19 ديسمبر 2014.. تاريخ مهم أعلن فيه محافظ القاهرة الدكتور جلال مصطفى سعيد عن قرب الانتهاء من إنشاء منطقة خاصة بالقطامية، تمهيداً لنقل ورش الأخشاب من مناطق درب السعادة والمناصرة والناصرية والبغالة الواقعة جميعها بوسط القاهرة والسيدة زينب، إلى المنطقة الصناعية بالقطامية. وأكد فى تصريحاته أنه تم إنجاز ما يقرب من 80% من العمل بالمنطقة الصناعية الجديدة.
وأعلن محافظ القاهرة، فى تصريحات صحفية، أنه سيتم تسليم الورش بالكامل أوائل 2015 على مساحة 16 ألف متر مربع توفرت لها كل الخدمات الضرورية. ويتكون المشروع من 300 مخزن وورشة ومسجد، ووحدة إسعاف ووحدة إطفاء حريق وكافيتريا، ويقع بالقرب من الطريق الدائرى.
لم تكن هذه التصريحات الخاصة بنقل ورش ومغالق الأخشاب بوسط القاهرة هى الأولى من نوعها، ففى مطلع كل عام تقريباً كانت تصدر تصريحات من محافظى القاهرة السابقين، تعلن عن اعتزامهم تنفيذ خطة نقل مغالق وورش الأخشاب إلى المنطقة الصناعية بالقطامية، ولكن الجديد هذا العام هو الإعلان عن قرب انتهاء المشروع، وأن النقل سيتم قريباً، وستكون البداية بورش درب السعادة والمناصرة بمنطقة باب الخلق.
تعد منطقة درب السعادة، الواقعة خلف سجن استئناف القاهرة ومديرية أمن القاهرة، هى المركز الرئيسى لتجارة الأخشاب القادمة من دمياط والإسكندرية بالقاهرة. وفى حديثهم لـ«المصرى اليوم» أعرب عدد من أصحاب مغالق الأخشاب بالمنطقة عن رفضهم مقترح النقل إلى المنطقة الصناعية بالقطامية، وأكدوا أن قرار النقل ليس جديداً، وأنه لم تتم استشارة أصحاب المغالق والورش فيه، ولم تعرض عليهم مقترحات الورش البديلة بالقطامية. يقول ربيع عبدالعاطى، صاحب مغلق خشب بدرب سعادة: «اعتدنا إعلان هذه التصريحات. هم يصرون على النقل رغم أن عدد الورش ليس كبيراً، لكن مغالق (مخازن) الأخشاب كثيرة، وهى لا تتسبب فى ضوضاء أو تلوث للبيئة كما تقول المحافظة. نحن نبيع ونشترى هنا ونقلنا سيضر بتجارتنا» ويكمل: «بقالنا 15 سنة نعرف إننا هننقل القطامية لكن فين تحديداً منعرفش، ولا فى حاجة بتتنفذ وهما مش جادين. محدش ورَّانا المكان ولا نعرف عنه أى حاجة، ولا سألونا عن احتياجاتنا فى المكان». وأوضح أن الحى اكتفى بمراجعة التراخيص كوسيلة لحصر الورش، وأنه لا يوجد حصر دقيق لكل الورش والمخازن بالمكان. ويضيف: «علمنا أن المحافظة ستعطى أصحاب المغالق والورش وحدات مقابل ورشهم ومخازنهم بنفس الحجم والمساحة، لكننا لم نتمكن من معرفة المكان المقرر نقلنا إليه فى القطامية»، مشدداً على رفض أصحاب ورش درب السعادة اقتصار النقل عليهم لأن ذلك سيضر بتجارتهم، فالعدل أن يجرى نقل جميع ورش ومخازن الأخشاب الواقعة فى القاهرة دفعة واحدة لمكان واحد، أسوة بما حدث لتجار الخضروات والفاكهة عند نقلهم لسوق العبور.
«عشان النقل يبقى مفيد لازم يتنقل كل مغالق الخشب وورش الخشب فى القاهرة كلها، ويكون سوق كبير لينا، لكن مش منطقى اللى بنسمعه إنهم هينقلوا درب سعادة والمناصرة، وباقى المغالق فى باب الشعرية والضاهر مش هتتنقل، لأن كده ممكن يتقطع عيشنا».
أما الحاج سيد الحلوانى، صاحب مغلق خشب بدرب سعادة، ويعمل فى هذا المكان منذ 60 عاماً، فلم يتردد فى إعلان رفضه التام خطة المحافظة: «أنا زبونى خد علىَّ هنا، أودّيه القطامية إزاى؟ كمان أنا بجدد، هنجيب منين معدات جديدة للورش بتاعتنا هناك، دى خسارة علينا النقل، وخصوصاً إن محدش عارف النقل هيتم إزاى».
أما إيهاب على، صاحب إحدى ورش تقطيع الأخشاب، فلم يكن لديه أى علم بأن هناك قراراً بالنقل، لكنه يتذكر أن المحافظة كل عام ترسل مهندسين إلى درب سعادة للحصر: «ولكن لا نعرف متى سيتم النقل أو أين، ولا نعرف ما هى إجراءات النقل»، ويتساءل: «لما هنروح القطامية الورش اللى ملكنا هنا هيحصل فيها إيه؟».
وقال الحاج عربى السيد، صاحب ورشة تقطيع أخشاب، إنه قبل خمسة أعوام قدم تجار الأخشاب فى درب سعادة طلباً لمحافظة القاهرة يرفضون فيه النقل إلى القطامية. ويضيف: «طالبنا المحافظة برؤية الورش البديلة ومعرفة كيف سيتم النقل ولكن دون جدوى». وأشار إلى أن هناك الكثير من أصحاب المغالق والورش أغلقوا محالهم وحولوها لمحال للأدوات المنزلية، نظراً للوضع الاقتصادى، وذلك بعد تغير النشاط التجارى فى المنطقة بافتتاح العديد من معارض الأدوات المنزلية.
لم يكن الحال بالمناصرة مختلفاً عن درب سعادة. منطقة المناصرة تقع خلف دار الكتب فى الجهة المقابلة لمديرية أمن القاهرة، وتتميز بوجود ورش صناعة الأثاث ومعارض الأثاث بمختلف أنواعه، ورغم أن هذه المنطقة من المنتظر نقلها قريباً إلى القطامية إلا أنه لم يتم حصر الورش بها حتى لحظة نشر هذا التقرير، وهو ما أكده أصحاب الورش والمعارض، فقال أشرف عبدالستار، صاحب معرض للموبيليا بالناصرية: «المنطقة اختفت منها الورش الصغيرة لصناعة الموبيليا عشان الحال نايم، والخامات غليت وبقى الاعتماد على شغل دمياط عشان التكلفة، بس فضلنا محتفظين بشهرة معارض الموبيليا فلو اتنقلنا للقطامية مين هشترى شغلنا لو رحنا القطامية فى الصحرا؟».
وأبدى أشرف استياءه من مقترح النقل، وقال إنه من الصعب نقل ورش صناعة الأخشاب والصناعات المكملة للموبيليا والمعارض كلها فى مكان صغير وعدد الورش فيه غير كافٍ، كما أكد أن إدارة الحى لم تناقشهم فى خطة النقل، ولم تقم بحصر الورش بالمناصرة، كما أن المحافظة لم تقم بتطوير الخدمات والمرافق الرئيسية فى منطقة المناصرة: «بدل من تحسين الخدمات ينقلونا فى القطامية بعيد؟! والمحلات بتاعتنا هنعمل فيها إيه؟!».
أوضح اللواء ياسين طاهر، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الجنوبية، إن المنطقة الصناعية بالقطامية تضم مدينة متكاملة لورش صناعة الأخشاب تقع خلف مستودع البوتاجاز بالقطامية، وسيتم النقل بعد الانتهاء من حصر الورش المطلوب نقلها، بعد الاتفاق مع ملاك الورش ومغالق الأخشاب بمنطقة وسط البلد. وأوضح أن ورش حى المناصرة ودرب سعادة تخضع حالياً للحصر، وهى أولى المناطق التى سيتم نقلها. وأشار إلى أن الحصر سيتضمن جميع العاملين بصناعة الأخشاب، وستتم مراعاة طبيعة كل صناعة، والمساحة التى يعمل فيها كل صاحب حرفة، ومدى قانونية وضع المحال.
يقع مشروع ورش صناعة الأخشاب الذى تنشئه محافظة القاهرة خلف مخزن البوتاجاز بالقطامية بالقرب من الطريق الدائرى، ويستغرق الوصول إليه حوالى نصف ساعة من منطقة وسط البلد، إلا أن المتوجه للمنطقة الصناعية يحتاج إلى وسيلة انتقال خاصة للوصول إلى أرض المشروع الذى شارف على الانتهاء، إلا أنه يحده هضاب صخرية من ثلاثة اتجاهات، كما أن الطرق المؤدية إليه غير ممهدة.. على مدخل المشروع توجد لافتة مكتوب عليها: «مشروع نقل ورش الأخشاب بالقطامية».
يتكون المشروع من 300 ورشة صغيرة متلاصقة تمتد على مساحة سبعة أفدنة، انتهت الشركة المنفذة من حوالى 80% من الإنشاءات، إلا أنه يتبقى الانتهاء من البنية التحتية والصرف الصحى وتوفير طرق ممهدة.
وأوضح أحد المهندسين القائمين على المشروع، رفض ذكر اسمه، أن الشركة المنفذة بدأت العمل فيه عام 2009، وكان هناك تصميم اقترحته الإدارة الهندسية بمحافظة القاهرة، جرى إعداده بعد الحصر المبدئى لورش المناصرة والشرابية ودرب سعادة. واحتوى الحصر على مساحات الورش التى بدأت من 80 إلى 150 متراً، وأعداد الورش بالمناطق الثلاث. وعلى أساس هذا الحصر تم إعداد الرسم المبدئى للمشروع.
التصميم المعلق بأحد مكاتب المشروع اشتمل على حوالى 300 وورشة ومسجد واحد ووحدة إسعاف ووحدة إطفاء حريق وكافيتريا، ولكنه لم يضم أماكن مخصصة لمحولات الكهرباء، ولم يراع توفير أماكن لإنشاء شبكات الصرف الصحى، ولم يجر إنشاء وصلة مرصوفة تصل الطريق الدائرى بالمشروع.
وأكد المهندس المختص أنه تم تعديل التصميم أكثر من مرة لإنجاز البنية التحتية وشبكات الصرف الصحى وتوصيل مياه الشرب، إلا أن المساحة المخصصة للمشروع لم تكفِ أعداد الورش المطلوب نقلها، ولن يتمكن المهندسون من زيادة ورش أخرى أو وحدات جديدة لاحقاً فالمساحة قليلة. وأكد أن الإنشاءات قاربت على الانتهاء، وبقى الانتهاء من تركيب محولات الكهرباء، وتمهيد طريق من الطريق الدائرى حتى أرض المشروع حتى يمكن الدخول إلى هذه المنطقة بسهولة ووصول وسائل المواصلات إليها.