مصرى وسياسى قارئ اعتز بفرعونيته وأعاد مرة أخرى اسم «مصر» وصوت الأذان، إيماناً منه وتأثراً بالحضارة الفرعونية والإسلامية معاً، وإن كان تدينه موروثاً عرف به الفلاح المصرى على مدار التاريخ، اعتز بكل صاحب قضية وصاحب حق رغم فلتاته الإعلامية فى خطاباته السياسية، فكان مثله الأعلى «زهران»، ذلك الفتى الذى شنق فى دنشواى على أيدى الإنجليز 1907.
لذلك كان يعتز بـ«ريفيته» ولهذا كان يطلق على نفسه كبير العائلة بما يحمل هذا المفهوم من دلالة انعكست على كثير من قرارات وسلوكيات السادات، بدءاً من زيه إلى لهجته، ثم إلى إحياء مناسباته ومنها عيد ميلاده فى «ميت أبوالكوم» بأسلوب ونمط ثقافة قريته وبلدته، وذلك رغبة منه فى إعادة مجد الفراعنة الذى بنوه عبر الريف وبداخل البيئة الريفية، حيث يرى أنه من القرية تبدأ حضارة مصر وإليها تنتهى، ولذلك كان دائماً يرى أن اندماج مصر فى الحضارة الشرق أوسطية يعد امتداداً للحضارة الفرعونية التى مازالت آثارها باقية فى كل الدنيا كأول دولة وأول حكومة وأول جهاز إدارى عرفه التاريخ، وهذا كان دائماً موطن فخر واعتزاز «السادات».
ارتبط «السادات» بالبيروقراطية السلطوية القديمة، واعتمد على نظام كبير العائلة، كانعكاس لتمسكه بثقافة القرية. وهذا بلا شك يتنافى مع الليبرالية التى كانت شعار مرحلته.
وإذا تأملنا ما قام به «السادات» 1975 عندما أحضر أعظم رجالات الاقتصاد والتخطيط الاقتصادى «إير هارد» الذى وضع نهضة ألمانيا إلى مصر، والذى عُيِّن بعد ذلك مستشاراً لألمانيا بعد أيزنهاور، بهدف وضع خطة اقتصادية طموحة، لكن بعد 11 شهراً من الدراسة والتدقيق اعتذر الخبير عن عدم القيام برسم خطة مستقبلية لنهضة هذا البلد، بسبب التناقض القيمى وحالة الفوضى القيمية التى نعيشها، والتى لا نستطيع أن نصنع لها خطة أى نظام أو فكر سياسى، وسأل سؤالاً واحداً وهو: كيف مازال هذا البلد قائما إلى الآن؟