■العدالة الانتقالية.. وزارة واحدة ووزير واحد فى حكومتين، فكيف تقيم أداء هذه الوزارة؟
- من الصعب جداً أن يقيم الإنسان نفسه أو العمل الذى يقوم به، لكنى سأقول إن وزارة كوزارة العدالة الانتقالية يغيب مفهومها عن الكثير من أبناء الشعب المصرى، ليس فقط لكونها وزارة مستحدثة، بل لأن العدالة الانتقالية تحتاج بيئة معينة لتتأسس فيها، هذه البيئة لم تكن موجودة فى مصر على مدار سنوات طويلة مضت، فهى نوع من العدالة يهدف إلى تجاوز انتهاكات الماضى، والماضى الذى كانت تعيش فيه مصر قبل ثورة 25 يناير لم يكن على استعداد لتقبل مجرد النقد أحياناً، فكيف تقنعه بأن هناك انتهاكات لابد من تجاوزها.
■ وهل ترى المناخ أو هذه البيئة أصبحت موجودة لتأسيس عدالة انتقالية فى مصر، أقصد بعد ثورة 30 يونيو؟
- سأكون صريحاً للغاية، وأخبرك بأنه شبه مستحيل تطبيق العدالة الانتقالية فى مصر حالياً، حتى بعد ثورة 30 يونيو، ولا مفاجأة فى ذلك، لأنه ببساطة هناك أشياء كثيرة تم تجريفها فى المجتمع المصرى بسبب الفساد الشديد الذى عاناه لسنوات، والانتهاكات التى قامت بسببها ثورتان عظيمتان كانت بسبب أجهزة دولة ونظام حكم وليس شخصا بمفرده، لذلك لابد فى البداية أن يصلح النظام، وتتطهر المؤسسات حتى يمكن ترسيخ مبادئ العدالة الانتقالية.
■ إذن لِمَ كان إنشاء الوزارة؟
- العدالة الانتقالية من أهم الأسس التى تقوم عليها المجتمعات الديمقراطية المتحضرة، ولكن بشرط أن تطبق بشكل صحيح دون تأويل أو فتاوى ممن لا يعرفون، ورغم الحاجة الماسة لوجود عدالة انتقالية فى مصر فى المرحلة الحالية فإن وزارة بمفردها لن تتمكن من فعل ذلك، وهو ما دفعنى باسم الوزارة إلى أن أطلب من لجنة الخمسين وقت إعدادها دستور مصر الجديد أن تضع نصا لتشكيل مفوضية عليا للعدالة الانتقالية، لأن مجرد وزارة غير كافية لأداء هذا الدور، بل لابد من مشاركة جهات عديدة للوصول إلى ذلك، خاصة فى ظل ما سبق أن أشرت إليه من تجريف وفساد طال جميع مؤسسات الدولة المصرية على مدار سنوات طويلة.
■ كنتَ وزيرا فى حكومة الدكتور حازم الببلاوى، واستمرت حقيبة العدالة الانتقالية فى ولايتكم، بالإضافة إلى شؤون مجلس النواب التى أسندت إليكم فى حكومة المهندس إبراهيم محلب، فكيف تقيم أداء حكومة الببلاوى، وما الذى يمكن لحكومة محلب أن تحققه للمصريين فى هذه المرحلة الدقيقة؟
- رغم حالة عدم الرضا التى كانت لدى قطاع عريض من المصريين عن أداء حكومة الدكتور الببلاوى، فإننى بوصفى كنت أحد أعضاء فريقه الوزارى أرى أن هذا الرجل تحمل مسؤولية فى وقت فارق وشديد الحساسية، وقت كانت تتعرض فيه البلاد لمؤامرات داخلية وخارجية، وتواجه مخاطر على جميع الأصعدة، ومجرد موافقته على ذلك هو جهد محمود لا يجوز إنكاره، إلا أن ما يمكن تسميته «إخفاقا» للبعض وعدم التوفيق فى قرارات ما قد يكون هو السبب فى عدم الرضا عن حكومته وأدائها، ولكن هذا طبعنا نحن المصريين نريد الأفضل دائما، وإذا حدث أى خطأ لا نرى غيره ونغفل إيجابيات كثيرة، وهو باختصار ما حدث مع حكومة الدكتور الببلاوى. والدليل أن هناك وزراء كثيرين فى الحكومة كان أداؤهم محترما جدا ولاقى استحسان المصريين.
■ هل هذا اعتراف بوجود «إخفاقات» لحكومة الدكتور الببلاوى؟
- بالتأكيد لا يوجد إنسان على وجه الأرض يخطئ دائماً أو يصيب دائماً، هذه سنة الحياة، ولا يستثنى من ذلك إلا الأنبياء.
■ وماذا عن مجلس النواب القادم الذى تتولى الإشراف عليه؟
- فى تقديرى الشخصى، أرى أن المجلس النيابى القادم وسام على صدر الشعب المصرى، وتتويج لخارطة الطريق، التى استهلت أولى خطواتها بنجاح فاق التوقعات فى الاستفتاء على الدستور، وها نحن نقترب بشدة من ثانى خطواتها بإجراء الانتخابات الرئاسية التى نأمل جميعاً أن تكون على نفس المستوى الذى جرى عليه الاستفتاء.
■ كنت فى لقاء منذ أيام مع وفد رفيع المستوى من الاتحاد الأفريقى برئاسة ألفا عمر كونارى، رئيس مالى الأسبق، وأعلنت أن اللقاء انتهى نهاية إيجابية فى صالح مصر، فإلى أى مدى وصلت نظرة الاتحاد إلى مصر وما مصير عضويتها فيه؟
- الحمد لله كان لوزارة العدالة الانتقالية دور كبير فى دعوة الاتحاد إلى إرسال وفد عنه لبحث الوضع فى مصر من خلال لقاءات مع جميع جهات الدولة وأحزابها. وأستطيع الجزم بأن عودة نشاط مصر فى الاتحاد الأفريقى ليست إلا مجرد وقت قصير، فكل التقارير التى أعدها الوفد الأفريقى عن الوضع فى مصر بعد 30 يونيو كشفت الحقيقة التى كانت غائبة، وأكدت أنها كانت ثورة شعبية على نظام حكم فشل فى إرضاء المصريين وتحقيق مطالبهم، وانشغل عنهم بأمور أخرى أعتقد أنها تكشفت أمام العالم كله.
■ هناك أحاديث وأقاويل تتردد بين الحين والآخر عن مفاوضات للمصالحة مع جماعة الإخوان الإرهابية والدولة، ما تعليقك؟
- لن أتحدث طويلاً فى هذا الموضوع، ولكنى فقط يمكننى القول إن الحديث عن المصالحة «هراء»، وأنا أتحمل مسؤولية ما أقوله، فكيف يتصالح من لا يملك المصالحة أساساً؟! فالدولة ونظم حكمها لم تعد صاحبة الحق فى ذلك، فالشعب هو صاحب الكلمة فى ذلك ولا أحد سواه.
■ كيف ترى محاكمات قيادات وأعضاء الجماعة الإرهابية؟
- المحاكمات أمر يخص القضاة والمحاكم التى تباشرها، لكن أقول إن الإعلام يثير الشعب ضد القضاء.
وأكثر ما يحزننى من ذلك ويشعرنى بمرارة هو عجزى عن رؤية وجه القاضى الجالس على المنصة من كثرة «الميكروفونات الخاصة بالقنوات التليفزيونية» الموضوعة أمامه، وهذا غير لائق بهيبة المنصة وقاضيها، وأراه سببا قويا فى جرأة البعض على التطاول على القضاء والقضاة.
■ تشرف الوزارة على اللجنة القانونية المنوط بها مراجعة قرارات العفو التى أصدرها الرئيس المعزول محمد مرسى عن بعض المحكوم عليهم فى قضايا جنائية، فما النتائج التى وصلت إليها اللجنة، وهل كانت للوزارة توجيهات معينة لها فى هذا الشأن؟
- بالفعل قطعت اللجنة شوطاً كبيراً فى هذا العمل، وأوشكت على الانتهاء منه والإعلان عن تفاصيل كل الحقائق التى وصلت إليها. ولم تكن للوزارة توجيهات بالمعنى الحرفى ولكنها كانت تمد يد العون للجنة فى أى شىء تحتاجه من أى جهة فى الدولة.
وأستطيع القول إن الكثير من المفاجآت سوف تكشفها اللجنة بخصوص مسألة قرارات العفو، فور الانتهاء من عملها الذى تشارك فيه جهات عديدة مثل وزارة الداخلية والمخابرات العامة والخارجية وجهات أخرى.