x

هل يعود «الناتو» إلى مبدأه الأساسي لمواجهة التهديد الروسي؟

الأحد 17-08-2014 23:03 | كتب: رويترز |
وزير الخارجية الألماني ، جويدو فيسترفيل و نظيره الفرنسي ، برنار كوشنير يتحدثان خلال اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العاصمة الأستونية ، تالين ، 22 أبريل 2010 ، حيث يجتمع أعضاء الناتو لوضع خطط لإصلاح المنظمة للتعامل مع التهديدات الأمنية الأخيرة. وزير الخارجية الألماني ، جويدو فيسترفيل و نظيره الفرنسي ، برنار كوشنير يتحدثان خلال اجتماع غير رسمي لوزراء خارجية منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في العاصمة الأستونية ، تالين ، 22 أبريل 2010 ، حيث يجتمع أعضاء الناتو لوضع خطط لإصلاح المنظمة للتعامل مع التهديدات الأمنية الأخيرة. تصوير : أ.ف.ب

بعد أكثر من عقدين على انتهاء الحرب الباردة بانهيار الاتحاد السوفيتي السابق، ها هي الأزمة الأوكرانية تدفع بحلف شمال الأطلسي «ناتو» بقيادة الولايات المتحدة للعودة إلى المبدأ الأساسي الذي تأسس من أجله: «حماية أعضائه من تهديد روسي يعون وجوده في جوارهم».

وإثر إقدام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على ضم القرم ودعم للمقاتلين الانفصاليين الناطقين بالروسية في شرق أوكرانيا ازداد الشعور بالضعف إلى حد كبير بين أعضاء الحلف الجدد في شرق أوروبا من البلطيق إلى البحر الأسود.

كما سلط السلوك الروسي الضوء على مسائل كانت متروكة من دون حل كوضع الأمن في بلدان مثل جورجيا ومولدوفا بالإضافة إلى أوكرانيا في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي كونها موجودة في منطقة يحدها أعضاء في حلف الأطلسي من جهة وروسيا من جهة أخرى.

وعندما يعقد زعماء الحلف الثماني والعشرين مؤتمرهم في ويلز في الرابع والخامس من سبتمبر المقبل، سيتصدر جدول الأعمال وضع الخطط العسكرية لطمأنة الدول التي كانت ضمن كتلة الدول التي قادها الاتحاد السوفيتي السابق مثل بولندا واستونيا ولاتفيا وليتوانيا. كما ستخيم بشكل كبير على المحادثات العلاقات المجمدة بين روسيا والحلف.

هذه القضايا سوف تحجب قرب إسدال الستار على المهمة الخارجية الأطول والأقل شعبية والأقل نجاحا للحلف في أفغانستان والتي وضعته في مأزق كلفه الكثير من الضحايا ضد حركة طالبان التي لا تزال تهدد كابول.

وفي رسالة دعوة وجهها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، إلى نظرائه من زعماء الحلف قال «بعد مرور ستة أشهر على الأزمة الروسية -الأوكرانية علينا أن نتفق على تدابير طويلة الأمد لتعزيز قدرتنا على الرد بسرعة على أي تهديد ولطمأنة هؤلاء الحلفاء الذين يخشون على أمن بلادهم ولردع أي عدوان روسي».

وأوضح الحلف أنه لن يستخدم القوة لدعم أوكرانيا- التي ليست عضوا فيه- لكنه في الوقت عينه حذر روسيا التي نقلت 20 ألف جندي على مقربة من الحدود مع جارتها من مغبة التدخل العسكري في شرق أوكرانيا تحت ستار عملية إنسانية أو عملية لحفظ السلام.

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، اندرس فو راسموسن، في مقابلة هذا الأسبوع «نحن لا نبحث في شن أي عمليات عسكرية».

وأضاف «إذا تدخل الروس أكثر في أوكرانيا فلا أشك على الإطلاق بأن المجتمع الدولي سيرد بتصميم خصوصا عبر فرض عقوبات اقتصادية أوسع وأعمق وأقسى ستزيد عزلة روسيا».

وأحد المواضيع التي سيبحثها المؤتمر سيكون نشر قوات للحلف بشكل دائم شرق الحدود الغربية والشرقية لجبهة الحرب الباردة أو أن يقتصر الأمر على تخزين أسلحة هناك وتحديث القواعد الجوية وزيادة التمرينات العسكرية والدوريات الجوية.

ودعا كاميرون لوضع جدول جديد للمناورات وبناء بنية تحتية عسكرية جديدة والتموضع المسبق للمعدات والمؤن وتعزيز قوات الرد في الحلف لتصبح 25 ألف جندي.

غير أن دول شرق أوروبا ترغب بنشر قوات على الأرض وقوات متمركزة في القواعد الأمامية وإنشاء مقر للحلف على أراضيها لردع أي محاولة روسية لزعزعة استقرارها.

ووجد استطلاع للرأي أجري مؤخرا في ألمانيا أن ثلاثة أرباع الألمان يعارضون إنشاء قواعد ثابتة للحلف في دول أوروبا الشرقية المنتمية إليه.

وقال وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي، إن الدول الأعضاء في الحلف تقترب من الإجماع على الخطوات اللازمة لتعزيز التواجد العسكري للحلف في شرق أوروبا.

وأضاف «لقد رحبنا باقتراحات القيادات العسكرية للحلف التي وضعت ما تعتقد أنها حزمة معقولة من إجراءات الطمأنة».

وقال مسؤول رفيع الشأن في الحلف إن التسوية النهائية المرجحة يمكن أن يطلق عليها «التواجد الثابت».

وتشمل الخطة وضع هيكل قيادة خاص للدفاع عن الحلفاء في شرق أوروبا ورفع مستوى مركز القيادة المشتركة الألمانية البولندية الدنمركية في زتشين في بولندا عبر التدريبات العسكرية والزيارات المتكررة لكن من دون نشر قوات دائمة للحلف.

وقال ستيفن بيفر وهو سفير سابق للولايات المتحدة في كييف وعضو حالي في معهد«بروكنجز» للأبحاث في واشنطن «كل ما شهدناه حتى الآن ينبئ بأن الحلف لن يخوض الحرب بشأن أوكرانيا».

وأضاف «إن التركيز الحقيقي هو على الاهتمام بالحلفاء الأوروبيين للحلف وطمأنتهم».

إن عودة الدفاع عن الأراضي كأولوية لدى الحلف تعكس التطور المضطرد معاهدة حلف شمال الأطلسي على مدى عقدين من الزمن.

وقال مسؤول رفيع في الحلف في إشارة إلى تحليل هام أصدرته مؤسسة «راند» للأبحاث عام 1993 عن مستقبل الحلف «بعد انهيار الاتحاد السوفيتي كانت الرسالة السائدة في الحلف، أنه علينا تخطي حدود منطقنا وإلا خرجنا من المعادلة»

وأوضح المسؤول «كان علينا إما التصدي للتحديات الأمنية الجديدة التي تتخطى حدود منطقتنا والمتمثلة في الإرهاب والأمن الإلكتروني في البوسنة وكوسوفو وأفغانستان عن الإرهاب وإلا سيصبح الحلف غير ذي فائدة».

في حين استخدم المسؤولون الأمريكيون الحلف في أغلب الأحيان كأداة لحشد تحالفات الراغبين في الحملات الحربية أو المهام الإنسانية.

وقال المسؤول «الآن إلى حد ما عادت الأمور إلى الأساس. هناك عودة للتشديد على الفقرة الخامسة» في إشارة إلى التعهد بالدفاع المشترك الوارد في معاهدة شمال الأطلسي التي أبرمت عام 1949 وأنشأ الحلف على أساسها.

ولكن على العكس من الحرب الباردة لا يوجد أي شعور عام بأن روسيا تشكل التهديد الأمني الوحيد.

فعلى الرغم من أن تأكيد بوتين على حقه في الدفاع عن الناطقين بالروسية الموجودين خلف حدوده أثار قلق حلفاء الحلف وخصوصا دول البلطيق التي تسكنها أقليات روسية كبيرة،غير أنها تبقى أقل خطورة من المواجهة العقائدية العالمية مع الشيوعية.

وتستمر واشنطن وموسكو في التعاون في مواضيع مثل كبح البرنامج النووي الإيراني ونزع السلاح الكيميائي من سوريا على الرغم من النزاع في أوكرانيا.

في حين يحرص حلفاء الحلف المتوسطيون- الذين يرون أن التهديدات الأساسية لأمنهم تكمن في انعدام الاستقرار في أفريقيا والشرق الأوسط- على الحفاظ على الحوار مع روسيا وتجنب العودة إلى وضع مماثل للحرب الباردة.

وبالتالي بات على الحلف أن يكون قادرا على التعامل مع مهام إدارة الأزمات والدفاع عن أراضيه. وهذه قائمة من المهام أطول من اللازم نظرا إلى الانكماش الحاد في الإنفاق الدفاعي في الكثير من بلدان الحلف التي وزعت أموالها على مشروعات سلمية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كما خفضت الإنفاق العسكري أكثر بعد الأزمة المالية التي ضربت أوروبا في 2008.

وينفق معظم أعضاء الحلف الأوروبيين على الدفاع مبالغ تقل كثيرا عن النسبة التي يحددها الحلف والبالغة اثنان في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في ما عدا بولندا التي زادت ميزانيتها الدفاعية.

وتشمل الدول التي تطالب أكثر من غيرها بتواجد للحلف على أراضيها كلا من لاتفيا وليتوانيا اللتين تخصصان 0.9 و0.8 في المئة من ناتجهما المحلي الإجمالي للموازنة الدفاعية على الرغم من تعهدهم بالالتزام بالإنفاق الذي تحدده معاهدة الحلف بحلول عام 2020.

وتريد واشنطن من حلفائها الالتزام الصارم بزيادة النفقات العسكرية ولكن التوقعات بالتجاوب مع هذا الأمر متدنية للغاية.

وإحدى النقاط المثيرة للخلاف التي يتوقع أن يتجنب قادة الحلف في ويلز التطرق إليها هي توسيع الحلف.

ويلقي المحللون باللوم في نشوب حرب عام 2008 بين جورجيا وروسيا على تسوية مبهمة أبرمت في ذلك العام وافق بموجبها الحلف على أن تصبح جورجيا وأوكرانيا عضوين فيه في النهاية من دون أن يضعهما على المسار الفعلي للعضوية.

وأوضح بوتين أن توسيع حدود حلف شمال الأطلسي حتى حدود دولته يشكل «خطا أحمر» لموسكو مبررا ضم القرم بشكل جزئي بالقول إن السفن الحربية في الحلف كانت ربما حلت محل أسطول البحر الأسود الروسي في مدينة سيفاستوبول.

وقال مسؤول أمريكي بارز يشارك في إعداد المؤتمر «لا يوجد إجماع في الحلف بشأن توسعته».

ولا تزال واشنطن وحلفاؤها يؤكدون أن باب الانضمام إلى الحلف يبقى مفتوحا ولكنهم يتجنبون أي خطوة ربما تعتبرها موسكو استفزازية، مضيفا: «هذا المؤتمر ليس مخصصا لبحث التوسعة».

وهذا يعني أن البلدان الواقعة بين الحلف وروسيا ستبقى على الأرجح ضمن منطقة عازلة غير مستقرة لسنوات عديدة.

ولا أحد يعرف ما إذا كان الرئيس الروسي سيصعد النزاع قبل مؤتمر الحلف أو سيعمل على تهدئة الوضع لتجنب اتخاذهم أي تدابير أقسى ضد بلاده.

وقالت جانين دايفدسون، وهي مسؤولة سابقة في وزارة الدفاع الأمريكية وزميل رفيع في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، إنه «كلما زادت الأمور صعوبة على الأرض كان المزاج العام عدائيا أكثر في المؤتمر».

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية