إذا صوت أغلبية الاسكتلنديين بـ«نعم» في استفتاء على انفصال اسكتلندا عن المملكة المتحدة، الخميس، فإنها ستكون بذلك الدولة الأحدث في العالم.
ويبلغ عدد الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في الوقت الحالي 193 دولة، ويبدو أن هذا العدد لن يظل على ما هو عليه حيث أثبتت تجارب التاريخ أن الدول هي الأخرى تنشأ وتزول.
ففي 15 مارس 1939 كان مؤرخ الرحلات البريطاني، مايكل وينش، مقيما في أعماق شرق أوروبا، في فندق بشارع ممتد في مدينة أوزجورود الصغيرة، يغلب عليه طراز معماري بالغ الجمال، ومع أن وينش قد تنقل كثيرا في ذلك اليوم، إلا أنه لم يكن يحتاج آنذاك لمجرد وضع إحدى قدميه أمام باب الفندق، الذي يقيم به ليصبح في 3 دول خلال 24 ساعة فقط حيث أصبحت أوزجورود خلال يوم واحد تنتمي لثلاث دول مختلفة، أولها تشيكوسلوفاكيا ثم أصبحت تنتمي أيضا لكيان يطلق عليه اسم روتينيا وذلك بعد إعلان بيان الاستقلال الذي ألقي، بل إن المدينة أصبحت عاصمة هذا الكيان، أما الدولة الثالثة فهي المجر المجاورة، وذلك بعد توغل قوات منها إلى المدينة.
ودخلت روتينيا التاريخ على أنها «جمهورية اليوم الواحد» رغم أنه أصبح لها على الفور رئيس وعلم ونشيد وطني، قبل أن تصبح اليوم في طي النسيان، ورغم ذلك فإن تاريخ روتينيا يعد مثالا رائعا على كيفية نشأة الدول وزوالها.
وألف المؤرخ البريطاني، نورمان دافيس، الذي ألف كتابا عن ذلك يعد مرجعا في بابه بعنوان «الممالك المندثرة» يرى أن «جميع الدول تموت، تماما مثل كل البشر».
وباستطاعة من يشك في ذلك أن يجد أمثلة كثيرة عليه في أوروبا نفسها، وفي تاريخها الحديث أيضا، وأمثلة على أن ذلك يحدث أحيانا بشكل أسرع مما يعتقد الإنسان.
وفي صيف 1989 لم يتوقع الخبراء أن هناك نهاية لألمانيا الشرقية، أما اليوم فقد أصبح هناك أكثر من 18.5 مليون مواطن ألماني، أي جميع الذين ولدوا بعد إعادة توحيد ألمانيا لا يعرفون من خلال المعايشة المباشرة، كيف كان الحال مع شطري ألمانيا قبل الوحدة.
ولم يعد الاتحاد السوفيتي موجودا منذ 1991، كما انتهى أمر تشيكوسلوفاكيا 1992، واختفت دولة يوغوسلافيا 2006، وأدى سقوط الشيوعية إلى نشأة أكثر من عشرين دولة أو إعادة تشكلها، بدءا من أرمينيا وانتهاء بكوسوفو، وحصلت دول بمناطق أخرى على استقلالها مثل أريتريا أو مجموعة جزر بالاو في المحيط الهادي، وتعد جنوب السودان أحدث دول في العالم، بعد انفصالها عن السودان، في يوليو 2011، وربما أصبحت اسكتلندا الدولة التالية، وذلك إذا صوت الاسكتلنديون لصالح الانفصال عن بريطانيا في استفتاء، الخميس.
ويجد المؤرخون وخبراء القانون الدولي صعوبة في معرفة أقدم دول العالم، وتعتبر مصر من الدول المرشحة لذلك، حيث كانت هناك على نهر النيل قبل نحو 5 آلاف سنة على أقل أشكال للدولة، ولكن هناك دول أخرى مثل الصين والهند واليونان تزاحم مصر على هذا اللقب.
ويسود خلاف بين المتخصصين بشأن المكان الذي يمكن أن يطلق عليه مصطلح دولة بعد أن تتوافر فيه 3 شروط، هي الأرض، والشعب الذي يعيش عليها إلى جانب سلطة الدولة.
ويطلق أساتذة القانون الدولي على ذلك «علم العناصر الثلاثة»، وحسب المتخصصين يضم العالم حاليا نحو مئتي دولة، ولكن هناك خلاف بشأن العدد الدقيق لهذه الدول حيث أن هناك أسبابا لا حصر لها تدعو إلى على عدم الاعتراف ببعض المناطق على أنها دول.
والحالة الأوروبية الشهيرة على ذلك هي إقليم كوسوفو الصربي السابق حيث لا تحظى هذه الدولة باعتراف صربيا بل وتتجاهلها دولة أخرى كبيرة داخل الاتحاد الأوروبي مثل أسبانيا التي يساورها قلق من أن تحذو أقليات أسبانية حذو كوسوفو في الانفصال.
وكانت ألمانيا من أوائل الدول التي اعترفت باستقلال كوسوفو، وهناك حالات أخرى لدول تواجه خلافا على وجودها من بينها إسرائيل، التي لم تعترف بها الكثير من الدول العربية حتى الآن، وفلسطين التي لم تحصل على عضوية كاملة بالأمم المتحدة رغم أن هناك أقلية من الدول تعترف بها.
وهناك دول تم الإعلان عن قيامها دون أن تحظى بالاعتراف من جانب الكثير من دول العالم منها على سبيل المثال الجمهورية الصحراوية المعلنة في شمال أفريقيا وأوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، وترانسنيستريا في آسيا.
ويعتبر الخلاف في أوكرانيا على شبه جزيرة القرم والجزء الشرقي من أوكرانيا من أحدث الأمثلة على الخلافات الحدودية بين دول العالم.
من المنتظر أن يصبح الصراع في أوكرانيا أحد أهم القضايا التي ستطرح على الاجتماعات السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك خلال الشهر الحالي.
يبلغ عدد دول العالم حاليا 193 دولة تحديدا، وللمقارنة فإن الاتحاد الدولي لكرة القدم، «فيفا»، يضم في عضويته 209 اتحادات وطنية، من بينها الاتحاد الاسكتلندي بالمناسبة، ولكن هذه الأعداد أيضا لا تنم على وجه الدقة عن عدد دول العالم، حيث إن هناك دولا لا تتمتع بعضوية كاملة لدى الأمم المتحدة من بينها على سبيل المثال: فلسطين، قبرص الشمالية، تايوان، والفاتيكان، وهناك دول تنتظر الاعتراف بها منذ عقود، وليس كل ما يطلق على نفسه وصف دولة هو فعلا كذلك فهناك على سبيل المثال تنظيم «داعش» التي شكل الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، لتوه تحالفا دوليا ضدها.
ومن الممكن أن يصبح هناك عدد أكبر من الدول، ولكن من الممكن أيضا أن يقل عدد الدول الحالية، حيث سبق ووضعت مجلة «فورين بوليسي» مؤشرا للـ«الدول الهشة»، وهي الدول التي تعاني من مشاكل وأوشكت على الانهيار، على رأسها جنوب السودان والصومال وجمهورية إفريقيا الوسطى، حسب المؤشر، ولكن دول العالم الكبيرة أيضا لا تستطيع أن تأمن على بقائها بشكل أبدي، ولننظر في هذا السياق على سبيل المثال إلى الاتحاد السوفيتي.