x

أليخاندرو سابيلا.. رقص التانجو ليس الطريق الوحيد لكأس العالم

السبت 12-07-2014 18:49 | كتب: محمد المصري |
تصوير : رويترز

كان أليخاندرو سابيلا يستعد للذهاب إلى الإمارات من أجل تدريب نادي الجزيرة، قبل أن يتلقى اتصالاً من خوليو جروندونا، رئيس الاتحاد الأرجنتيني، يكلفه بمهمة تدريب المنتخب الأول حتى نهاية كأس العالم بالبرازيل، ولم يفهم أحد قط لماذا اختار الاتحاد مُدربًا ذا سيرة متواضعة، ظل مساعداً لمدة 13 عاماً، وبدأ التدريب منذ 5 سنوات فقط، ليكون مُديراً فنياً لفريقٍ ذاهب بطموح ضخم إلى بلاد خصمه الأزلي.

ومنذ بداية البطولة، ظَهَرَ خفوت واضح في أداء المنتخب الأرجنتيني، عَجْز كامل عن خلقِ الفُرص أو المُبادرة الهجومية، وهشاشة دفاعية جعلته الخصم المُعرَّض لمرتدة قاتلة حتى أمام منتخب إيراني ضَعيف، وكان ليونيل ميسي هو الحسنة الوحيدة للفريق، حيث جاء إلى البرازيل متألقاً على غيرِ العادة مع الأرجنتين، وقادراً، بأربعةِ أهداف، على حمل منتخبه إلى الدور الثاني، مُحققاً نقاط المجموعة الضعيفة كاملة.

كانت أكثر اللقطات المُعبرة عن بطولةِ «سابيلا» في مباراة نيجيريا، حينَ وقف على الخطّ ليقدمِ تعليمات للافيتزي جناح فريقه، فإذا بالأخير يقوم برشه مازحاً بالمياه، ويفسر ذلك لاحقاً بأن «المدير الفني كان جاداً للغاية، فحاولت تخفيف الأمور»، «سابيلا» بدا طوال الوقت أقل كثيراً من الموقع الذي يحتله، بالنسبة للجماهير، للفرق المنافسة، وحتى بالنسبة للاعبيه.

واعتبر الأغلبية حينها أن منتخب الأرجنتين لن يُكْمِل المَسيرة، وأنه سيتعرَّض للتعثُّر أمام أول مُنتخب كبير يُلاعبه، ولحُسنِ حَظ «سابيلا»، «ميسي»، والأرجنتينيين جميعاً، أن المنتخب كان يملك، منذ بداية البطولة، أسهل طريق إلى نصف النهائي، مجموعة تجمعه بنيجيريا والبوسنة وإيران، يتصدرها فيلاعب سويسرا أو الإكوادور، يَمُر منهما فيلاعب بلجيكا أو البرتغال أو أمريكا، كل الخيارات كانت مُتوسّطة، لا يوجد خِصم قوي بشكل حقيقي، ورغم ذلك فإن الفريق ظَل متعثراً بشدة، تأخر فوزه على منتخبٍ سويسري خَسِرَ بالخمسة أمام فرنسا إلى الدقيقة 118، ولَعِبَ على إحرازِ هَدف ثم العودة للوراء والاعتماد على المرتدات أمام خصم بلجيكي شاب لم يؤمن بنفسه كفاية.

وكان من اللافت جداً أن يكون أفضل أداء جماعي مُقدّم في البطولة من نَصيب كولومبيا، الذي يقوده مدير فني أرجنتيني مثل «جوزيه بيكرمان»، في مُقابل أن الأرجنتين ذاتها تستعين بـ«سابيلا»! تجربة «بيكرمان» نفسه مع الأرجنتين في 2006، حين قدم بهم أداءً رائعاً، وخرج من الدور رُبع النهائي بضرباتِ الجزاء أمام ألمانيا، صاحبة الأرض، كانت تستحق التكرار، عوضاً عن رجلٍ لا يَمْلُك الكثير مثل «سابيلا».

ولكن لحُسنِ حَظ الأرجنتينيين ثانياً أن الأمر الوحيد الذي يملكه «سابيلا» ظهر في أول مباراة صعبة فعلاً للمنتخب أمام هولندا، خدعة أخفاها طويلاً في قدرته على استخراج أداء دفاعي جماعي قوي، أفضل كثيراً من قدراتِ الأفراد الذين يملكهم، وذلك حين تكون الأرجنتين في موضعِ رد الفعل وليس الفعل.

في مباريات البوسنة، إيران، نيجيريا، سويسرا، كانت الأرجنتين الطَّرف الذي يجب أن يُبادر، أن تعمل المَنظومة الهجومية الخارقة من «ميسي»، «هيجواين»، «أجويرو» أو «لافيتزي»، و«دي ماريا» بشكلٍ جيد، ولكن «سابيلا» لا يعرف رَقص التانجو، ليس مُبدعاً بشكلٍ حقيقي على المستوى الهجومي، فظهر الأفراد كأفرادٍ، معتمدين فقط على إمكانياتهم الفردية، دون أي جُمَل أو لعب جماعي قائم على وجود مُدرَّب.

حين تغيَّر الأمر في مبارتي «بلجيكا»، والأهم هولندا، ولم يكن مَطلوبًا من الأرجنتين المُبادرة أو التقدم، ظهر المُنتخب صَلباً وقوياً جداً، أفراده لا يرقصون التانجو، ويلعبون كُرة رَتيبة جداً في أغلبِ الوقت، ولكنهم قادرون على الفوز والتأهل للأدوارِ التالية، 120 دقيقة دون خطأ واحد أمام هولندا، تشابك بين أفراد الخط الخلفي الأربعة، ومن أمامهم أداء عظيم من خافيير ماسكيرانو، القادر على تصحيح أي هَفوة، حَوَّلَ «سابيلا» أزمة إصابة «دي ماريا» لنقطة قوة بعد الاعتماد على إينزو بيرير بمهامٍ دفاعية أكبر، غيَّر «جاجو» بلوكاس بيليا، وصار يَلعب بـ7 لاعبين في الخط الخلفي، إلى جانب «لافيتزي» و«هيجواين» أحياناً، حتى «ميسي» نفسه يعود كثيراً بمهام دفاعية إلى نصف ملعبه.

النتيجة؟ أن الأرجنتين غير مُمتعة، ليست فريقاً فاتناً كمنتخباتِ «دانيال باسريلا» و«مارسيلو بيليسا» و«بيكرمان» في 98 و2002 و2006، ولكن النتيجة الأهم أنها المرة الأولى منذ 24 عاماً التي تصل فيها الأرجنتين إلى الدور النهائي، وهو الإنجاز الذي يُحسب لـ«سابيلا»، رغم كل شيء.

سينسى العالم على الأغلب أن الأرجنتين قدَّمت مجموعة من أقل وأضعف مباريات كأس عالم 2014، سينسون أنها تأهلت في الأدوار الإقصائية بهدفين فقط خلال 3 مباريات، والشيء الحقيقي الوحيد الذي سيبقى أنها وصلت للنهائي، وإذا رَفعَ «ميسي» الكأس فعلاً في أرضِ البرازيل.. فإن الصورة ستكون كافية لتُخَلَّد.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية