«المصري اليوم» في حوارٍ خاص مع المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو للحديث عن فيلمه الجديد Timbuktu الذي ينافس في المسابقة الرسمية لمهرجان كان.
بعد غياب 8 سنوات عن السينما، ومنذ أن قدم فيلم Bamako، يعود المخرج الموريتاني عبدالرحمن سيساكو ليشارك ولأولِ مرة بفيلم Timbuktu في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة بمهرجان «كان»، وهو الفيلم العربي والأفريقي الوحيد في المسابقة، وقد نجح الفيلم، الذي يتعرض لفترة حكم الجهاديين في منطقة «تمبوكتو» شمال مالي، في إثارة الجدل حوله، خاصة أنه يمثل جرس إنذار واضحا بعد صعود التيارات الإسلامية من جديد علي الساحة، كما أشادت الصحف العالمية بمستوي الفيلم، لدرجة أن الكثير من نقاد المجلات العالمية قد رشحوه للحصول علي السعفة الذهبية.
«المصري اليوم» التقت «سيساكو» وبطل فيلمه عابل جعفري، والذي جسد دور أحد الجهاديين، وقد اعترف «سيساكو»، في تصريحات خاصة، بأن الشرارة الأولي التي دفعته إلي تقديم هذا الفيلم بدأت عند علمه بقصة رجم زوجين في «تمبوكتو» في وقت الحكم الإسلامي، ودون أن يكون هناك أي رد فعل حقيقي من الناس تجاه ذلك، ويضيف: «وقتها فكرت في تقديم الفكرة في فيلم وثائقي، ولكن كانت (تمبوكتو) تحت الحكم الإسلامي، ولكن بعد أن تحررت المدينة من قبل القوات المالية والفرنسية قررت وقتها تحويل القصة إلي فيلم روائي طويل، خاصة بعد أن ظهرت العديد من القصص المماثلة، والتي لا تقل بشاعة ولم نعد نعرف عنها الكثير».
ويُشير «سيساكو» إلى أنه «كان من الصعب وقتها التصوير في مالي لأسباب أمنية، واضطررنا للتصوير في موريتانيا».
وقال «سيساكو» عن تجربة حكم الإخوان في مصر إن «ما حدث لابد أن يدرّس، لأن الحكم الإسلامي أو الإسلام السياسي الذي ظهر في المنطقة الآن أصبح مرفوضاً من الجميع، كما أن استخدام الدين بهذه الصورة التي نراها في هؤلاء الاشخاص تقلل من قيمة الإسلام ولا ترفع من شأنه». وأضاف أن «ما يقدمه في فيلم ليس فقط مجرد جرس إنذار، ولكنه ما حدث في مصر أيضاً، وهذا ما يؤكد أن الشعوب لم تعد تقبل هذا الحكم خاصة من أشخاص غير مؤهلين وزمن غير مناسب».
وأكد «سيساكو» أن «تجربته في هذا الفيلم كانت صعبة، لأنه يشعر بمسؤولية كبيرة تجاه ما يقدم، كما أن عملية التواصل داخل التصوير لم تكن سهلة أيضا، لأن الفيلم يتحدث أربع لغات مختلفة وهي اللغة الأصلية إضافة إلي العربية والفرنسية والإنجليزية، وهناك ممثلون قاموا بأداء أدوارهم باللغة العربية رغم أنهم لا يتقنونها تماما، ولهذا اضطررنا إلي كتابة السيناريو باللغة الفرنسية مع توضيح المشاعر المطلوبة حتي لا تساهم اللغة في فقد الإحساس».
أما عن تقديم القصص بشكل منفصل، فقال «سيساكو» إنها «الحياة في «تمبوكتو»، لأن الأشخاص يعيشون بمعزل عن العالم، ووفقاً للبيئة الموجودة، كما أن اختلاف اللغة بين الأشخاص ساهم في ذلك الانفصال، ولكن ربط بين أشخاص الفيلم جميعا رغبتهم في المقاومة والحرب ضد التطرف الديني والفكري الذي يحاول البعض أن يمارسه علي الشعوب، حتي النساء لعبن دورا كبيرا في ذلك ولم يمنعهن حتي الموت من المقاومة والوقوف في وجه هذا التطرف، والمقاتلون الحقيقون هم من يرقصون ويغنون ويلعبون الكرة دون كرة، ويرفضون كل أساليب القمع التي من الممكن أن تمارس عليهم وبطريقته الخاصة، لأن الجهاديين هم أشخاص مثلنا ولكن حولتهم الأفكار المتطرفة إلي آلة دون مشاعر أو عقل».
وفي الوقت نفسه، عبر «سيساكو» عن سعادته بالمشاركة في المسابقة الرسمية لمهرجان كان لأول مرة، قائلاً: «أتمني أن تصل رسالتي إلي العالم، وأن يشعروا بقضية الفيلم».
وفي سياق متصل، قال الممثل الفرنسي جزائري الأصل، عابل جعفري، الذي جسد دور «عبدالكريم»، أحد الجهاديين خلال الأحداث، إن «دوره في الفيلم كان صعباً لأنه اضطر لأن يقدمه باللغة العربية دون أن تكون لديه حرفة الحديث بالعربية»، فرغم أصوله إلا أنه عاش وتربي في فرنسا، وأكد «عابل» أن اهتمامه بالمشاركة في الفيلم هو أيضا اقتناعه التام بالقضية، لأنه يري أن «هؤلاء الجهاديين مرضي ولديهم ازدواجية في الشخصية، وقبل أي شيء ليس لديهم احترام للإسلام ولا لقواعد الإسلام التي يريدون تطبيقها علي البشر وفق أهوائهم الشخصية، فهم يأمرون بما لا يفعلون، يمارسون الجنس بطريقتهم، ويتزوجون بطريقتهم، ويدخنون ويرقصون ويتغنون ويغازلون النساء، ولا يريدون من أحد أن يفعل ذلك، فهل هذا هو الإسلام؟».
وأوضح «عابل» أنه حاول أن يضفي الشكل الكوميدي علي الشخصية، حتي يستطيع أن يقربها من الناس، لأن «الجهاديين من وجهة نظري بني آدمين مثلنا، ولكن قد تكون نزعة الشر أعلي من الخير، ولكنه في النهاية بني آدم له مشاعره الخاصة».
وتمنى عابل أن يحصل الفيلم على جائزة في «كان» ويعرض في العديد من الدول، لفضح الحكم الإسلامي في العالم.