x

«أرض الحصبة» سيوة «منزوعة الخدمات»

الخميس 11-12-2014 09:39 | كتب: سحر المليجي |
سيوة سيوة تصوير : محمد معروف

لسان عربى ضاعت ملامح حروفه، واختلطت بالسيوية «الأمازيغية نسبا»، ووجوه لفحتها شمس الصحراء وصبغتها باللون البرونزى، وجلابيب بيضاء قصيرة تتزين بالصديرى الأسود أو البنى المشغول بالتطريز السيوى الذى لا مثيل له، وبقايا قلاع شالى القديمة التى تتلألأ مع الإضاءة الخضراء والصفراء فى ليل شاسع، ووجوه أطفال تبحث عن أمل أو نقطة دم فى مستشفى متهاو أو آخر مبنى بلا أرواح.. ونساء اختفين تحت التارفوتت، يتباهين بأعمارهن المغزولة على طرفه، برسوماته وألوانه الزاهية، بعد أن تخلين عن تعليمهن وحريتهن، ليتزوجن، فيصبحن تحت الجلباب وخلف الأسوار، ووراء الأولاد، لا يخرجن ولا يذهبن إلا مع أزواجهن. هذه هو حال مدينة سيوة، التى تعمل وزارة الصحة حاليا على تدارك ما وقع منها، من إعادة توزيع تطعيم الحصبة، بعد وفاة 6 من أطفالها.

المدينة تصدر مياهها الطبيعية إلى المحافظات.. وأهلها يشربون مياها بلا تنقية

سيوة

مليون و300 ألف نخلة.. و7 بحيرات مياه شاسعة.. وعيون كبريتية، ومنطقة تراث إنسانى عالمى، يعيش فيها 30 ألف مواطن.. هذه ملامح مدينة سيوة، تجعل من زائرها محلقا فى سماء صافية، يتمنى أن يعيش بها طوال حياته، معتقدا بأنها جنة الله فى أرضه، إلا أنه رغم تلك المقومات التى قد تجعل من منطقة تشبهها فى أهم مناطق العالم، لا تجعل منها مكانا مأهولا بالسكان لأصحابها، بل سببا فى شقائهم.

مدينة سيوة أو «سنترية» باللغة السيوية تتكون من مدينة و5 قرى متباعدة هى شالى وهى المدينة، وقرى المراقى وأبوشروف والجارة وغورمى، وبهى الدين، تعانى بعضها مثل «الجارة» والتى تبعد 270 كيلو عن مدينة سيوة، من عدم وجود طريق أسفلتى إليها، كما أنها تضاء بالطاقة الشمسية، ولا يوجد بها سوى تليفونين يعملان بخاصية القمر الصناعى، «الستالايت»، أحدهما فى وحدة الإسعاف، والآخر بالمدرسة.

ويعيش بسيوة 30 ألف مواطن تقريبا، مقسمة إدارياً إلى مدينة سيوة، و5 قرى تابعة لها «أغورمى، أبوشروف «شرقا»، وبهى الدين والمراقى «غرباً»، وواحة الجارة!! المزيد

مستشفى سيوة.. لافتة بلا خدمات

سيوة

«حسبى الله ونعم الوكيل» تلك العبارة التى سجلت على أسوار مستشفى سيوة، كانت رسالة واضحة عن حالة المستشفى، وحالة المرضى، وما يعانون منه، فقد اصطف الأهالى، حيث وقفت النساء بجوار أزواجهن وأطفالهن على أبواب المستشفى فى انتظار الحصول على تطعيم الحصبة، بعد انتشار المرض بين الأطفال، والذى أودى بحياة 6 أطفال.

المستشفى الضخم، الذى افتتح مؤخرا بعد سنوات من إغلاقه، نتيجة عيوب إنشائية، تم تعديلها وافتتح العام الماصى، لكنه لا يزال يحمل عنوانا دون خدمات، فلا كشف طبى ولا علاج كما يؤكد محمد عيسى، من أبناء سيوة، حيث يقول، مبنى ضخم، وخدمات معدومة، وتخصصات غير موجودة، فبلد المليون و300 ألف نخلة، لا يوجد بها طبيب عظام، أو طبيب أمراض دموية، ولا طبيب أطفال، ولا جراح أمراض نسا، حتى إن حالات الولادة القيصرية لابد من الذهاب بها إلى مطروح البعيدة 306 كم. المزيد

رئيس المدينة: مأساة «الحصبة» تفتح ملف الإهمال فى التنمية

المهندس سعد غراب، رئيس مدينة سيوة

قال المهندس سعد غراب، رئيس مدينة سيوة، إنه بالرغم من قساوة مأساة الحصبة، إلا إنها حركت المياه الراكدة، وسلطت الأضواء على ملف الإهمال فى تنمية المدينة، التى يوجد بها فرص استثمار واعدة لم يتم استغلالها حتى الآن. وأضاف لـ«المصرى اليوم»: «سيوة تمتلك كل عوامل النجاح لأى مشروع سواء على المستوى السياحى أو الزراعى وحتى التعدين بل من الممكن أن تكون سلة غذاء مصر بالكامل إذا تم استغلال مواردها».

وأوضح «غراب» أن المدينة تعوم على نهر من المياه الجوفية تتفجر منه العيون والآبار العذبة، وتمتلك فى ذات الوقت مساحات شاسعة من الأراضى القابلة للزراعة تنتظر المستثمرين.

وتابع: «أى مستثمر يبحث عن عاملين مهمين وهما السعر والجودة، وهو ما ينطبق على أراضى المدينة، التى يعد سعرها تنافسيا بالنسبة لمناطق أخرى».المزيد

بروفايل: عبدالله باغى.. رجل الصحراء الأول

سيوة

على قمة جبل رمل، تجده يحرك سيارته صعودا وهبوطا، فلا تسمع ضجيج السيارة من صرخات رواد السفارى، وضحكاتهم، حتى باتوا يطلبونه خصيصا، فى كل مرة يأتون فيها إلى سيوة، إنه عبدالله باغى، مدير الإدارة التعليمية بسيوة، ورجل السفارى الأول، بسيوة، وصاحب وسام الأمم المتحدة، والذى تسلمه من كوفى عنان عن مساهماته الإنسانية فى تطوير واحة سيوة.

يقول الحاج عبدالله صاحب الـ59 عاما، حياتى كلها كانت قدرية، فقد خرجت من سيوة وأنا طفل لم يبلغ الحادية عشرة كى أحصل على الثانوية العامة من محافظة مطروح، ثم إلى الإسكندرية لأحصل على شهادتى الجامعية، ورغم التطور فى تلك المناطق البعيدة، إلا أنها لم تبهرن، وفضلت أن أعود إلى سيوة، التى كانت جزءا من مكان منسى، بلا كهرباء، أو حتى مواصلات، فكانت الرحلة منها أو إليها، رحلة شاقة، لا تكون إلا مرة واحدة فى العام حتى انتهيت من دراستى كلها. المزيد

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية