x

«أيزيديون» يروون شهاداتهم لـ«المصرى اليوم» عن لحظات الفرار من جحيم «داعش»

الثلاثاء 12-08-2014 19:08 | كتب: آيات الحبال |
اليزيديين...الهروب من جحيم داعش اليزيديين...الهروب من جحيم داعش تصوير : other

برز اسم الطائفة «الأيزيدية» خلال الفترة الأخيرة، على خلفية نزوحهم من شمالى العراق، نتيجة هجمات تنظيم«داعش» على أبناء تلك الطائفة المجهولة لدى معظم العرب، وعلى الرغم من تعدد الحضارات بمنطقة الشرق الأوسط إلا أن عامل الاستعمار والحروب الطويلة أديا إلى نسيان الأقليات بالمنطقة وعدم الاهتمام الإعلامي بها، لكن تنظيم «داعش» منذ هجماته على العراق، جعل كثيرًا من الطوائف تحت دائرة الضوء، باستهدافه الأقليات، ومنها «الأيزيدية» بمدينة سنجار، غربي محافظة نينوى، شمالي العراق، وهى من المناطق الجبلية المعروفة بوعورتها، وتعد من المدن المتنازع عليها بين السلطة المركزية في بغداد وإقليم كردستان الذى يتمتع بالحكم الذاتي.

معظم سكان المدينة من الأيزيديين الأكراد، بالإضافة إلى أكراد الشيعة والعرب السنة، وكان المسيحيون يشكلون نسبة كبيرة من عدد السكان، إلا أن أعدادهم انخفضت منذ الستينيات من القرن الماضي، كما أدت سياسة التعريب إلى توطين عشائر عربية من جنوب ووسط العراق حول المدينة.

ورحلت الحكومة العراقية الآلاف من الأيزيديين والأكراد من مناطق إقامتهم في الشيخان، إلى مجمعات سكنية بالقرب من المدينة، ما أدى إلى زيادة عدد سكانها.

ومنذ الستينيات ويعيش «الأيزيديون» مع العرب والأكراد، المسلمين والمسيحيين، إلا أنه في يوم واحد فوجئوا باشتباكات في جميع أنحاء المدينة بين قوات «داعش» والبشمركة الكردية وبعض العشائر اليزيدية، وذلك لردع «داعش» عن إجبار السكان على ترك منازلهم، إلا أن كل ذلك لم يفلح مع تلك القوات التي أجبرت مئات الآلاف من السكان على النزوح إلى كردستان، مع ترك كل متعلقاتهم وما لديهم بسنجار.

من الصعب تقدير أعداد الطائفة الأيزيدية الحالية، التي تتراوح بين 70 ألفا في أقل التقديرات و500 ألف في أقصاها. ومع ما يواجهونه من مخاوف واضطهاد وتشويه لصورتهم، فإنه ما من شك في أن أعدادهم تناقصت بصورة كبيرة على مدار القرن الماضي وتعد المنطقة التي يعيشون فيها في جبال سنجار غرب الموصل من كبرى مدن تجمع الأيزيديين.. وبالتالي فإن جبل سنجار الواقع على الحدود العراقية السورية بمحافظة نينوى ومحافظة الحسكة، هو ملجأ الأيزيدية الفارين من المعارك في سنجار، بسبب ارتفاعه عن سطح الأرض حوالي 1200 متر.

واضطر الفارون من جحيم «داعش» إلى السير على الأقدام مسيرة أيام وتحمل الجوع والعطش، على أمل الوصول إلى محافظة دهوك بإقليم كردستان.

«المصرى اليوم» توصلت إلى شهادات عدد من الأيزيدية الأكراد النازحين من سنجار، واتصلت بهم هاتفيا في محاولة لمعرفة رحلة النزوح وتوثيقها، ومن بين النازحين نافع كيجو «24 سنة»، طبيب، وهو من قرية اليرموك بسنجار، نزح هو وإخوته وأمه من المدينة.

روى نافع شهادته حول رحلة وصوله إلى محافظة دهوك، وقال: «حدثت اشتباكات مسلحة منذ عدة أيام بدأت من الواحدة ليلا حتى التاسعة صباحًا، وخلال هذه الاشتباكات التى دارت يومى الخميس والأربعاء الماضيين نزحت عوائل كثيرة بعد هدوء حدة الاشتباكات بين عشائر يزيدية وقوات داعش».

وأضاف: فى هذه الأثناء نزحنا بالسيارة من سنجار إلى جبل سنجار الذى يبعد مسافة 20 دقيقة بالسيارة، ثم من الجبل إلى كردستان فى رحلة بالسيارة استغرقت 12 ساعة، وتعطلت منى السيارة فسرت أنا ووالدتى وإخوتى مسافة على الأقدام حتى وصلنا إلى حدود كردستان.

وتابع: «بعد أن صعدنا على الجبل حاصرتنا قوات داعش تحت الجبل، ومنعتنا من النزول، علما بأن الجبل يخلو من الماء والطعام، وأى شىء، ونحن من المحظوظين لخروجنا سالمين منه».

واستطرد: كثير من العجائز والأطفال عانوا فى الطريق، خاصة الذين قضوا الطريق كله سيرا على الأقدام، مع معاناة عدم وجود مال ولا غذاء، وكثير من الأطفال ماتوا بسبب الجوع والعطش وقمنا بدفنهم فى جبل.

وأكد أن هناك آلاف العوائل قطعوا 20 ساعة سيرا على الأقدام للوصول إلى دهوك، وكان لدى قليل منهم الأدوية لتقديم أى إسعافات أولية للمصابين على الجبل، وقال: كان معى الطعام والماء خلال محاصرتنا فى الجبل، وبسبب كثرة حالات الجفاف والإعياء الشديد التى حدثت للنازجين، نفد كل شىء. فلا يمكن لأحد أن يتصور المشهد والوضع الذى كنا فيه على الجبل ونحن ننام فى العراء والاتصالات تنقطع كثيرا، وبطاريات الهواتف فرغت منا حتى إننا لم نتمكن من تصوير النزوح.

وأوضح أن «داعش» لديها أسلحة ثقيلة و«هاون»، فى مقابل أسلحة العشائر الأيزيدية الخفيفة، وأردف: إلا أن مسلحى العشائر تمكنوا من مساعدتنا للوصول إلى كردستان، وفتح الإقليم المدارس لاستقبال النازحين وأيضًا العائلات تقدم لنا المساعدات كثيرا، ونستطيع ممارسة تعليمنا بدون أى قيود.

أما بركات العيسى، الصحفى بشبكة إعلام رووداو (تعني الحدث بالعربية)، فقد ظل هو وطفلته عالقين بجبل سنجار لمدة 7 أيام حتى نفد الطعام والماء وقطعت الاتصالات لديهما، وأخيرا استطاعا الوصول إلى كردستان.

فى اتصال هاتفى مع «المصرى اليوم»، روى العيسى رحلته من سنجار إلى كردستان، وهو ينتظر باقى عائلته ويترقب وصولهم، وقال: نحن من اليزيدية فى منطقة القحطانية إحدى المناطق بسنجار الكردية المتنازع عليها، اجتاحت قوات داعش المدينة بأكملها وهاجمتنا واشترطت علينا «إما الإسلام أو السيف» أى إما الدخول فى الإسلام أو القتل، وقالوا لنا على الرجال الإسلام وسوف نأخذ نساءكم سبايا لجهاد النكاح، وعلى من يتبع الإسلام منكم الجهاد والحرب معنا أهل سنجار.

وأضاف: «أعرف أن الإسلام يفرض الجزية على أهل الكتاب، أما نحن الأيزيدية فإن (داعش) خدعتنا بالموت، فهاجرنا وتركنا كل ما نملكه خلفنا».

وتابع: «بعد معارك واشتباكات بين قوات البشمركة وداعش، تمكنت بعدها الآلاف من العوائل الأيزيدية من النزوح إلى كردستان وفررنا إلى الجبل سيرا على الأقدام، ولم يكن معنا ما يكفى طوال الرحلة ولم نتمكن من جلب سيارات معنا».

وشرح «العيسى» الطريق إلى كردستان وحجم المشقة التى تحملها، والتى مازال يتحملها فى ظل انقطاع الاتصالات مع باقى عائلته العالقين بالجبل، وقال عن رحلته: «بدأنا التحرك من 7 أيام أنا وابنتي، وفي الطريق لحق بي ولداى وزوجتى سيرا على الأقدام من القحطانية إلى دهوك».

وأضاف: قطعنا المسافة سيرًا على الأقدام وتعرضنا فيها إلى نقص الماء والطعام، وشاهدنا الأطفال يموتون بسبب ذلك.. تخيلي أننا 5 أفراد على قطعة خبز وماء قليل طوال 7 أيام، فالجبل جاف والطريق من جنوب الجبل (مدينة سنجار) حتى شمال الجبل أي (الحدود السورية العراقية) جاف جدًا ولا يوجد به أى شىء، وبمجرد أن وصلت إلى الشمال أنقذتنا وحدات الحماية الشعبية التابعة لحزب العمال الكردستاني، ونقلونا بالسيارات داخل حدود المنطقة الكردية، وأتوا لنا بالماء والطعام في هذا الوقت، وبعدها دخلنا إلى الإقليم في المدارس واستضافنا أهالى كردستان».

بركات العيسى كان ينقل أخبار النازحين إلى المؤسسة الإعلامية التى يتبعها، إلا أنه فقد كاميراته وكل صوره التى وثق بها رحلة النزوح فى الطريق، وكل ما تمكن منه هو نقل ما يحدث من خلال الاتصالات الهاتفية فى حدود الإمكان.

وفي هذا السياق، أوضح أحد المتطوعين الأكراد لإغاثة اللاجئين، رفض ذكر اسمه، أن عدد اللاجئين من عائلات الأيزيدية وصل إلى أكثر من 200 ألف نازح، والعدد مرشح للتزايد يوميًا وذلك منذ 15 يومًا، وكردستان تستقبل النازحين، لكن وضعهم أكبر من قدرات حكومة الإقليم، لكن مؤسسات المجتمع المدني وهيئات الإغاثة الدولية تساعد في إغاثتهم، وأشار إلى أن مستشفيات كردستان استقبلت كثيرا من حالات الجفاف والإعياء الشديد، خاصة الأطفال بسبب عملية النزوح وتعاملت معها، وتطوع سكان الإقليم لاستضافة النازحين، أو توفير أماكن للإقامة سواء في منازل الأهالي أو المدارس أو البنايات، إلا أن الوضع مرشح للزيادة بشكل كبير.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية