أفاد خبراء بأن الأشخاص الذين يساورهم القلق من احتمالية الإصابة في مرحلة الشيخوخة بمرض «الزهايمر» يمكنهم مراجعة طبيب العيون الخاص بهم لإجراء اختبار بسيط يُمكنهم من خلاله التنبؤ بإمكانية الإصابة بالمرض، وربما سيكون عليهم أيضًا إجراء اختبار لحاسة الشم لحسم الأمر ذاته.
وأشارت شبكة «إن. بي. سي» الأمريكية إلى أن دراسات حديثة تم عرضها مؤخرًا في المؤتمر العالمي لرابطة مرضى الزهايمر في كوبنهاجن بالدنمارك، عززت أدلة سابقة أظهرت أن أولى علامات مرض الزهايمر يمكن أن تظهر في العينين والأنف.
ونقلت الشبكة الأمريكية عن ماريا كاريو، نائب رئيس شعبة العلاقات الطبية والعلمية في رابطة الزهايمر، قولها إن الدراسات الجديدة تعطي أملاً في التعامل مع المرض مبكرًا. وأضافت كاريو: «العلاج يعمل بشكل أفضل في حالة التشخيص المبكر للمرض، ومع مرور الوقت يصبح العلاج أقل فعالية».
وتوضح «إن. بي. سي» أنه لا يوجد علاج كامل لمرض الزهايمر، وهو الشكل الأكثر شيوعًا من الخرف، والذي وصفته دراسة نُشرت في وقت سابق من هذا الشهر بأنه «القاتل الكبير»، إذ إنه يودي بحياة أكثر من نصف مليون أمريكي كل عام.
ويترك مرض الزهايمر بصمات معينة، تتمثل في تراكم لويحات لزجة في الدماغ، تتكون من نوع من البروتين يسمى «بيتا أميلويد» (beta-amyloid)، وتتراكم تلك اللويحات اللزجة في الدماغ، قبل سنوات عديدة من ظهور أعراض الزهايمر، وتتسبب في فقدان الذاكرة ومشاكل في الإدراك. وأفادت دراسة سابقة بأن هذا النوع من البروتينات يمكن أن يتراكم في العين أيضًا، وربما ينتقل عبر العصب البصري في الدماغ.
وفي هذا الصدد، أجرى شون فروست، الباحث في منظمة الكومنولث للأبحاث العلمية والصناعية بأستراليا، مع زملائه، تجربة على 40 من المتطوعين لمعرفة ما إذا كانت التغييرات في الشبكية الواقعة خلف العين والمتصلة بشكل وثيق بالمخ يمكن استخدامها لاكتشاف مرض الزهايمر مبكرًا، وأوضح فروست أن «تصوير الشبكية أكثر سهولة من التصوير المسحي للمخ».
ووجد الفريق البحثي أن اتساع أوعية دموية معينة كانت مختلفة بشكل ملحوظ في الأشخاص الذين توجد لديهم علامات مبكرة على مرض الزهايمر بالمقارنة بالأصحاء. وأظهرت عمليات التصوير المسحي للمخ للمبحوثين وجود رواسب صفائح من بروتين «بيتا أميلويد» لدى الأشخاص الذين كانت لديهم أوعية دموية غير طبيعية في عيونهم.
ويقول الدكتور كيث بلاك، من مركز «سيدارز- سيناي» الطبي في لوس أنجلوس، إن «الشبكية، على عكس غيرها من أجزاء العين، هي جزء من الجهاز العصبي المركزي، وتتشارك العديد من الصفات مع الدماغ».
وفي نهج آخر للكشف عن الزهايمر، استخدم بول هارتونج، رئيس شركة «كوجنوبتكس»، وزملاؤه الماسح الضوئي (الليزر) للكشف عن «بيتا أميلويد» في عدسة العين.
وقد درسوا حالات 20 شخصًا من المرضى المحتملين للزهايمر و20 من المتطوعين الأصحاء من الشريحة العمرية ذاتها. وتم وضع صبغة الفلورسنت في عيونهم قبل يوم من إجراء التجربة. وحدد الاختبار 85% من حالات الزهايمر، واستبعد 95% من الأشخاص الأصحاء، وأكد هارتونج أن هذا النظام «يشكل أسلوبًا واعدًا للكشف المبكر عن المرض ورصده».
وأجرت دراسات أخرى اختبارات على حاسة الشم للكشف المبكر عن الزهايمر، مرجحة أن هذا المرض يمكن أن يؤثر على مراكز الشم في المخ.
وأجرى طبيب من المركز الطبي لجامعة كولومبيا في نيويورك وزملاؤه اختبارًا على 1037 حالة في نيويورك، بمتوسط عمري 80 عامًا. ولم يصب أحد من المبحوثين بأعراض الزهايمر خلال المرة الأولى التي خضعوا فيها للاختبار في الفترة 2004-2006. وتم إخضاعهم للتجربة مرة أخرى في الفترة من 2006 إلى 2008، ثم بين 2008 و2010.
وتم إجراء اختبار موحد على المبحوثين لحاسة الشم عبر تعرضهم لـ40 رائحة، كلها مألوفة، مثل روائح البنزين والبيتزا والشاي والتفاح. وحاول كل مبحوث شم رائحة الشيء، ثم الاختيار بين 4 خيارات للإجابة.
وأوضح الباحثون أن انخفاض القدرة على تحديد الروائح كان مرتبطًا بشكل كبير بفقدان وظيفة خلايا الدماغ، وتطور الإصابة بمرض الزهايمر، وفق ما نشر على موقع جمعية الزهايمر على شبكة الإنترنت.
وأشار الباحثون إلى أن هناك أدلة متزايدة على أن تراجع قدرة الأشخاص على تحديد الروائح بشكل صحيح يعد مؤشرا على ضعف الإدراك، وقد يسهم ذلك في الكشف المبكر عن مرضى الزهايمر، إذ إن المرض يبدأ في قتل خلايا المخ، بما في ذلك الخلايا المهمة لحاسة الشم.