x

دراسات: حالة الطرق سبب رئيسي للحوادث.. و الهيئة: «حاسبوا سواقين النقل»

السبت 10-01-2015 18:46 | كتب: محمد طارق |
تصوير : محمد كمال

لم تدرك الحكومة حجم المشكلة سوى فى صباح 5 نوفمبر الماضى، حين استيقظ الناس على خبر حادث تصادم حافلة مدرسية بسيارة لنقل المواد البترولية على الطريق الزراعى بمحافظة البحيرة، أسفر عن تفحم جثة 19 تلميذاً كانوا فى طريقهم إلى المدرسة. اعترفت الحكومة وقتها على لسان رئيس وزرائها، إبراهيم محلب بأن: «الحادث لم يكن مفاجئاً للحكومة، هذه الحوادث تحدث كل يوم ولابد من مواجهة هذا الأمر من خلال قوانين تحد من حوادث الطرق».

حاولت حكومة محلب بعد حادث البحيرة تفادى ما رأته عقبة فى طريق الحد من حوادث الطرق، فاتخذت خطوات تنفيذية بتفعيل القرارات الصادرة بتعديل بعض أحكام قانون المرور، التى أصدرها الرئيس السيسى فى يوليو 2014، بتطبيق فئات جديدة من الغرامات، وبالتوازى أعلنت الحكومة تشكيل «المجلس القومى لسلامة الطرق».

يقول تقرير صادر فى أغسطس 2008 عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، إن حوادث السير على الطرق السريعة سببها عدم مواكبة عملية تطوير شبكة الطرق للزيادة الملحوظة فى أعداد المركبات، وعدم تطبيق المواصفات الفنية والقياسية على بعض الطرق.

وتتمثل أهم أسباب الحوادث بحسب التقرير فى السرعة الزائدة، وانفجار إطار السيارة، والتصادم، والتجاوز الخاطئ، وانقلاب السيارة، واختلال عجلة القيادة، وهى أكثر العوامل تسبباً فى وفيات حوادث السيارات فى مصر. بالإضافة إلى عدم تخصيص طريق لسيارات النقل التى تسببت فى حوالى 40% من إجمالى حوادث الطرق السريعة. وأوصى التقرير بإنشاء مجلس قومى لسلامة الطرق.

قدرت دراسة أعدتها هيئة «الجايكا» اليابانية مع وزارة النقل المصرية، أن حجم المنقولات من البضائع سيزداد فى مصر حتى عام 2027، إلى ضعف حجمه الحالى، وسيتطلب ذلك مضاعفة حجم أسطول الشاحنات تقريباً بنفس النسبة، حيث يجب أن يصل إلى نحو 2.5 مليون شاحنة، وإذا كانت الشاحنات تتسبب فى أكثر من 50% من الحوادث فإن زيادة أسطول الشاحنات سيضاعف من أعداد الحوادث.

تأخذ الشاحنات نصيب الأسد فى عملية نقل البضائع بنسبة 97%، فى حين أن السكة الحديد والنقل النهرى لا تتجاوز نسبة إسهامهما فى نقل البضائع أكثر من 3%، لذلك فإن العمل على تأمين الطرق ضد خطورة حركة الشاحنات هو أساس علاج المشكلة، وذلك طبقاً لدراسة أعدها الدكتور أسامة عقيل، أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة جامعة عين شمس.

تقول الدراسة إن 62 % من وفيات حوادث السير لقوا حتفهم فى حوادث اصطدام بشاحنات نقل. وتبلغ نسبة التصادم بسبب شاحنات النقل 40% من إجمالى حوادث السير سنوياً، بحسب تقارير صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، وترجع الدراسة أسباب ذلك لغياب قانون يحدد العدد الأقصى لساعات قيادة المركبات، حيث يقوم سائقو الشاحنات بالقيادة لأكثر من 14 ساعة يومياً، كما أن نسبة كبيرة من الشاحنات تحمل أكثر من الحد الأقصى للحمولة، مما يجعلها تحتاج مسافة أطول للتوقف بعد استخدام الفرامل، بالإضافة إلى تقادم حالة أسطول الشاحنات حيث يقدر العمر الافتراضى للشاحنات بين 15 سنة و25 سنة.

من ضمن أسباب حوادث السير على الطرق أيضاً طبقاً للدراسة افتقارها للمراقبة المرورية، مما يوحى للسائقين بعدم الاهتمام لأنهم غير مراقبين، بالإضافة إلى خلو مصر من إدارة تشغيل للطرق السريعة بين المدن، كما تتواجد أشجار وأعمدة إنارة على مسافة قريبة وغير آمنة من حافة الطريق دون وجود مخدات لامتصاص التصادم.

وتوصى الدراسة بإنشاء طرق منفصلة للشاحنات مع وضع قواعد لتنظيم حركة النقل بها، وإعداد هيئة لسائقيها تهدف إلى الاهتمام برفع مستواهم اجتماعياً وتدريبياً وصحياً، وإنشاء تحويلات لكل الطرق المخترقة للمدن والتجمعات العمرانية بحيث تمر الشاحنات خارجها، وكذلك التوسع فى ازدواج الطرق خاصة ذات الكثافات المرورية العالية، كما ترى الدراسة ضرورة زيادة وحدات الإسعاف الطبى على الطرق.

وتشهد مصر ما لا يقل عن 15 ألف حادث سنوياً، يتسبب فى وفاة ما بين 6 إلى 7 آلاف مواطن، بحسب آخر تقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بمعدل وفاة 20 مواطناً يومياً، وهو أعلى معدل وفيات ينتج عن حوادث الطرق فى العالم بحسب منظمة الصحة العالمية.

وتقول دراسة أجراها مركز دعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء عن عدد نقاط الإسعاف على الطرق السريعة: إن هناك 361 نقطة إسعاف موزعة على 24 طريقا، كل واحدة منها يفترض أن تقدم خدماتها لـ86 ألف نسمة فى المتوسط.

يقول الدكتور أسامة عقيل، أستاذ الطرق والمرور بكلية الهندسة بجامعة عين شمس، والعضو «المستقيل» من المجلس القومى لسلامة الطرق، إنه طرح الدراسة أمام مجلس الوزراء، إبان تكليفة من رئيس الوزراء إبراهيم محلب بعضوية المجلس، لكنه قدم استقالته بعد 3 أشهر بسبب «الترهل البيرقراطى الذى عانى منه المجلس»، على حد قوله.

يفسر «عقيل» سبب الاستقالة بسبب بطء المجلس فى اتخاذ قراراته، حيث «استغرق تصويت أعضائه على دراسة خطة للحد من حوادث الطرق 3 أشهر كاملة، فى حين أن التصويت لا يستغرق أكثر من 3 أيام»، على حد قوله.

فى نهاية ديسمبر، وبعد ثلاثة أشهر من تكوين اللجنة، قال المجلس القومى لسلامة الطرق، إنه بصدد إعداد توصيات سيتم رفعها لمجلس الوزراء، تهدف إلى الحد من حوادث الطرق.

يتكون المجلس من ممثلين من وكلاء لعدة وزارات مثل الداخلية والسياحة والنقل والصحة، وهو ما يخالف شرط الاستقلالية من وجهة نظر عقيل، حيث يرى أن الوزارة جهة تنفيذية مسؤولة لا يجب أن توضع فى موضع الرقيب والمنفذ فى وقت واحد.

ينفى سعد الجيوشى، رئيس هيئة الطرق والكبارى، فى اتصال هاتفى لـ«المصرى اليوم» وجود مشكلة فى الطرق السريعة تؤدى إلى الحوادث، ويقول: «أسباب الحوادث على الطرق السريعة لا يختلف عليها العالم كله وهى أربعة أسباب: السلوك الشخصى الذى يستحوذ على نسبة 80% من أسباب الحوادث، وحالة المركبات بنسبة 10%، بالإضافة إلى العوامل الجوية، والطرق وهما نسب لا تتعدى 5% لكل منهما».

وبمواجهة الجيوشى بأرقام الحوادث والوفيات الناتجة عنها، قال: «إحنا معندناش آلية علمية لحصر القتلى والمصابين جراء حوادث السير، أو على الأقل تحليل أسبابها حتى لا تتكرر. أنتو عاوزينى أقول إن فيه مشكلة وخلاص؟، روحوا حاسبوا سواقين النقل اللى بيحملوا أضعاف الحمولة المصرح بها، واللى مابيغيروش الكاوتش بعد ما بيعدى العمر الافتراضى بتاعه».

بينما يؤكد المهندس السيد متولى، رئيس جهاز تنظيم النقل فى القاهرة الكبرى، ومدير عام إدارة هندسة وسلامة الطرق، بالهيئة العامة للطرق والكبارى سابقاً، أن عدد الوفيات أكثر من الأرقام الرسمية بنسبة 20% إلى 30%، حيث لا توثق الأرقام المصابين الذين توفوا خلال 30 يوماً التى تعقب الحوادث.

يشير متولى إلى أن أسباب الحوادث، بالإضافة إلى السلوك الشخصى، ازدواج الطرق داخل الدلتا، وعدم تناسب الأماكن المخصصة للدوران، وضعف التصميمات الهندسية، فضلاً عن عدم توفير مداخل آمنة تسهل من عملية الخروج الآمن للطريق، بالإضافة إلى كثرة المطبات وانعدام وجود أعمدة الإنارة فى بعض الطرق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية