«جرح مرحلة ما بعد الاستعمار الفرنسى للجزائر لا يزال ينزف دماءه فى باريس حتى الآن»، هكذا رأى الكاتب البريطانى البارز، روبرت فيسك، حيث ربط بين حادث الهجوم على صحيفة «شارلى إبدو»، الفرنسية، الأربعاء الماضى، ومعركة الجزائر من أجل استقلالها عن فرنسا التى بدأت عام 1954.
وقال فيسك، فى مقالة بصحيفة «إندبندنت»، البريطانية، السبت، إنه بمجرد علمه بالهجوم على الصحيفة الفرنسية وجد كلمة الجزائر تتردد داخل رأسه، وعندما عرف هوية المهاجمين على مقر المجلة، وهما الأخوان سعيد وشريف كواشى، من أصل جزائرى، تأكد من تكهناته.
وأضاف فيسك: «لا تزال الحرب الجزائرية، التى استمرت لمدة 6 سنوات، من أجل الاستقلال عن فرنسا، والتى قتل فيها حوالى مليون ونصف المليون عربي مسلم، وعدة آلاف من الرجال والنساء الفرنسيين، بمثابة جرح لا يندمل بالنسبة لكلا الشعبين».
وأشار فيسك إلى أنه كان يجب على وسائل الإعلام العالمية النظر إلى «الجانب التاريخى» فى قصة الهجوم على «شارلى إبدو»، فلا شىء يحدث دون ماض، لافتاً إلى أنه فى الصحافة دائماً ما يتم الاهتمام بأسئلة مثل (من) و(كيف)، ولكن نادرًا ما يتم طرح سؤال مثل «لماذا».
وتابع: «نحن نعرف الضحايا فهم صحفيون، ورسامو كاريكاتير، ورجال شرطة، كما نعلم كيف قتلوا، حيث تم قتلهم على أيدى مسلحين ملثمين، ببندقية كلاشينكوف، والجواب عن لماذا، قاله مرتكبو الحادث بأنفسهم حينما رددوا (انتقمنا للنبي)».
ومضى فيسك يقول: «لكن هناك سياقا مهما لم ينظر إليه أحد فى هجوم (شارلى إبدو) وهو السياق التاريخى للحادث، وهو صراع الجزائريين الدامى بين عامى 1954-1962 من أجل الحرية، والذى يفضل العديد من الفرنسيين وكذلك الجزائريين تجاهله».
وأوضح فيسك أن «أزمة العلاقات الجزائرية-الفرنسية يائسة ومستمرة، حيث تم تشويه الجزائر على مدى 132 عامًا من الاحتلال، فعلى عكس المستعمرات الفرنسية المهمة الأخرى، كانت باريس تنظر إلى الجزائر باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من فرنسا الأم».
وتابع: «قبل أكثر من 100 عام، غزت فرنسا الجزائر، وحاولت تنصير منطقة شمال أفريقيا، وتحويل المساجد إلى كنائس».
وأشار الكاتب إلى أن هناك حوالي 5 ملايين نسمة من 6.5 مليون مسلم يعيش داخل فرنسا، من أصل جزائرى، أغلبهم فقراء، ويعتبرون أنفسهم مواطنين من الدرجة الثانية.
وأكد فيسك فى مقاله أنه لا شىء يمكن أن يبرر أعمال القتل الجماعية الوحشية، كما لا يمكن للقتلة استدعاء التاريخ لتبرير جرائمهم إلا أن النظر إلى الجانب التاريخى أمر مهم أيضاً.