كشف فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، عن أن الحملة الشرسة المثارة ضد مناهج الأزهر وتراثه يقودها فريق من الكارهين للأزهر، وهى كراهية قديمة من أصحاب التيارات التي تتمنى أن ينقلب الشرق يومًا إلي جزء من الغرب يحاكي ثقافته وحضارته وقيمه التي لا يراعَى فيها دين ولا خلق.
وأضاف الدكتور الطيب، فى حديثه الأسبوعى للفضائية المصرية، والذي يذاع الجمعة: «هؤلاء لا يبكون كثيرًا ولا قليلًا علي الفروق العلمية والتكنولوجية والسلوكية بيننا وبينهم، ويعتبرون أن الأزهر هو العقبة الكؤود التي تقف في طريق تحقيق أحلامهم».
كما كشف الأمام الأكبر أن هناك فريقًا آخرَ يتشدد في التدين، ويرى أن الأزهر بوسطيته لا يحقق الصورة التي يحلم بها من طريقة التدين، وهي طريقة فَرضِ أمور علي الناس تنحصر في الشكليات لا أكثر ولا أقل، ولا يعنيهم العلم وتقدم المسلمين وقوتهم ولا اقتصادهم، ومن ثَم فإن الأزهر أمام فريقين، أحدهما مفرِط، وآخر مفَرِّط، وكِلاهما يجد أن الأزهر حجر عثرة في سبيل تحقيق أحلامه المريضة، لأن المتشدد لا يقل في أحلامه مرضًا عن المُتَمَيع الذي يريد أن يُميَع المجتمع، لافتًا إلى أن كِلَا الفريقينِ خطر على الإسلام وعلى وسطيته.
وشدد على أن الإسلام وسطي لا يحمل فكر هذا ولا ذاك، فهو ضمير الأمة الإسلامية قديمًا وحديثًا، شاء هؤلاء المتطرفون أو المُتميِّعون أم أبوا.
وأوضح أن الكارهين للأزهر من الفريقيْن لهم أبواق إعلامية، ولديهم دعم مادي رهيب لا يُتَصور، إذ الغرب ينفق علي التيار المتميِّع، وينفق في الوقت ذاته علي التيار المتشدد والمتطرف، وهذا يعد من العبث العالمي بالأمة الإسلامية، مشددًا على جهل الأبواق التي خرجت أخيرًا لتهاجم الأزهر وتراثه وتتهمه بأنه مصدر التطرف والإرهاب، واصفا هؤلاء بالجاهلين لا يعرفون ما يتحدثون فيه، مبينا أن الأزهر حفيظ علي العلم والثقافة، ويحث عليهما.
ونبه شيخ الأزهر على أن شعلة الحضارة في أوروبا انتقلت علي أيدي علماء المسلمين، وهي حضارة لا تعرف التطرف، ولو أنها حضارة متطرفة، وبها بذور التشدد، كما تصور الآن، ما نجحت هذا النجاح، فلا يمكن لجماعة متطرفة أن تعيش 1400 سنة، وتغير وجه الحياة، على نحو ما فعل ابن سينا وابن رُشد وابن حزم وجمع من عظماء الأمة ومفكريها، مضيفًا أن تراث الأزهر مظلوم من بعض الجهلة به، وأنه لا شك أن دعوة التخلي عن التراث دعوة في منتهى الخبث والخطورة، لأنه لا غنى عن هذا التراث الذي حفظ هذه الأمة وفكرها ووسطيتها، والأزهر هو الحارس على هذه الوسطية.
كما دعا فضيلة الإمام الأكبر في لقائه إلى استعادة الخطاب الديني الصحيح الذي تعلمناه من شيوخنا في الأزهر الشريف، مبينا أن تجديد الخطاب الديني يعني تغيير طريقة العرض والتفاعل، وأن الثوابت لا يمكن أن تتغير، مؤكدًا أن التاريخ لم يسجل- ولو مرة- أن الأزهر فيه طوائف متشددة قتلت الناس، «لأن الأزهر يدرس العلوم التي درسها شيخ الأزهر والتي كان يدرسها الشيخ محمد عبده وكبار علماء الأزهر، فهل كان محمد عبده إرهابيا؟!».
وشدد على أن الأزهر هو صمام أمان الوسطية، لأن تراثه تراث وسطي وأن المهاجمين للأزهر الآن لا يعرفون ولا يفهمون الكتب والمناهج الأزهرية، لأن فهمها يحتاج إلي تأهيل، وهم غير مؤهلين.
كما أكد شيخ الأزهر أن الكتب المقررة علي طلاب الأزهر لا تكفر مسلمًا ينطق بالشهادتين مهما فعل، واصفا ما يُشاهد عبر شاشات التليفزيون من إحياء للآراء الشاذة، وتكفير للمسلمين الأبرياء بأنه أمر كارثي وضرب لما استقر عليه جمهور المسلمين، وأن السبيل للخروج من هذه الكارثة هو تراث الأزهر، لأنه هو التراث الصحيح.