x

سمير فريد يكتب من «كان»: سينما أمريكا اللاتينية.. وسلمى حايك تحتفي بـ«جبران»

الإثنين 19-05-2014 23:01 | كتب: سمير فريد |
سلمي حايك في مهرجان كان سلمي حايك في مهرجان كان تصوير : رويترز

هناك خمسة أفلام روائية طويلة من أمريكا اللاتينية فى مهرجان كان هذا العام، منها أربعة من الأرجنتين، مما يجعلها سنة السينما الأرجنتينية بامتياز، ومن كولومبيا يأتى الفيلم الخامس إلى جانب فيلم قصير.

فى مسابقة الأفلام الطويلة «حكايات وحشية»، إخراج داميان سيفرون، الذى لمع بين أفلام المسابقة فى النصف الأول من المهرجان وحظى بتقدير أغلب النقاد، ومن المرجح أن يفوز بإحدى جوائز المهرجان التى تعلن يوم السبت القادم. وفى «نظرة خاصة»، أو المسابقة الثانية غير مسابقة السعفة الذهبية، «أرض الوفرة» إخراج ليساندرو ألونسو، وخارج المسابقة «الحريق» إخراج بابلو فيندريك، وفى «نصف شهر المخرجين» الفيلم الأرجنتينى الرابع «اللجوء»، إخراج ديجول ليرمان. وفى «أسبوع النقاد» من كولومبيا «على ما يرام» إخراج فرانكو ليلولى، وفى مسابقة الأفلام القصيرة «ليدى» إخراج سيمون ميسا سوتو. وإلى جانب الأفلام، يترأس المخرج الأرجنتينى بابلو ترابيرو لجنة تحكيم «نظرة خاصة»، وتشترك المخرجة البرازيلية دانييلا توماس فى لجنة تحكيم مسابقتى الأفلام القصيرة وأفلام الطلبة.

من نجيب محفوظ إلى جبران

ومن أهم أحداث سينما أمريكا اللاتينية فى المهرجان الحفل الذى عرضت فيه مقاطع من الفيلم التشكيلى (التحريك) المكسيكى «النبى» عن كتاب جبران خليل جبران، والذى تنتجه الممثلة المكسيكية العالمية سلمى حايك وتعلق عليه بصوتها. ومن المعروف أنها من أصول لبنانية، وسبق أن اشتركت فى الفيلم المكسيكى «بداية ونهاية» إخراج أرتور ربينشتين عن رواية نجيب محفوظ. ويشترك فى إخراج «النبى» عشرة مخرجين، منهم الإماراتى محمد سيد حربى. وفى الحفل الذى عرضت فيه 40 دقيقة من الفيلم الذى لم يكتمل بعد، بدت التجربة شائقة، وأصبح من الأفلام المنتظرة قبل نهاية العام.

حضر الحفل وزير الثقافة اللبنانى وألقيت فيه بعض قصائد جبران، واشترك فى الإلقاء الممثل الفرنسى العالمى جيرار دى بارديو. وعلى السجادة الحمراء للحفل رفعت سلمى حايك لافتة مكتوبا عليها بالإنجليزية «أعيدوا لنا بناتنا»، فى احتجاج على خطف جماعة «بوكو حرام» فتيات المدارس فى نيجيريا.

فى البدء كانت الغابة

«الحريق» الفيلم الروائى الطويل الثالث لمخرجه بابلو فيندريك الذى ولد عام 1973، وعرض فيلميه الأولين فى «أسبوع النقاد»، الأول «ظهور الدم» 2007، والثانى «قاطع طريق» 2008. وفيندريك بذلك ابن مهرجان كان الذى انتقل من «أسبوع النقاد» إلى خارج المسابقة فى البرنامج الرسمى، وربما إلى المسابقة فى المستقبل.

فى «الحريق» الذى كتبه وأخرجه فيندريك، يعبر فنان السينما الأرجنتينى عن رؤية فكرية ثاقبة ومتميزة ذات أبعاد متعددة واقعية وتاريخية وسياسية وميتافيزيقية، وبأسلوب سينمائى خالص ومناسب تماماً، يستخدم نوع أفلام «الويسترن» الأمريكية ويتجاوزه.

ويشترك فى تمثيل الفيلم، الذى صوره ببراعة مارتين بيوستوس للشاشة العريضة بالألوان وقام بالمونتاج بنفس البراعة ليوناردو أستى، ممثلان من نجوم سينما أمريكا اللاتينية فى العقد الأول من القرن الجديد الذين لمعوا فى السينما العالمية، وهما جيل جارسيا بيرنال وأليس براجا، ويقدمان دورين من أعظم أدوارهما.

إننا فى الغابة طوال مائة دقيقة ودقيقة، ندخل إليها فى لقطات طويلة مصورة من السماء قبل العناوين، ولا نخرج منها فى اللقطات الطويلة المماثلة التى ينتهى بها الفيلم. والحكاية بسيطة ومألوفة: الأشرار يجبرون أحد الفلاحين على التوقيع على بيع مزرعته لحساب جماعة تريد أن تبنى مشروعاً تجارياً على أرض المزرعة التى تطل على النهر، وبعد أن يوقّع يقومون بقتله أمام ابنته فانيا (أليس براجا)، ويخطفونها ويقدمونها لأحدهم. ويقوم كاى (جيل جارسيا بيرنار) بإنقاذها وقتل الأشرار.

ولكن حكايات الدراما ليست الدراما، إلا إذا كانت مسرحية شكسبير «عطيل» عن رجل يشك فى أن زوجته تخونه ويقتلها ثم يكتشف أنه كان على خطأ. الأشرار فى الفيلم يبدون أيضاً أولئك الذين جاءوا من أوروبا واحتلوا ما أطلقوا عليه العالم الجديد، بل أطلقوا عليه الأمريكيتين، وكأنه كان من دون اسم قبل أن يحتلوه. الفلاح وابنته هما سكان القارات الثلاث الأصليون (أمريكا الشمالية والوسطى والجنوبية). وكاى وفانيا وجارا (ليوتارو فيلو)، الذى كان من الأشرار ولكنه وقع فى حب فانيا، وأصبح يدافع عنها وعن والدها، يبدون أيضاً مثل قابيل وهابيل فى الغابة الأولى، ولكن كاى يعالج جاراً بعد أن أطلق عليه الأشرار الرصاص لقتله عقاباً له، ويتركه فى النهاية ليعيش مع حبيبته رغم أنها أحبته ومارست معه الجنس.

يأتى كاى من داخل الغابة عارياً، وتعطيه فانيا قميصاً يغطى به صدره، ولكنه يخلع القميص فى النهاية ويعود إلى الغابة عارياً كما جاء منها. وهو شخصية غير واقعية أعلى ظهره خطوط قليلة، ولد بها مثل خطوط جلد النمر، وعندما يراه النمر يتطلع كل منهما فى عيون الآخر، ولا يشتبكان على أى نحو. وهو لا يريد أن يزهق الأرواح، وإنما ينقذ جاراً من الموت ويعالجه بطريقة طبيعية مستخدماً سم الثعابين، ويصيب الأشرار بالحراب متعمداً عدم قتلهم، ولكنه يضطر فى النهاية إلى القتل، بل إنه يتمكن من استرداد العقد الذى وقعه الفلاح ويعطيه إلى ابنته، ولكنها تحرقه فى تعبير عن اليأس من القانون فى ظل سيطرة قانون الغابة.

بابلو فيندريك فى هذا الفيلم يصنع «الواقعية السحرية» التى عرف بها أدب أمريكا اللاتينية الحديث، ولكن بلغة السينما مباشرة، وليس بتحويل الأدب إلى السينما.

[email protected]

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية