تظل «ثورة الريف» محطة وطنية وتاريخية وسياسية مهمة في تاريخ المغرب الوطني والسياسي أما عن خلفية هذه الثورة ومقدماتها فتقول إن الفرنسيين قد فرضوا الحماية على المغرب في ٣٠ مارس ١٩١٢ وبعد أيام قام المغاربة بثورة عارمة في فاس تزعمها المجاهدأحمد هبة الله وكانت الانتصارات فيها سجالا وانتهى الأمربوفاة الرجل.
وتمكن الفرنسيون من بسط نفوذهم على المغرب، وكانت منطقة النفوذ الإسبانى حسب اتفاقية ١٩٠٤ مع فرنسا تشمل القسم الشمالى من مراكش حيث الريف شرقا والجبالةغربا أما بلاد الريف فتسكنها قبائل معظمها من البربر، وعندما بدأ الإسبان يتوسعون في مراكش ظهر في الجبالة المجاهد أحمد الريسونى المقاومة في ١٩١١، أما الثورة الثانية فقد خاضها ضد الإسبان الأمير محمد عبدالكريم الخطاب ، زعيم قبيلة بنى ورياغل وهو مولود في ١٨٨١ ببلدة أغادير(أجدير)، وحفظ القرآن في الكتَّاب ثم ألحقه أبوه بجامع القرويين لدراسة العلوم الدينية، ثم بجامعة سلمنكا بإسبانيا، فحصل منها على الدكتوراه في الحقوق وعُين قاضيا بمدينة مليلة وبعد سيطرة إسبانياعلى مدينة شفشاون وإخضاع منطقة الجبال أعلنت الحماية على شمال المغرب وفى هذه الأثناء توفى والد الخطابى في ١٩٢٠ وانتقلت الزعامة إليه، وقاد ثورة الريف التي اندلعت «زي النهاردة» في ١٢يوليو ١٩٢١ مع زحف الجنرال سلفسترمحتلا مدينة أنوال ولم يدرِ أن الأمير أراد استدراجه للمناطق الجبلية.
فلما وصل الجيش الإسبانى إلى جبل وعران قرب أغادير قام الخطابى بهجوم معاكس استطاع خلاله أن يخرج الإسبان من أنوال، وأن يطاردهم حتى لم يبق لهم سوى مدينة مليلة، وأبيد معظم الجيش الإسبانى بمن فيه سلفستر،وبعد الانتصار العظيم الذي حققه الخطابى في أنوال تأكدت زعامته فاتجه إلى تأسيس دولة، لذلك دعا القبائل إلى مؤتمر شعبى وتم تشكيل مجلس عام عُرف باسم الجمعية الوطنية وأعلن الاستقلال الوطنى، وتأسيس حكومة دستورية جمهورية في سبتمبر ١٩٢١ وكانت مدريد عرضت على الخطابى الاعتراف باستقلال الريف بشرط أن يكون استقلالا ذاتيا لكنه رفض الاستقلال تحت السيادة الإسبانية وبعد تأليب بعض الريفيين عليه وكذلك إيهام محمد الخامس بالانشقاق عليه انشق صف رجاله ودخل في مواجهات خاسرة،سلم بعدها نفسه للفرنسيين الذين نفوه إلى جزيرة ريونيون في المحيط الهادى وفى ١٩٤٧ قررت فرنسا نقل الخطابى وأسرته إليها وعندما وصلت الباخرة التي تقله إلى ميناء بورسعيد، التجأ إلى السلطات المصرية، فرحبت القاهرة ببقاء هذا الزعيم الكبير في أراضيها، واستمر بها حتى وفاته في السادس من فبراير ١٩٦٣.