تتدفق التبرعات الفردية و«الأموال السوداء»، التي لا يعرف مصدرها، وتنفق الأحزاب بسخاء على حملات انتخابات التجديد النصفي في الكونجرس الأمريكي، ما يثير مخاوف من أن التأثير المالي على هذه الانتخابات أصبح يخرج عن السيطرة.
فولاية ألاسكا مثلا هي ولاية بعيدة تقع في الطرف الغربي من الولايات المتحدة، وسكانها القلائل مستقلون بشدة، ورغم ذلك فقد تم إنفاق مبلغ كبير هو 30 مليون دولار في السباق الانتخابي في الولاية بين السناتور الحالي، مارك بيجيتش، ومنافسه دان سوليفان، طبقا لمركز الدراسات التفاعلية الذي يرصد أموال الحملات الانتخابية.
وحذر خبراء من أن هذا الرقم قد يتضاعف قبل أن يتوجه الناخبون إلى مراكز الاقتراع في الرابع من نوفمبر المقبل، بحيث يمكن أن تصل تكاليف الحملة إلى 120 دولارا لكل ناخب.
وألاسكا هي واحدة من بين سبع ولايات اعتبرت الانتخابات فيها الأكثر تكلفة في تاريخها.
وتشير التوقعات إلى أن نفقات هذه الانتخابات ستتجاوز مبلغ 3.6 مليار دولار الذي أنفق في انتخابات منتصف الولاية، في 2010، ومبلغ الـ3,7 مليار دولار، الذي انفق، في انتخابات 2012.
ووضع الجمهوريون كامل قوتهم في محاولتهم استعادة مجلس الشيوخ، ولكن الديمقراطيين الذين يتزعمهم، الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لم يستسلموا دون أن يخوضوا حربا مالية كاسحة.
ومع اقتراب الانتخابات، التي ستجري بعد 39 يوما، فقد شهد الديمقراطيون، الذين عادة ما يشتكون من الأرقام الفلكية التي يتم إنفاقها في السياسة، ارتفاعا كبيرا في الأموال، التي جمعتها لجان الحزب تفوق أموال الجمهوريين، حسب تقارير لجنة الانتخابات الفيدرالية.
كما زادت الشركات كذلك من مساهماتها المالية في الحملات الانتخابية حيث دفعت الملايين في جهود مساعدة مرشحيها المفضلين.
وكذلك فعل أصحاب المليارات مثل تشارلز وديفيد كوتش، وهما صناعيان محافظان اللذين اتهمهما زعيم مجلس الشيوخ، هاري ريد، مرارا بمحاولة «شراء ديمقراطيتنا».
إلا أن الديمقراطيين يتجهون كذلك إلى المانحين الكبار، فقد تبرع الليبرالي مدير صندوق التحوط السابق، توم ستيير، بمبلغ 15 مليون دولار، في أغسطس الماضي، لصندوق البيئة «نكستجين كلايمت اكشن».
وبعكس الأحزاب السياسية، فإن مثل هذه المجموعات يمكن أن تساهم بمبالغ غير محدودة في أية أجندة سياسية، ولكن لا يمكنها التنسيق مباشرة مع الحملات أو تقديم المال للمرشحين.
ولا يطلب من بعض المنظمات غير الربحية الكشف عن المانحين أو تقديم تقارير مفصلة للأموال التي قدمتها، ما يؤدي إلى غرق الحملات بمبالغ غير معروفة من «الأموال السوداء» غير معروفة المصدر.
ويقول جو تريبي الاستراتيجي الديمقراطي إن «الأمور تسير بجنون».
وعمل تريبي على العديد من الحملات الرئاسية، كما عمل مديرا لحملة هاورد دين قبل عشر سنوات عندما أحدث ثورة في الحملات السياسية على الإنترنت، وأضاف: «أتذكر تلك الأيام الملهمة حقا في 2003 وأنظر إلى حالنا الأن في 2014، الأمر مخيف».
وتغير المشهد بشكل كبير، في 2010، بقرار من المحكمة العليا أزال السقف عن المبلغ الذي يمكن أن تتبرع به الشركات والنقابات أوالأفراد للحملات الانتخابية الأمريكية، وخدم هذا القرار الأخوين كوتش اللذين يقدر أن تكون شبكتهما السياسية قد أنفقت 400 مليون دولار في محاولة فاشلة لمنع إعادة انتخاب أوباما في 2012.
وأنفقت مجموعتهما نحو 50 مليون دولار هذا العام لدعم مرشحين جمهوريين، طبقا لمكتبهما السياسي، نقلا عن مذكرة سرية للمانحين تقول إن المجموعة التي لم تكشف عن المانحين، تعتزم إنفاق 120 مليون دولار.
ومن بين التأثيرات المرئية بشكل خاص لهذا «التسونامي المالي»، الإعلانات التلفزيونية. وخلال 60 يوما من الانتخابات، يصبح المرشحون هم الأولوية بدلا من المعلنين التقليديين على التلفزيونات المحلية.
وطبقا لمركز النزاهة العامة فقد تم بث 33 ألف إعلان تلفزيوني في الفترة من 16-22 سبتمبر في أسواق تسعة من أكثر سباقات مجلس الشيوخ احتداما.
ولا يتضح في الغالب من هي الجهة التي تمول الإعلانات. وكان ثلث الإعلانات التي بثت في الفترة من 29 أغسطس إلى 11 سبتمبر مدفوعة من قبل جماعات لم تكشف عن المتبرعين، حسب مشروع «ويسليان ميديا بروجت»س.
وأوضح المشرعون، خلال سبتمبر، أن موسم الانتخابات ليس وقتا للتحدث عن إصلاح تمويل الحملات الانتخابية، مع وقف أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين لجهود الحد من التأثير المالي للشركات والأمريكيين الأثرياء على الانتخابات.
وقال تريبي إن على أي شخص يفكر في ترشيح نفسه للرئاسة، أن يستخلص درسا مهما وهو أن «أي شخص يفكر في الترشح للرئاسة، في 2016، يجب أن يفكر في مواعدة أصحاب المليارات».