وصلت معدات تابعة للهيئة الهندسية للقوات المسلحة مُحمّلة على شاحنات إلى مدينة رفح، وسط إجراءات أمنية مشددة، استعدادًا لتسوية وتمهيد الشريط الحدودى، بعد الانتهاء من عمليات هدم المنازل.
وفور وصول المعدات تم توزيعها على مناطق البراهمة وصلاح الدين والجندى المجهول، لتبدأ المرحلة الثالثة من عملية إخلاء الشريط الحدودى، وهـى تسوية المناطق التى تم إخلاؤها من السكان.
وتوقع مصدر أمنى، لـ«المصرى اليوم» أن تستمر المرحلة الثالثة حتى الانتهاء من تسوية الشريط الحدودى بالكامل لمسافة 500 متر عمقًا.
من جهة ثانية، استمرت قوات الجيش فى عملية تدمير المنازل التى تم إخلاؤها من السكان وتفجيرها باستخدام المتفجرات على الشريط الحدودى، حيث تم تدمير 13 منزلًا أمس الأول، ليصل إجمالى ما تم تدميره حتى الآن منذ بداية إخلاء الشريط الحدودى إلى 250 منزلًا.
وتجولت «المصرى اليوم» بمنطقة الشريط الحدودى لمدة ساعتين، ورافقت قوات الجيش التى تعمل على إخلاء وهدم المنازل هناك. طريق طويل من مدينة العريش إلى مدينة رفح يتخللها عدد من الأكمنة الأمنية، بعدها تصل مدينة رفح، ومنها إلى منطقة الجندى المجهول التى تجرى بها عمليات إخلاء وهدم المنازل.
كانت قوات الجيش أثناء ذلك تعد لتدمير منزلين تم إخلاؤهما، فقام الجنود بمعاونة متخصص فى عمليات التفجير بزرع مادة الـ«تى إن تي» شديدة الانفجار فى أركان المنزلين تمهيدًا لتفجيرهما عن بُعد.
ورصدت «المصرى اليوم» عملية هدم المنزلين، وبعدها مباشرة شاهدنا الأطفال والنساء والشيوخ يمشون بخطى سريعة لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على حطام ما تبقى من منزلهم. وسـط حطام منزله، كان هناك شيخ تجاوزت سنه (75 عامًا) يبكى بحُرقة ومن حوله أبناؤه، وقال الشيخ عمر الشاعر: «بقالى 75 سنة فى المكان ده واللى عملته طول عمرى ضاع فى ساعة».
وأضاف الشيخ العجوز أن لديه 8 من الأبناء يقومون بمساعدته على المعيشة والحياة، وبعد أن مكث عـددًا من السنوات جمع خلالها هو وأبناؤه جزءًا من المال، قام ببناء منزل مكون من طابقين، ولم يفرح به طويلا حتى تم تدميره وإخلاؤه ضمن عمليات إخلاء الشريط الحدودى.
وخلف المنازل التى تم تدميرها، نصب الشيخ العجوز خيمة تأويه هو وذويه، حتى يحصل على التعويض من الدولة ليقوم بشراء أو استئجار منزل آخر بمدينتى الشيخ زويد أو العريش.
وتباينت آراء الأهالى برفح بشأن إخلاء المنطقة الحدودى من السكان، ما بين مؤيد لذلك الإجراء، واصفين ذلك بأنه أمر ضرورى لتهيئة مسرح العمليات والقضاء على بؤر الإرهاب فى أشهر معدودة، وبين رافض لما يحدث، واصفًا ما يحدث بأنه تهجير، وأمر من شأنه أن يزيد الأمر تعقيدًا من خلال إثارة حفيظة أهالى سيناء ضد جيشهم، مؤكدين أنه كان يمكن تفادى ذلك من خلال إقامة سياج أو مانع حدودى، علاوة على زيادة التدابير الأمنية واستخدام أدوات متقدمة فى التحرى والبحث وتشديد الخدمات.
وقال المواطن «محمد قشطة»، من سكان الشريط الحدودى، إن التهجير سلاح ذو حدين، الجانب الإيجابى فيه هو ردع وملاحقة الإرهاب، بينما التبعات الاقتصادية ستكون وخيمة، لأن الأهالى سيحمّلون الدولة أعباء على أعبائها، وأضاف: «نحن نحتاج إلى حياة جديدة من مساكن ومستشفيات ووظائف ومدارس لأبنائنا وأسواق وخدمات وتعويضات فى حين أن الدولة تعانى اقتصاديا، إضافة لخطر إخلاء سيناء وتركها جثة هامدة وهذا ما يتمناه العدو الصهيوني»، وأكد أن الحل يكمن فى إقامة اقتصاد قوى ومشاريع عملاقة فى سيناء وتعميرها بالسكان وربطنا بالأرض لا استبعادنا منها، لأننا بدو سيناء الحصن الحصين، وقال مواطن ثانٍ يدعى «أبو محمد»، إن هذا الإجراء هـو نقل مؤقت لمسافة محددة بتدابير اضطرارية لحماية السكان من النزاعات المسلحة وتجنيبهم الدخول فى اشتباكات «لا ناقة لهم فيها ولا جمل»، مطالباً بتوفير جميع التدابير اللازمة والمطلوبة لنقل أهالى شمال سيناء قبل الشروع فى قيام أى عمليات عسكرية، حفاظًا على أرواحهم وتأمينهم بشتى الوسائل.