كشفت وثائق سرية أن إسرائيل سرقت شحنات يورانيوم من الولايات المتحدة الأمريكية لتشغيل مفاعل ديمونة النووي.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية أن الوثائق التي أزيح عنها الستار مؤخرا تتضمن تقارير استخباراتية أمريكية تتهم إسرائيل بوضوح بسرقة كميات من اليورانيوم يترواح وزنها بين 90 و270 كيلوجرام، من مفاعل أمريكي في بنسلفانيا عام 1965.
وعرضت الصحيفة وثائق يرجع تاريخها إلى سبعينات القرن العشرين ورد بها أن مسؤولين كبار بالإدارة الأمريكية يؤمنون بأن شحنة من اليورانيوم المخصب، الذي تم إرساله من مفاعل في أوهايو إلى مفاعل شركة «نوميك» المتخصصة في المواد النووية وتجهيزاتها في بنسلفانيا، تعرض للسرقة وتم نقله إلى إسرائيل.
ومع ذلك اشارت وثائق أخرى إلى أن تحقيقات الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) لم تشر إلى وجود أدلة على ذلك، بل وتم تغيير التقرير بعد ذلك ليشكك في وقوع عملية السرقة ذاتها.
وأظهر 3 رؤساء أمريكيين اهتمامهم بالقضية التي أطلق عليها اسم «قضية أبوللو»، وتفجرت عام 1965، بعد 5 سنوات من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك ديفيد بن جوريون، في الكنيست، أن إسرائيل أنشأت مفاعل ديمونة النووي للأغراض السلمية.
خلال تلك السنوات، طلب الرؤساء الأمريكيين ليندون جونسون وريتشارد نيكسون وجيمي كارتر معلومات جديدة عن القضية، ولكن أجهزة الاستخبارات الأمريكية لم تقدم تلك المعلومات. ونقلت الصحيفة عن زفيجنيف بجازينسكي، مستشار الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر، قوله: «شيء ما حدث، ولكن طالما أنك لا تملك أدلة قاطعة، لن ترغب في تفجير أزمة دولية، كان ذلك أمرا قابلا للانفجار».واضاف: «وحتى لو كانت هناك أدلة، ماذا كان بوسعنا أن نفعل؟ هل سنقول للإسرائيليين: أعيدوا إلينا هذا اليورانيوم؟».
وقالت الصحيفة إن إدارة كارتر أنتهت إلى نتيجة مفادها أنه لا ينبغي طرح هذا الموضوع كي لا تفسد مباحثات السلام الجارية آنذاك بين مصر وإسرائيل، والتي كان يقودها كارتر بنفسه.
وأوضحت الصحيفة أن كارتر الذي قال في بريطانيا عام 2008 إن إسرائيل تملك سلاحا نوويا، رفض التعليق على محتوى الوثيقة التي تم الكشف عنها مؤخرا. ورفض المتحدثون باسم الإدارة الأمريكية التعليق على الأمر نفسه، وكذلك السفارة الأمريكية في إسرائيل.
ولفتت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إلى أن المباحث الفيدرالية الأمريكية (إف بي آي) اثارت انتباه كبار مسؤولي الإدار الأمريكية في عهد الرئيس نيكسون إلى الموضوع ذاته، ولكن المحققين لم يتوصلوا إلى معرفة ما حدث لليورانيوم المسروق. ورغم ذلك طرح محققو المباحث الفيدرالية الأمريكية الكثير من التساؤلات حول علاقة مؤسس ورئيس مفاعل «نوميك»، زلمان شابيرو، وضباط الوساد الإسرائيلي.
وخضع شابيرو، البالغ من العمر الآن 94 عاما، للتحقيق على يد الاستخبارات المركزية الأمريكية والمباحث الفيدرالية الأمريكية ولجنة الطاقة الذرية بالولايات المتحدة، ولم تسفر أي من تلك التحقيقات عن توجيه أي اتهام رسمي له.
وقال شابيرو في تصريحات صحفية مؤخرا إنه لم تقع أية سرقة، وإن شحنات اليورانيوم المفقودة «ضاعت على ما يبدو خلال عملية الإنتاج».
ولم ينكر شابيرو علاقته بمسؤول إسرائيلي، ولكنه قال إن الأنشطة التجارية لمفاعله الذي يقع في بنسلفانيا كانت أنشطة مشروعة ومعلنة.
واختتمت الصحيف الإسرائيلية تقريرها قائلة: «على الرغم من الوثائق الجديدة التي سمح بنشرها، لم يتم الكشف عن كل المعلومات المتعلقة بالموضوع حتى الآن».