توقع خبراء ومحللون مصريون أن يواصل سعر صرف الدولار ارتفاعه في السوق الرسمية، والسوق السوداء، على المدى القصير، ليصل إلى مستوى 8 جنيهات، وذلك في ظل استمرار المضاربات على الدولار، وتراجع إيرادات البلاد من العملة الصعبة.
وارتفع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري، في الفترة الأخيرة بشكل مضطرد، ففي السوق الرسمية قفز الدولار من 6.9849 جنيه مصري للشراء، و7.015 جنيه للبيع في 20 إبريل الماضي ليصل إلى 7.12 جنيه للشراء، و7.15 جنيه للبيع اليوم الأربعاء، وفى السوق السوداء ارتفع سعر صرف الدولار من 7.34 جنيه، إلى 7.60 جنيه خلال ذات الفترة.
وقال وائل زيادة، مدير إدارة البحوث ببنك الاستثمار «هيرميس»، إن تحركات الدولار في الفترة المقبلة، وعلى المديين القصير والمتوسط مرهونة بعدة أمور، على رأسها استمرار المساعدات الخليجية، وبنفس القدر الذى شهده العام الماضي.
ولفت «زيادة» إلى أن توقف المساعدات الخليجية سيؤدي إلى ارتفاع الدولار أمام الجنيه، ومن غير المستبعد أن يلامس الدولار مستوى الثمانية جنيهات، خلال فترة من 3 إلى 6 أشهر.
وأكد أنه ليست هناك في الوقت الراهن تطورات على المستوى الاقتصادي، أو إصلاحات على المستوى السياسي، تعطى مؤشرًا بإمكانية تحسن سعر الصرف سريعًا، موضحًا أن الانتخابات الرئاسية تحرك جيد، لكنه لن يكون كافيًا لإحداث التوزان المنشود في سعر الصرف على المدى القصير.
وقال «زيادة»: «البنك المركزي المصري، لم يعد قادرًا على ضبط سعر الصرف، بالشكل المطلوب، نتيجة استمرار تراجع الإيرادات من الدولار، إضافة إلى وجود مضاربات عنيفة بالسوق».
وأشار إلى أن العطاء الاستثنائي الذى طرحه البنك المركزي مؤخرًا بقيمة مليار دولار كان فقط شكلًا من أشكال التوزيع الكمي من قيمة محدودة، موضحًا أن هذه العطاءات كانت تؤثر بشكل طفيف على السوق الموازية، إلا أن تأثيراتها في الوقت الراهن أصبحت محدودة للغاية، مع زيادة الطلب.
من جانبه قال تامر شاكر، رئيس مجلس إدارة شركة جولدن للصرافة، عضو شعبة شركات الصرافة بالاتحاد المصري للغرف التجارية، إن ثمة مضاربات قوية تحدث في الوقت الراهن على سعر الدولار. وأضاف شاكر: «هذه المضاربات تجرى بعيدًا عن السوق الرسمية وشركات الصرافة، وإنها تجرى في السوق الموازية».
وأوضح «شاكر»، أن سعر الدولار في السوق الموازية، في الوقت الراهن، كان من المفترض ألا يتجاوز مستوى 7.35 جنيه، لكن المضاربات القوية دفعت السعر لأن يتراوح بين 7.55 جنيه و7.60 جنيه.
وذكر أنه رغم ارتفاع الطلب على الدولار، بشكل طفيف في الفترة الأخيرة، إلا أنه لايزال أقل بكثير من الأعوام السابقة، مؤكدا أن مستوى الطلب بشكله الحالي لا يمكن أن يشكل ضغطًا كبيرًا، ينتج عنه ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية بهذا الشكل.
وفي نفس السياق، قال الدكتور هشام إبراهيم، المحلل المصرفي، أستاذ المحاسبة والتمويل بجامعة القاهرة، إن محافظ البنك المركزي المصري، هشام رامز، صرح منذ أسابيع بأنه سيقضي على السوق الموازية في غضون ثلاثة أشهر، وأوضح أن هذا التعهد، من جانب البنك المركزي، يصعب تحقيقه في ظل الظروف الحالية.
وأشار «ابراهيم» إلى أن هناك التزامات سيكون البنك المركزي مجبرًا على سدادها من الاحتياطي النقدي لمصر خلال الفترة المقبلة، وهو الأمر الذى سيؤثر على سعر صرف الدولار أمام الجنيه، موضحًا أن أهم هذه الاستحقاقات يتمثل في مبلغ ثلاثة مليارات دولار ستسدد لقطر في نهاية عام 2014، ونحو 700 مليون دولار ستسدد للدول الأعضاء في نادي باريس، ولابد من سدادها في يوليو المقبل.
ويعتقد «ابراهيم» أن تكون هناك صعوبة في توفير هذه الالتزامات، التي يصل مجموعها إلى 3.7 مليار دولار، من الإيرادات الدولارية لمصر في الفترة المقبلة، لاسيما وأن إيرادات مصر الدولارية الرئيسية من قطاع السياحة، والاستثمار الأجنبي المباشر وغير المباشر، تراجعت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ومن ثم ستسدد الالتزامات من الاحتياطي، الأمر الذى يعكس إمكانية تراجعه بشكل كبير، ونتيجة لذلك، فمن المحتمل أن يرتفع الدولار بشكل واضح أمام الجنيه المصري.
وشدد على ضرورة أن يلجأ البنك المركزي إلى سحب تراخيص العمل لشركات الصرافة، التي يثبت أنها تضارب على سعر صرف الدولار، وهو الأمر الذى من الممكن أن يحد من عمليات المضاربات.
وذكر «إبراهيم» أن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه في الوقت الراهن، ينذر بزيادات كبيرة، في أسعار السلع الغذائية، لاسيما خلال شهر رمضان، الذى يرتفع فيه استهلاك المصريين من السلع الغذائية، وأشار إلى أن هناك زيادة في طلبات فتح الاعتمادات الدولارية، لاستيراد مثل هذه السلع، في الوقت الحالي.