x

ماركو رويس..أبهج ما يعرفه الألمان

الجمعة 06-06-2014 11:26 | كتب: محمد المصري |
ماركو رويز ماركو رويز تصوير : other

لَم تَعُد كرة القدم لعبة بين 22 لاعب يركضون وفي النهاية يفوز الألمان، كما عرَّفها أسطورة الكرة الإنجليزية جاري لينيكر، ذات مرة، ولكن الألمان أنفسهم لم يعودوا مُجرَّد ماكينات.

لعقودٍ طويلة عُرفت الكرة الألمانية ببرجماتية لا نَظير لها، اللعب كالآلات، لا مساحة لهفوةٍ صغيرة، إبداع قليل في مُقابل التزام استثنائي بوحدةِ الفريق، ما كَفَّل لهم أن يكونوا أكثر المنتخبات وصولاً للدور قبل النهائي من البطولة في 11 مرة من أصلِ 19، والأكثر وصولاً للنهائي، مع البرازيل، في ست مناسبات، فازوا منها بثلاثِ كؤوس.

ورغم ذلك لم يكن المُنتخب الألماني مَحبوباً، «لا أحد يُحِبّ الآلات حين تَلعب كرة القدم»، و«إذا لم تكن ألمانياً فلا سبب لتشجع هذا الفريق»، كما أكمل «لينيكر» حديثه، ولذلك، مثلاً، يحتفظ العالم بذكرياتٍ عن بيليه، مارادونا، باجيو، زيدان وغيرهم من المَهَرة في الخطوطِ الأمامية، وحين يأتي الأمر عند ألمانيا يُصبح الرمز الأهم هو مُدافع وقائد تاريخي مثل فرانك بيكنباور.

ما تُمثله التغييرات الحَديثة في الكرة الألمانية هو أن لاعبيها أصبحوا أكثر من مُجرَّد آلات، والمُنتخب، صاحب أفضل أداء هجومي في مونديال 2010، كان يعد نفسه لما هو أكثر في وقتٍ لاحق.

الجيل الجديد في الكرة الألمانية، الذي ظَهر أهم أفراده في السنوات الأربعة الأخيرة، وكانوا العمود الأساسي في مُعجزة ويمبلي 2013 حين وصل فريقين ألمانيين إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، صار في مزاجٍ ملائِم لحمل المُنتخب وتقديم صورة مُختلفة عن الكرة التي يقدّمها، وفي جعبته ما هو أكثر من الالتزام الخططي كالآلات.

حتى مع غياب مُزعج لألكاي جندوجان ولارس بندر، فالجيل الذي يحمل قيمًا مُختلفًا لكرة ألمانيا سيكون ظاهراً.

هُناك الفتى الذهبي ماريو جوتزه، هناك أندريه شورله أو جوليان دراكسلر، توماس مولر ومسعود أوزيل صار أكثر نُضجًا وثقةً من 2010، وتوني كروس قد يُصبح أحد أفضل لاعبي وسط المَلعب في البطولة، وفي قلب كل هذا هُناك أفضل لاعب ألماني خلال الفترة الحالية، وأحد أعظم الأجنحة العصرية التي ظهرت في السنوات الأخيرة ماركو رويس.

قضاء 10 سنوات من حياته في أكاديمية «دورتموند» للناشئين، ثم الثّقل الذي طَبَع مسيرته حين انتقل للعب بصفوفِ الفريق الأول في «مونشنجلادباخ» لمدة 3 سنوات، قبل أن يحدث أهم ما في مسيرته: العودة لـ«دورتموند» واللعب تحت قيادة مدير فني شاب واستثنائي يُدعى يورجان كلوب.

وربما يكون أَبْهَج ما عرفته ألمانيا في العامين الأخيرين هو احتفالية «رويس» و«جوتزه» الشهيرة عند كل هدف يحرزه أحدهم في موسم 2012/2013، يَقفزان في ظهر بعضهم بعضًا، أطفالٌ يَلْهُون ويَكتبون التاريخ في طريقهم، بموسمٍ للذكرى لناديهم في دوري الأبطال، هدف «رويس» الذي تعادل به مع السيتزن في ملعب الاتحاد، أو الآخر من زاويةٍ مستحيلة وفي مرمى «كاسياس» شخصياً في قلبِ البيرناباو، تِلك الالتماعة في عينِ «جوتزه» حين أحرز هدف التأمين ضد «شاختار» في دور الـ16، أو الصَّيحة التي أطلقها بعد إحراز «رويس» هدف في الدقيقة 91 ضد «مالاجا» فتح الباب لمعجزةٍ صغيرة تحققت بهدفٍ ثالث بعد دقيقة واحدة، قبل أن يستمروا في العبثِ برباعية «ليفا» في مرمى الريال، الطريق الطويل نحو النهائي أقيمَ على الكتفين المتخابطين في المَلْهَاة الفَرحة بعد كل هدف.

لاحقاً، لم يعد هذا الاحتفال مُحْتَملاً، خرج «جوتزه» لبايرن ميونيخ، خَسِرَ «دورتموند» نهائي الأبطال، قبل أن يبدأ موسم جديد مُبشّر للفريق.. سرعان ما تكسَّر تمامًا تحت وطأة الإصابات، والتي وصلت أحياناً لسبع وثمانية لاعبين من التشكيلة الأساسية لوصيفِ أوروبا، وفي موسمٍ شهدَ في منتصفه إعلان توقيع «ليفاندوفسكي» للغريمِ، وحده «رويس» كان طمأنة للجماهير بأن أموراً جيدة لازالت مُحتملة، وحتى عند الهَزيمة وانتهاء حلم الأبطال على يدِ ريـال مدريد.. كان «رويس» هو السبب الوحيد في أن يخرج الفريق مَرفوع الرأس جدًا.

ولم يَكن غريبًا أن يتوّج في النهاية كأفضلِ لاعب في الدوري الألماني لهذا الموسم، ولذلك فهو ليس فَقَط العُنصر الأهم حاليًا في المنتخبِ الألمانيا، ولكنه الشخص الذي تتعلّق به قِيَمها الكروية الجديدة، والبرازيل هي نُزهته الصيفية التي سيُتاح له، في مرةٍ جديدة، أن يحرز هدفًا، فيجري نَحو «جوتزه»، ويَخبطان ظَهراً بظهر، يَلْهُون.. ويَكتبون التاريخ، وفي حالِ فازوا بالكأسِ.. فهذا المُنتخب سيُذكر أكثر كثيرًا من منتخب «كلينسمان» عام 90، أو «مولر وبيكنباور» في 74، وسيبقى لأبعدِ حتى ممن حققوا «معجزة بيرن» عام 54، سيقولون أنه مُنتخب «رويس وجوتزه»، وأنه أجمل نسخة كروية لمنتخبٍ ألماني على الإطلاق.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية