تواجه الأقليات المسلمة في البلدان المختلفة العديد من المشكلات، وتعاني بعضها من كل أنواع الحرمان والحصار والتنكيل كالتقتيل والإبادة والتشريد والتجويع والتهجير، مثل ما يحدث في الصين والهند، وبورما.
ونستعرض في التقرير التالي أبرز ما تتعرض له الأقليات المسلمة، وفقًا لما ورد في «الموسوعة التاريخية، وبي بي سي».
1- المسلمون في الهند
وصل الإسلام إلى الهند على يد محمد بن القاسم أثناء الفتوحات المعروفة في التاريخ الإسلامي بفتوحات السند أيام عهد الدولة الأموية، وعلى مدى قرون طويلة ظل المسلمون في شبه القارة الهندية أمة واحدة، ومع نهاية الاحتلال البريطاني الذي استمر حوالي مائتي عام انقسمت الهند عام 1947م إلى دولتين هما الهند وباكستان التي كانت تضم آنذاك بنجلاديش، ونتيجة لذلك التقسيم ظهرت على مسرح الأحداث السياسية مشكلة إقليم جامو وكشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان.
مجتمع الهند مجتمع متعدد الأعراق واللغات، تبلغ نسبة المسلمين فيه 14% من مجموع السكان، أي حوالي 141،960،431 نسمة، ورغم كبر حجم الأقلية المسلمة في الهند (14%)، فإن نسبة تمثيلهم في مؤسسات الدولة لا تتعدى 1%.
المشكلات التي تواجههم
النزاعات بين الهندوس والمسلمين والتي كان من أعنفها أحداث آسام عام 1984 التي أسفرت عن مجازر راح ضحيتها آلاف المسلمين، وأحداث هدم المسجد البابري في 6 ديسمبر 1992م حيث وقعت اشتباكات بين المسلمين وأعضاء حزب شيوسينا الهندوسي المتعصب سقط فيها الآلاف من كلا الجانبين.
الهوية الثقافية التي تشعر تلك الأقلية أنها مهددة بالذوبان في المجتمع الهندي الذي يغلب عليه الطابع الهندوكي، ويقول المسلمون الهنود إن الحكومة تحاول تكريس هذا الطابع في المؤسسات التعليمية والثقافية والإعلامية، لذا فقد بذلوا جهودا كبيرة.
انخفاض متوسط الدخل السنوي لمعظم أفراد الأقلية، وتصنيفهم ضمن الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً، حيث يعيش أكثر من 35% من سكانها تحت خط الفقر.
2- تركستان الشرقية في الصين
تعد الأقلية المسلمة في الصين ثاني أكبر أقلية إسلامية في آسيا بعد الهند، حيث تبلغ نسبتهم 11% من إجمالي سكان الصين البالغ عددهم 1،246،871,951 نسمة.
ودخل الإسلام إلى الصين في وقت مبكر من القرن الثامن الهجري على يد التجار المسلمين من العرب والفرس، وصار المسلمون الصينيون بعد ذلك أهم عنصر في الحكم المغولي.
بدأت معاناة المسلمين الصينيين خلال سنوات حكم المندشوريين الأولى والتي امتدت من القرن السابع عشر حتى أوائل القرن العشرين، وقام المسلمون بعدة ثورات أسفرت في النهاية عن تكوين دول إسلامية في بعض الولايات لفترات قصيرة، مثل تلك التي قامت في كل من هونان، كانسو، وتركستان الشرقية.
ويوجد في إقليم تركستان الشرقية، حوالي 13 مليون مسلم، وقام المسلمون نتيجة لذلك بثورات عديدة تطالب بالاستقلال عن الحكم الصيني، كان أشهرها ثورة 1965- 1966م التي قمعتها السلطات الصينية بالقوة، وأسفرت عن هجرة حوالي 250 ألفاً إلى البلدان المجاورة مثل أوزبكستان وأفغانستان وطاجكستان وكازاخستان.
ومنذ ذلك الحين بدأت معاناة الشعب التركستاني سواء في أماكن تواجدهم داخل الإقليم أو في أماكن لجوئهم بالخارج، حيث مارست الحكومة الصينية ضدهم صنوفاً مختلفة من القمع والاضطهاد.
ورغبة منها كما يقول التركستانيون، في تهميش مظاهر الحياة الإسلامية بحجة مخالفة القوانين الصينية عملت على:
- إغلاق أكثر من عشرة آلاف مسجد من أصل 21 ألفًا في الإقليم.
- منع استخدام الأحرف العربية في الكتابة، ومنع الصيام.
- تطبيق قوانين أحوال شخصية يخالف بعضها أحكام الشريعة الإسلامية.
- إخضاع المدارس في تركستان الشرقية للمناهج التعليمية الصينية دون اعتبار للخصوصية الدينية والعرقية.
- أعلنت الحكومة الشيوعية سياسة قطع صلة مسلمي تركستان الشرقية بالإسلام والمسلمين عموما فمنعت خروج المسلمين إلى خارج البلاد كما منعت دخول أي أجنبي وفوق ذلك كل من كان له أقارب في الخارج كان يعذب حتى يسجن بتهمة أنه جاسوس وله ارتباط في الخارج.
- منعت الحكومة الشيوعية إقامة الصلاة وصوم رمضان وبقية أركان الإسلام وقراءة الكتب الدينية والقرآن الكريم.
- تحدثت جريدة إبراس الأندونيسية عن سقوط 75 ألف شهيد من المسلمين الأتراك في مدينة كاشغر في عام 1966م وقد دارت هذه المذبحة الرهيبة أثناء استقبال المسلمين لشهر رمضان.
3- المسلمون في الفلبين
تعتبر الفلبين من أقدم الدول الآسيوية التي دخلها الإسلام على أيدي المسلمين العرب من التجار والدعاة (1310م)، وقام حكم إسلامي في العديد من الجزر الجنوبية وبخاصة جزيرة مِندناو منذ أوائل القرن الرابع عشر الميلادي وحتى القرن السادس عشر.
واحتلت إسبانيا الفلبين منذ القرن السادس عشر الميلادي وحتى عام 1899م، وفي تلك الفترة بدأ الحكم الإسلامي بالانحسار، وازداد الأمر تعقيداً بمجيء الاستعمار الأمريكي الذي ضم الجنوب المسلم إلى الشمال قبل أن يمنح الفلبين استقلالها عام 1946م، وتسبب ذلك في حالة من الشعور بالحقد سادت بين المسلمين هناك الذين كانوا يعملون لنيل استقلالهم، كما كانوا طوال القرون الماضية تحت اسم مملكة سولو وسلطنة ماجندناو.
ونتيجة لاتهام المسلمين الحكومة الفلبينية بدعم جماعات مسيحية مسلحة، انفجر الوضع العسكري بين الجانبين عام 1970م، وتأسست إثر ذلك الجبهة الوطنية لتحرير مورو عام 1972 لتقود مواجهات مسلحة ضد النظام الفلبيني، غير أن هذه المواجهات لم تسفر عن انتصارات حاسمة لأي منهما.
ويعاني مسلمو الفلبين من المشاكل الآتية:
1- التخلف الشديد الذي يتجلى في النقص الحاد في الخدمات التعليمية والصحية والذي يعود سببه -من وجهة النظر الإسلامية- إلى سيطرة الحكومة في مانيلا على الثروات الطبيعية للمناطق الإسلامية.
2- الخلخلة السكانية حيث يتهم المسلمون الحكومة المركزية بتهجير آلاف المسيحيين إلى الجنوب لإحداث تفوق عددي على المسلمين هناك.
3- الصدامات العسكرية بين ثوار الجبهة الإسلامية لتحرير مورو الداعية للاستقلال وبين الجيش الحكومي، وكان من نتيجة هذه الصدامات حتى الآن تهجير قرابة مليوني مسلم فلبيني إلى ولاية صباح الماليزية المجاورة.
4- التهميش السياسي إذ ليس لدى المسلمين أي ممثل في الحكومة أو القضاء.
5- انشقاق الحركة الوطنية بسبب الخلافات القائمة بين الجبهتين الوطنية والإسلامية حول أسلوب العمل الوطني بين الاستقلال التام أو الحصول على بعض المكاسب المؤقتة.
6- ضعف الاهتمام الدولي وخاصة الإسلامي بقضيتهم.
4- مسلمو «الروهينجا» ببورما.
تتعرض مجموعات الأقلية المسلمة في ميانمار (بورما سابقًا)، من عرقية «الروهينجا»، بولاية «أرخين» المعروفة أيضًا باسم أراكان، لموجات من القتل والتهجير.
- وصل المسلمون دلتا نهر إيراوادي في بورما على ساحل تانينثاري، وولاية أراكان، في القرن السابع الميلادي، إبان عهد الخليفة العباسي هارون الرشيد، وقد أسسوا إمارة أراكان التي استمر الحكم الإسلامي فيها نحو ثلاثة قرون، منذ عام 1430م وحتى عام 1784م، دخل خلالها الكثير من السكان المحليين في الدين الإسلامي، إلى أن احتل البوذيون أراكان عام 1784 وقاموا بضمها إلى بورما، ومنذ ذلك التاريخ بدأت أولى حلقات العنف المتبادل بين المسلمين والبوذيين، والتي استمرت حتى احتلال بورما من بريطانيا عام 1824.
أبرز موجات العنف الطائفي في ميانمار
1- عام 1942: البوذيون يقومون بمذبحة كبيرة ضد مسلمي الروهينجا بمساعدة بريطانيا، أودت بحياة أكثر من 100 ألف مسلم معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال.
2- عام 1948: استقلال بورما عن الاحتلال البريطاني، مع إبرام اتفاقية تقضي بتعهد بورما بمنح الحكم الذاتي أو الاستقلال لكل العرقيات الأخرى بأقاليم الدولة المختلفة في غضون عشر سنوات.
3- عام 1962: استيلاء الشيوعيين على الحكم في بورما، بعد انقلاب عسكري قاده الجنرال «تي ون»، وكان من أول قراراتهم مصادرة ما يزيد على 90% من أراضي المسلمين وممتلكاتهم.
4- عام 1967: الحكومة الشيوعية في بورما تصدر قرارًا بسحب الجنسية من آلاف المسلمين بولاية أراكان وتُبعد نحو 28 ألف مسلم إلى الحدود مع بنجلاديش المجاورة.
5- عام 1974: حكومة بورما تطرد ما يزيد على 200 عائلة مسلمة بأراكان إلى جزيرة نائية، بالإضافة إلى سحب الجنسية من نحو 300 ألف مسلم وطردهم إلى حدود بنجلاديش.
6- عام 1978: تعرض أكثر من نصف مليون من مسلمي الروهينجا للطرد من ديارهم والإبعاد إلى حدود بنجلاديش، ما أدى إلى وفاة حوالي 40 ألفا منهم في المنفى.
7- عام 1982: أصدرت الحكومة الماركسية قرارًا يقضي بحرمان المسلمين من عرقية الروهينجا من حقوق المواطنة والجنسية البورمية واعتبرتهم منذ ذلك التاريخ مهاجرين بنغاليين غير مرغوب فيهم.
8- عام 1988: إجلاء نحو 150 ألف مسلم من ديارهم بأراكان، لبناء قرى ومنازل للبوذيين في إطار محاولات تغيير التركيبة الديموجرافية للولاية.
9- عام 1991: طرد أكثر من نصف مليون مسلم انتقامًا منهم بسبب تصويتهم لصالح المعارضة في الانتخابات النيابية التي أجريت في ذلك العام وتم إلغاء نتيجتها، كما قامت الحكومة بسحب الجنسية من مئات الآلاف من المسلمين واعتبارهم أجانب.
10- عام 1997: موجة جديدة من موجات القتل والتشريد والطرد تعرض لها مسلمو ميانمار في ولايات مختلفة بالتزامن شملت مدن رانجون وبيجو ومندالاي، قام البوذيون خلال تلك الموجة بحرق عشرات المساجد.
11- عام 2001: بداية موجة منظمة من أحداث العنف والقتل بحق المسلمين في كل مدن بورما، على خلفية أحداث 11 سبتمبر بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد استولى البوذيون بدعم من الجيش على الكثير من ممتلكات وأراضي المسلمين.
12- عام 2012: رئيس ميانمار «ثين سين» يعلن أنه لابد من طرد مسلمي الروهينجا من ميانمار وإرسالهم إلى مخيمات اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وذلك على خلفية حادث اغتصاب فتاة بوذية قيل إن شبان مسلمين قد تورطوا فيه، ما أدى إلى مقتل العشرات من مسلمي الروهينجا على أيدي قوات الجيش والمتطرفين البوذيين وإحراق عشرات المنازل ومصادرة الكثير من الأراضي.
5- الإبادة في البوسنة والهرسك
بدأت الحرب على المسلمين في البوسنة والهرسك، فيما يعرف بمجزرة «سربرنيتشا» في 17 ابريل 1992، وانتهت في 1995 بعد توقيع اتفاقية «دايتون»، وبعد إبادة أكثر من 300 ألف مسلم، باعتراف الأمم المتحدة.
ومجزرة «سربرنيتشا» التي شهدتها البوسنة والهرسك في 1995، حدثت على أيدي القوات الصربية، وبأوامر مباشرة من أعضاء هيئة الأركان الرئيسية لجيش جمهورية صربيا، والقادة العسكريين والسياسيين بالقيام بعمليات تطهير عرقي ممنهجة ضد المسلمين البوسنيين والمعروفين باسم «البوشنياق».
وتعتبر مجزرة «سربرنيتشا» من أفظع المجازر الجماعية التي شهدتها القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، وراح ضحيتها مئات الآلاف، ونزح عشرات الآلاف من المدنيين المسلمين من المنطقة.
واقتحمت القوات الصربية المدن ذات الأغلبية المسلمة، وعزلت الذكور بين 14 و50 عاماً عن النساء والشيوخ والأطفال، ثم تمت تصفية كل الذكور بين 14 و50 عام ودفنهم في مقابر جماعية، كما تمت عمليات اغتصاب ممنهجة ضد النساء المسلمات حتى الموت تحت مرأى القوات الهولندية التي كانت مُكلفة بحماية المدنيين بالمدينة، وقد اتهم كثير من الناجين من المذبحة القوات الهولندية بتسليم من فر من المدنيين لها إلى الصرب ليتم قتلهم لاحقًا.
وتم تحميل رادوفان كارادديتش، الزعيم السياسي لصرب البوسنة، والجنرال راتكو ملاديتش، الذي قاد الميلشيا الصربية، بالإضافة للعديد من القادة السياسيين والعسكريين وشبه العسكريين المسؤولية عن تنظيم عمليات قتل المدنيين وتشريدهم، وقد أعلن الرئيس الصربي اعتقال ملاديتش في 26 مايو 2011، وفي فبراير 2007، أكدت محكمة العدل الدولية ما أصدرته محكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة، بأن ما جرى «سربرنيتشا» كانت إبادة جماعية.
6- الأحواز في إيران
الأحواز أو الأهواز هي عاصمة ومركز محافظة خوزستان، تقع شمال غرب إيران، ويبلغ تعداد سكانها حوالي 2 مليون شخص، دخل الجيش الإيرايني المدينة في 1952، بسبب غنائها بالموارد الطبيعية من النفط والغاز، والأراضي الزراعية الخصبة حيث بها نهر كارون، أحد أكبر أنهار المنطقة الذي يسقي سهلاً زراعياً خصباً تقع فيه المدينة، وهي المنتج الرئيسي لمحاصيل مثل السكر والذرة في إيران اليوم.
ومعظم سكان منطقة الأحواز قبل الاحتلال کانوا في غالبيتهم عرباً، ومنذ ذلك الیوم وحتى هذا التاریخ یسعی المحتل الإیراني إلى زيادة نسبة غير العرب في الأحواز وتغییر الأسماء العربية الأصلية للمدن والبلدات والأنهار وغيرها من المواقع الجغرافية، وتنظيم تهجير جماعى للقبائل العربية وإحلالها بأخرى فارسية لتغيير التركيبة السكانية في المنطقة، وفرض المذهب الشيعى قسرا على السكان الباقين، ومنع أهل السنة من إقامة المساجد والشعائر على المذهب السنى.
ويعكف الجيش الإيراني على قتل الأحواز السنة بشكل ممنهج والتنكيل بهم وبنسائهم منذ الاحتلال، كما شهدت السجون الإيرانية موت آلاف الثوار الأحراز، ولا تزال حفلات الإعدام العلني الجماعي تنصب في ميادين المدن الأحوازية للمعارضين من عرب وسنة الأحواز، وفي مقابل هذا التنكيل والاضطهاد قامت العديد من الثورات والانتفاضات على مدى مدة الاحتلال الفارسي، قدم فيها الشعب الأحواز آلاف الشهداء والجرحى، وتعرض للعديد من المجازر كعقوبة على هذه الثورات ومن أشهرها مجزرة المحمرة 1979 بعد الثورة الخمينية، التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من السنة.