أو الدفن على قيد الحياة.
وفي معرض رده على هذه الانتهاكات البشعة، أكد التقرير أن الإسلام اهتم بالطفل اهتمامًا كبيرًا فقد أقرت الشريعة الإسلامية جملة من المبادئ والأحكام تكفل بها صون الأطفال وحمايتهم أثناء الحروب والنزاعات المسلحة، ذلك تقريرًا منها على أن الطفولة حِمىً يجب أن يبتعد عنه المتقاتلون والمتحاربون ويحرم الاقتراب منه، وقد وضع جملة من المبادئ والقيم لحماية الأطفال أثناء الحروب والنزاعات المسلحة.