رد المجلس القومي لحقوق الإنسان، على تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» الذي تناول أحداث فض اعتصام رابعة العدوية ونهضة مصر، متهمًا المنظمة الدولية بأن تقريرها «تضمن مغالطات واضحة، واستنتاجات دون دليل، واستنادا لاستدلال يتنافى مع المنطق، بجانب أنه تحيز للإخوان».
وأكد المجلس، في بيان مفصل أصدره، الجمعة، أن مجمل الملاحظات التي وضعها تقرير «هيومان رايتس ووتش» على تقرير المجلس «لم تخرج عن تلك الانتقادات الإعلامية التي نُشِرت في الصحف المصرية من بعض الأشخاص، والتي يبدو أنها نُقِلت عبر مؤلف تقرير المنظمة كما هي دون أن يتم التحقق منها، وهو الأمر الذي يتنافى مع مهارات عملية البحث والتقصي التي تُلزم، مهنيًا وأخلاقيًا، المحقق من توثيق المعلومات قبل ذكرها».
«هيومان رايتس» لم تعلم بتقريرنا عن الفض.
وفجر البيان مفاجأة بكشفه أنه أثناء لقاء ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، بمُعد تقرير «هيومان رايتس» وهو باحث يدعى «عمر»، بحضور نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بـ«هيومان رايتس» جون ستورك، قبل شهر من إصدار الأخيرة لتقريرها عن فض الاعتصام، أن «أمين» سأل الباحث رأيه في تقرير المجلس، ليرد بسؤاله عما إذا كان المجلس أصدر تقريرًا من عدمه، وهو ما اعتبره «قومي حقوق الإنسان» أمر مدهش أن تعد «هيومان رايتس» تقريرًا عن أحداث فض اعتصام رابعة دون أن تطلع على تقرير المجلس.
ولفت البيان إلى أن المنظمة الدولية أصدرت في 14 أغسطس الجاري، تقريرًا عن الأحداث التي شهدتها مصر بعد ثورة 30 يوليو، متضمنة أحداث فض اعتصامي رابعة والنهضة، متناولاً بالنقد والتشكيك تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان.
وأشار إلى أنه، وعلى الرغم من أن المجلس لا يتّبع في منهجية عمله أن يرد أو يعلق على تقارير صادرة عن منظمات عاملة في ذات المجال، إلا أنه قرر الرد على ما تضمنه تقرير «هيومان رايتس» من «مغالطات واضحة، واستنتاجات دون دليل، واستدلال يتنافى مع المنطق في عدد من الانتقادات التي وجهها للمجلس».
التقرير تجاهل شهادة محورية
واتهم البيان «مؤلف تقرير المنظمة» بتعمد إهدار أحد الشهادات المحورية، وهي شهادة المراسل ماجد عاطف المتعلقة بواقعة مقتل ضابط، والتي اندلعت على أثرها أحداث تبادل إطلاق النار، مضيفًا «على الرغم من أن التقرير اعتمد على هذه الشهادة في أكثر من عشرين موضع في وقائع أخرى لا تدين جماعة الإخوان في تحيز واضح».
ونوه المجلس إلى أن «مؤلف التقرير» نسب إليه لقاء لم يتم، مما دفع هذا الشاهد الطلب من إدارة المنظمة إلى تصويب الأمر، وهو ما يطعن في مصداقية التقرير باعتبار هذا الشاهد «محوريا» في التقرير، مشيرًا إلى أن «مؤلف التقرير» لم يذكر أي من انتهاكات حقوق الإنسان التي بدرت عن إدارة الاعتصام، من حالات اختطاف وتعذيب، وكذلك حالات استخدام المعتصمين كدروع بشرية واحتجازهم في الاعتصام، وبرغم من تلك الجرائم لم يسند أي مسؤولية إلى إدارة الاعتصام من جماعة الإخوان.
وتابع البيان: «أبدى مؤلف تقرير المنظمة، أن تقرير المجلس قد شابه نقاط ضعف منهجية، منها أن المجلس أخفق في التحدث مع عدد كبير من المشاركين فى الاعتصام أنفسهم، ونتيجة لذلك فقد أخفق في الحصول على ما في حوزتهم من مقاطع فيديو وصور وأدلة»، مضيفًا: «وهذا القول مردود عليه بأن المجلس قد استمع إلى شهادات متنوعة ومختلفة المصادر سواء من المشاركين فى الاعتصام أو المراسلين المحليين أو الدوليين والإعلاميين المحليين والأجانب الذين شهدوا أحداث فض الاعتصام».
تقرير المنظمة يفتقر للمهنية
وأكد بيان «قومي حقوق الإنسان» أن الأخير «ركز بشدة في سماع وتسجيل شهادات المعاصرين لأحداث فض الاعتصام، وليس مجرد من شاركوا فيه وحسب ولم يعاصروا أحداث الفض في ميدان رابعة العدوية».
وشدد البيان على أن القول بإخفاق المجلس في الحصول على مقاطع الفيديو والصور والأدلة مردود عليه أيضًا بأنه «لم يكن هناك حاجة للقاء الشخص نفسه، لأنه بعد ساعات قليلة من أحداث فض الاعتصام تم رفعها على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى شبكة الإنترنت من الأشخاص أنفسهم الذين يدعون إهمال شهادتهم، وبالتالي فإن الاستدلال خاطئ».
ولفت البيان إلى أن تقرير المنظمة انتقد تقرير المجلس، على اعتبار أنه لم يحمّل وزارة الداخلية مسؤولية كافية عن أنها لم توفر مخارج آمنة، على الرغم من أن أبرز الانتهاكات لعملية فض الاعتصام، كما ذُكر في تقرير المجلس حوله، كانت «فشل وزارة الداخلية، وليس مجرد الإخفاق، في توفير المخرج الآمن»، وهو ما اعتبره بيان المجلس «دليل على أن مؤلف تقرير (هيومان رايتس) لم يقرأ أصلاً تقرير المجلس وما انتهى إليه من إجراء، ينم عن ضعف مهنية في أقل تقدير، إن لم يكن هناك تعمد للتضليل بشأن ما انتهى إليه تقرير المجلس».
وأوضح البيان أن «مؤلف تقرير (هيومان رايتس) ادعى أن المجلس قلل من أعداد الخسائر، معتمدًا فقط على التوثيق الرسمي وتجاهل أدلة دامغة تفيد بوجود جثث غير موجودة في الحسبان وفي مستشفيات بأنحاء الجمهورية ومسجد الإيمان».
واعتبر «قومي حقوق الإنسان» في بيانه الانتقاد السابق «دليلا آخر على عدم مصداقية محرر تقرير المنظمة، وأنه لم يطلع على تقرير المجلس، لأنه ولأول مرة تضمن قوائم موثقة بالأسماء للجثامين الموجودة بمسجد الإيمان وكذلك تلك التي وجدت في كل المستشفيات، بقوائم مفصلة وموثقة اعتمد عليها كل من أراد توثيق الأعداد الحقيقية للوفيات، بالإضافة إلى أنها اعتبرت تلك القوائم المتنوعة رسميًا مصدرًا لصحة التأكد من الإعداد والأسماء للمتوفين تلك الأحداث».
ورد المجلس على اتهام المنظمة لتقريره بـ«المبالغة» في وصف العنف الصادر عن المتظاهرين والمعتصمين، باعتماد المجلس على مصادر نشرتها وزارة الداخلية، بقوله إنه «تأكيد ودلالة على سوء نية متعمد من معد تقرير المنظمة، الذي تجاهل عن عمد مقاطع فيديو حصل عليها المجلس ونُشرت في مؤتمر صحفي لأول مرة وحصريًا من مظاهر عنف لم تبث ولم تنشر من قبل».
وأكد البيان أن المجلس «لم يحقق في أعمال بعينها، من سوء سلوك فردي، بما فيها الاعتداء بالضرب والتعذيب وحتى الإعدام الميداني على بعض المحتجين»، قائلاً إنها ملاحظة لم تختلف كثيرًا عن سابقاتها «في محاولة تضليل تدل على أن معد تقرير منظمة هيومان رايتس ووتش لم بشاهد المقاطع الفيلمية المرفقة لتقرير المجلس والتي تظهر وتوثق لحالات سوء سلوك فردي أثناء عملية الفض».