قالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية، إن مشكلة الحصانة، وإفلات السياسيون الأقوياء من العقاب، من أخطر مشكلات العصر الحديث، حيث يعتبر هؤلاء السياسيون من أسوأ منتهكي حقوق الإنسان.
واعتبرت المجلة أن شجب وانتقاد نشطاء حقوق الإنسان، لهذه المشكلة، ألقى الضوء على ضعف تأثير العقوبات والقوانين الدولية، وقالت إن "تدخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، وارتكاب المشير عبد الفتاح السيسي خروقات للعدالة، يغذي ثقافة الإفلات من العقاب".
ورأت المجلة أن مشكلة الإفلات من العقاب هي مشكلة في البنية السياسة للبلاد، وهي ناجمة عن نقص في الإرادة السياسية وضعف في مؤسسات العدالة الوطنية والدولية، وهي كارثة بحسب المجلة لأنه عندما يتعلق الأمر بمعاملة الرؤساء الديكتاتوريين لشعبهم، فهم ببساطة لا يهتمون.
وبحسب المجلة، بدأت منظمات مثل «هيومن رايتس ووتش» و«فريدوم هاوس» في العقود الأخيرة، نشر فضائح انتهاكات حقوق الإنسان بشكل واسع، واعتمد نشطاء حقوق الإنسان على تكتيكات متطورة لجذب اهتمام وسائل الإعلام. بعد ذلك بدأت مشكلة الإفلات من العقاب تتراجع، وزادت الدول من التزاماتها في مجال حقوق الإنسان وكتبته في دساتيرها، بما في ذلك دول مثل الصين وروسيا قامت بتحسينات متواضعة في مجال حقوق الإنسان.
وأشارت المجلة إلى أنه عندما بدأ الرئيس السوري بشار الأسد في قمع المعارضة بعنف في 2011، أمل البعض في أن التغطية الإعلامية ستخفف من وحشية القمع هناك استنادا لحقوق الإنسان، ولكن هذه الآمال تبددت، وعادت مشكلة الإفلات من العقاب من جديد. فكل الصور وتسجيلات الفيديو لم تجعل الأسد يقف للحظة، وأثبت الأسد أنه من أكبر الجزارين في القرن الحادي والعشرين، واستطاع مقاومة كل شكل من أشكال الضغوط حتى الآن، هذا فضلا عن أنه من المتوقع أن يكون في مأمن من محاولات مجلس الأمن الدولي، إحالته للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وقالت المجلة إن الأسد ليس وحده في هذا الأمر، حيث حكمت مصر على أكثر من 500 من أنصار الإخوان بالإعدام بتهمة قتل ضابط شرطة واحد، كما سجنت الحكومة المؤقتة عشرات الصحفيين.
وأشارت المجلة كذلك إلى رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، وإلى تعطشه للبقاء في السلطة وسط فضيحة الفساد الأخيرة، بالإضافة إلى محاولة لحظر «يوتيوب» و«تويتر»، التي مثلت دليل واضح على الجبن ومحاولاته تخويف وسائل الإعلام والقضاء.
وألقت المجلة الضوء كذلك على بوتين الذي ارتقى بمستوى الإفلات من العقاب إلى مستوى جديد، مع الانتخابات المزورة، وقمع المعارضة، وتشريعات مكافحة مثليي الجنس، والآن ضم شبه جزيرة القرم، ورغم كل ذلك، فمن خلال علاقاته، فهو في أمان وغير معرض للمساءلة.
وأضافت أن أوباما فشل في إغلاق معتقل جوانتانامو، كما وعد منذ أكثر من 6 سنوات، ومطالبته من جانب واحد، ومن شبه المؤكد أنه سيترك منصبه عام 2017 في وجود جوانتانامو واستمرار هجمات الطائرات الأمريكية بدون طيار.
وفي السنوات الثماني الأخيرة، سجلت منظمة «فريدوم هاوس» اتجاها غير مسبوقا في التراجع للحقوق المدنية والسياسية العالمية، بحسب المجلة، كما ذكرت منظمة العفو الدولية أنه بعد 30 عاما من اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب ما زالت 79 بلدا تشارك في الممارسة المحظورة، بالتزامن مع تصعيد الحملة العالمية لمكافحة الإرهاب.
وشددت المجلة على أهمية حاجة المدافعين عن حقوق الإنسان للوصول إلى وضع بعض التكتيكات الجديدة قبل أن ينتشر فيروس الإفلات من العقاب أكثر من ذلك.