x

أوروبا تتغير.. سواء استقلت اسكتلندا أم لا (تقرير)

الخميس 18-09-2014 13:28 | كتب: رويترز |
الاتحاد الأوروبي الاتحاد الأوروبي تصوير : other

أيا كانت نتيجة الاستفتاء، الذي يجري، الخميس، على استقلال اسكتلندا فإن شكل أوروبا سيتغير مع تضاؤل نفوذ الدول الكبرى القديمة، ما قد يثير رد فعل عنيفا في بعض المناطق الأخرى.

وإذا جاءت نتيجة التصويت بالموافقة على الانفصال عن انجلترا، بعد اتحاد استمر 307 أعوام، فسيحدث ذلك زلزالا سياسيا ويفتح شهية أقاليم أخرى للحكم الذاتي من كتالونيا إلى الفلاندرز.

أما إذا كانت النتيجة رفض الاستقلال فقد وعدت الحكومة البريطانية بمنح مزيد من السلطات لأدنبرة مع، ما يترتب على ذلك من تكرار لهذا المسار في ويلز وأيرلندا الشمالية.

وأيا كانت النتيجة سيتردد صدى سابقة الاستفتاء على تقرير المصير في مختلف أنحاء القارة.

وقد تجد الحكومة الإسبانية أن من الصعب تحمل الضغوط الجماهيرية في كتالونيا للسماح بالاستفتاء على السيادة لهذا الإقليم المزدهر في الشمال الشرقي حيث يعيش 7.4 مليون نسمة أي أكبر من أكثر 10 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.

وفي الأسبوع الماضي، ملأ مئات الآلاف من كتالونيا الشوارع في برشلونة للمطالبة بالحق في الاختيار، وما سيفعله أهل كتالونيا سيؤثر بدوره على إقليم الباسك في أسبانيا الذي يتمتع بالفعل بحكم ذاتي أوسع الأن.

وجمدت الحرب الباردة خريطة أوروبا نحو 30 عاما غير أنه منذ سقوط حائط برلين ظهرت دول جديدة وعاودت دول قديمة الظهور بعضها من خلال حروب دموية في البلقان غير أن معظمها ظهر سلميا في منطقة بحر البلطيق.


وفي كثير من الدول الأوروبية حصلت أقاليم على مزيد من السلطات على حساب الحكومة المركزية، وحدث ذلك في إسبانيا، في أواخر السبعينات بعد نهاية الحكم الفاشي للجنرال فرانشيسكو فرانكو.

وتعد العولمة وتكامل الاتحاد الأوروبي مسؤولان مسؤولية جزئية عن إطلاق الصراع بين القوى الطاردة والقوى الجاذبة التي هي أبعد ما تكون عن الاستقرار.

والآن أصحبت دول كانت تحارب بعضها بعضا على مدى قرون تشترك في عملة واحدة ومنطقة واحدة يمكن السفر فيها دون استخدام جوازات السفر وسوق واحدة يتمتع فيها المواطنون بحرية الحركة للأفراد ورؤوس الأموال والبضائع والخدمات ومجموعة كبيرة من المعايير والمقاييس الموحدة.

ويجد القوميون صعوبة في تقبل ذلك مثلما أوضحت نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي، التي كانت نسبة التصويت فيها كبيرة للأحزاب المعارضة للاتحاد الأوروبي في كل من بريطانيا وفرنسا والنمسا وهولندا.

وأصبح على قوة امبريالية سابقة مثل بريطانيا، التي كانت تتغنى بإمبراطورية لا تغيب عنها الشمس، أن تتفاوض على حصتها من صيد الأسماك في مساومات تمتد حتى ساعات متأخرة من الليل في بروكسل.

وأصبحت دول أوروبية ما يسميه روبرت كوبر الدبلوماسي السابق لبريطانيا والاتحاد الأوروبي «دول ما بعد الحديثة» تتداول بكل حرية جانبا من سيادتها.

وقال كوبر في كتابه تفكك الأمم The Breaking of Nations ، الذي صدر 2003: «الاتحاد الأوروبي نظام شديد التطور للتدخل المتبادل من جانب كل دولة في شؤون الدول الأخرى في كل شيء حتى البيرة والنقانق.«

وجعل ذلك الحدود الوطنية أقل أهمية وأثار مطالب من جانب المواطنين بمزيد من التحكم الديمقراطي على مستوى يقل عن مستوى الدول. وكان الاتحاد الأوروبي هو العامل المحفز وراء الكثير من تلك التغيرات لكنه لم يكن الحل في جميع الأحوال.

ولم تزد لجنة أوروبية للأقاليم تشكلت في التسعينات لمنح المسؤولين المنتخبين على مستوى المحليات والأقاليم سلطة في الاتحاد الأوروبي عن كونها منبرا إضافيا للكلام دون أي سلطة حقيقية.
وقال ممثل سابق لأحد الأقاليم، التي تتمتع بالحكم الذاتي في أوروبا، طالبا عدم الكشف عن هويته، إن «لجنة الأقاليم فاشلة فشلا ذريعا، وإذا لم تكن دولة فلا يمكنك أن تضع قضاياك على جدول أعمال الاتحاد الأوروبي«، وللأقاليم الكبرى في الاتحاد الأوروبي مثل لايندر في ألمانيا مكاتب في حجم السفارات في بروكسل للترويج لمصالحها وضمان الحصول على استثمارات من دول الاتحاد والضغط من أجل سن تشريعات.

وترى حركات الاستقلال في اسكتلندا وكتالونيا في الوحدة الأوروبية سبيلا للهرب من نير الحكومات الوطنية، وهي تريد مقعدا خاصا بها على موائد الاتحاد الاوروبي دون الحاجة للوسطاء في كل من لندن ومدريد.

وأدت الأزمة الاقتصادية، التي بدأت 2008، إلى تسارع قوى الجذب والطرد في أوروبا، كما أدت إلى ازدياد حدة الصراعات على الموارد بين الأقاليم الغنية والفقيرة مثل أقليم الفلاندرز، الذي يتحدث بالهولندية، وإقليم والونيا، الذي يتحدث بالفرنسية في بلجيكا، وكذلك في ايطاليا وألمانيا.


ولم يعد إقليما بافاريا وهسه الثريان يريدان دعم الولايات الفقيرة في شمال ألمانيا وشرقها بل ولجأ الإقليمان إلى القضاء في تحديهما لنظام المساواة المالية بين أقاليم البلاد.

وفرض شمال ايطاليا المزدهر المستاء من سداد احتياجات الجنوب نظاما للحد من هذا العبء. واتجه الناخبون في اسكتلندا وكتالونيا إلى الانفصاليين بأعداد أكبر لأسباب منها الاحتجاج على سياسات التقشف التي فرضتها النخب السياسية في البلاد التي تصور على أنها منفصلة عن المواطن العادي.

ويعتبر الزعيم القومي الاسكتلندي، أليكس سالموندا، أستاذا في استغلال الاستياء من مؤسسة الحكم في لندن، وقال، في الأسبوع الماضي: «لو كان يعلم أن زعماء الأحزاب السياسية البريطانية الثلاثة قادمون إلى اسكتلندا لمطالبة الناخبين بالتصويت بلا لكان قد دفع لهم ثمن تذاكر السفر».

كما غذت الأزمة القوى القومية مثل حزب «الاستقلال» البريطاني وحزب «الجبهة الوطنية» في فرنسا وأحزاب «الحرية» في النمسا وهولندا، التي تريد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وإعادة الحدود الوطنية لصد المهاجرين والواردات.

وإذا شهدت الدول القائمة على أسس قومية مزيدا من التفكك فإن ذلك سيزيد التوترات في نظام صنع القرار في الاتحاد الأوروبي بما يخاطر بجموده.

فمن الصعب بالفعل حمل 28 دولة على التصديق على معاهدات بالإجماع من خلال الاستفتاءات في بعض الاحيان. وبينما تنتظر 6 دول أخرى في غرب البلقان الانضمام للاتحاد الاوروبي مع إمكانية تفكك دول أخرى أعضاء حاليا يخشى بعض الخبراء أن يتضخم الاتحاد الأوروبي بحيث تتعذر إدارته.

ويرى خبير القانون الدولي في معهد الدراسات العالمية بجامعة جنيف، نيكولاس ليفرات، إن انتشار الدول الصغيرة سيدفع الاتحاد لإصلاح نظام الحوكمة، وأضاف: «سترغم هذه الزيادة في الدول الجديدة الاتحاد الأوروبي على تغيير أسلوب تمثيل الدول في الاتحاد، وما بدأ بـ 6 دول ويفلح بصفة تقريبية لعدد 28 دولة لن يفلح بالتأكيد لمئة».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية