يعرف عن الحياة بأنها دائمًا ما تتغير وتتقلب، فيوم لك ويوم عليك، وفي كرة القدم الأمر كذلك، فيوم أنت بطل والآخر أنت تصارع من أجل البقاء، ولكن هناك من يسقط ويظل يهوى إلى الأسفل حتى يختفي، وهناك من يضع خطة محكمة من أجل العودة مرة أخرى وهذه سمات الفرق الكبرى.
وشهدت القارة الأوروبية خلال الفترة الماضية سقوط العديد من الفرق الكبرى مثل يوفنتوس وليفربول ومانشستر يونايتد وميلان وإنتر وديبورتيفو لاكورونيا، وأسماء أخرى فمنها من استطاع العودة مرة أخرى إلى دائرة الضوء ومكانه الطبيعي، ومنها من هوى إلى أسفل وأخرى تصارع في المنتصف.
وسارت الأندية التي نجحت في العودة مرة أخرى إلى مكانها الطبيعي على خطة مشابهة، ففي البداية كان التعاقد مع مدرب شاب حماسي يتميز بفكر تكتيكي متميز، وثانيها التعاقد مع لاعبين من أصحاب المستوى فوق المتوسط ونجوم الفرق المحلية الصغيرة، ثم بعد ذلك إيجاد التوليفة المناسبة من هؤلاء اللاعبين وبناء فريق حول نجم كبير يمتلك خبرات كبيرة «تم ذلك بجيرارد في ليفربول وبيرلو في يوفنتوس»، مما يؤدي إلى تحقيق الانتصارات والنتائج المتميزة، وهو ما حدث مع يوفنتوس في إيطاليا منذ ثلاثة مواسم، ثم ليفربول في إنجلترا الموسم الماضي.
ولكن بعد الوصول إلى تلك النقطة من قبل الفريقين لم تتغير الخطة المتبعة من الإدارة، ولم يتم الانتقال إلى المرحلة التالية في خطة إعادة بناء فريق بطل وهي الانتقال من تدعيم الصفوف بأصحاب الأداء فوق المتوسط إلى التعاقد مع النجوم الكبار أصحاب المستويات المتميزة.
واستمر يوفنتوس في تعاقداته ما فوق المتوسطة هذا الصيف رغم حاجة الفريق الماسة إلى نجم حقيقي وقدرة الفريق الشرائية على التعاقد معهم «يوفنتوس يقوم بصرف أكثر من 100 مليون يورو على التعاقد مع أشباه نجوم سنويًا منذ أربعة مواسم»، ولكن الإدارة فضلت الاستمرار في سياستها، فالاستراتيجية الحالية تحقق لهم مكاسب مالية وبإنجازات محلية خادعة، ففوز السيدة العجوز بالدوري الإيطالي أصبح أمرًا يسيرًا يمكن القيام به بالصف الثاني، ولكن الفريق الحالي بنجومه المتألقة محليًا لا يقوى على المرور من دوري المجموعات من البطولة التي تحلم جماهير الفريق بتحقيقها.
وحدث الأمر ذاته مع ليفربول في إنجلترا، فاستمرت تعاقدات الفريق في نفس الطريق بالتعاقد مع نجوم أندية الوسط في الدوري الإنجليزي، ولكن ليفربول قام ببيع نجمه الأول، لويس سواريز، بدون تعويض، مما ساهم في هبوط مستوى الفريق سواء محليًا أو أوروبيًا، بالتخلي عن أحد الأعمدة الرئيسية وعدم تعويضه بالشكل المناسب، وهو خطأ كبير تم ارتكابه في مرحلة مهمة من مرحلة بناء بطل ألا وهي محاولة الاستمرار في المنافسة والحفاظ على القوام الرئيسي متماسكًا لاستكمال البناء عليه.
ويختلف الأمر عند ليفربول قليلًا عن يوفنتوس، وذلك بسبب تواجد الريدز في الدوري الإنجليزي القوى والشرس في المنافسة، بعكس يوفنتوس الذي يعتبر أسدًا وسط النعام في الدوري الإيطالي، وهو ما ساهم في ظهور يوفنتوس بشكل متميز محليًا وهابط أوروبيًا، وظهور ليفربول بأداء متدني محليًا وأوروبيًا.
كما كان عامل هبوط مستوى أصحاب الخبرات الكبيرة في الفريقين في الأداء المتدني، فجيرارد وبيرلو أصبحا بحكم السن غير قادرين على مجاراة السرعة في دوري أبطال أوروبا، وأصبح مجهودهما أقل بشكل متوقع ومنتظر، ولكن تظل المشكلة هي غياب البديل القادر على التعويض وهو خطأ آخر وقعت فيه إدارة الفريقين في الفترة الماضية.
وإن استمرت إدارة الطرفين في السير على نفس المنهج الحالي وعدم الانتقال إلى المرحلة المقبلة فسيظل يوفنتوس متربعًا على عرش إيطاليا محليًا مع مزيد من الإخفاقات والتراجع الأوروبي، وسيدخل ليفربول في دوامة أخرى في الدوري الإنجليزي قد تصعب من مهمته في العودة إلى أوروبا مرة أخرى، وإن عاد فلن يكون حاله أفضل من السيدة العجوز الإيطالية.
وسيكون الخاسر الوحيد هو جماهير الفريقين التي تبحث عن الفرحة بالإنجازات وتحقيق البطولات، خاصة الكأس ذات الأذنين التي لا يوجد ما هو أفضل منها لتحقيقه على مستوى الأندية، بينما ستكون الإدارات سعيدة، فالأموال تضخ إلى خزائن الفريق بشكل متواصل ولا توجد نية للانتقال إلى مرحلة أخرى تقتضي الصرف ببذخ وانتظار نتائج مستقبلية فـ«اللي تعرفه أحسن من اللي متعرفوش» «وخليك في المضمون» وهو شعارهم الحالي.
وفي إنجلترا ستسمع جماهير ليفربول تغني «لن تسير وحدك أبدًا» بعينين تفيض من الدمع على هزيمة أو خروج مبكر من منافسة سواء كانت أوروبية أو محلية، بينما سترفع جماهير يوفنتوس لافتة «السيدة العجوز فخر إيطاليا» في مباريات فريقها وسط تهكم من جماهير ميلان التي ستضيف بعدها لقبًا «محليًا فقط».