تجربة شخصية مرّ بها المخرج عمرو سلامة، وظلت محفورة فى ذاكرته، حتى خرجت إلى النور فى فيلم «لا مؤاخذة»، الذى عاش أحداثه فى الحقيقة فلم يواجه صعوبات فى كتابته، أما لماذا اختار له هذا الاسم، وكيف استقبل ردود أفعال الجمهور حوله، والرسالة التى أراد توصيلها من خلاله، فكلها أمور نناقشها فى هذا الحوار..
■ ألم تخف من جرأة فكرة الفيلم؟
- بالعكس، فعندما كتبته لم أتوقع أنه سيتم رفضه، واعتقدت أن الذى سيرى الفيلم سيفهم أن مضمونه لا يحرض على أى خطأ، وكنت أرى أن الصراع الذى دار حول الفيلم غير منطقى، لكن لم أتخيل أن تصل الأمور إلى درجة الرفض.
■ ما حقيقة أن الفيلم تجربة شخصية لك؟
- بالفعل 99% من أحداث الفيلم حدثت لى شخصيا، وعندما أشاهد الفيلم أتذكر وقوعها باليوم والساعة وحتى بالأسماء، فقد كنت أعيش فى السعودية وعندما عدت إلى القاهرة تعرضت لأكبر صدمة فى حياتى، لاختلاف الحياة بين البلدين، وكانت فترة صعبة تطلب منى وقتها أن أعيش وأندمج مع أشياء أراها لأول مرة فى حياتى، وهو ما وظفته فى الأحداث باختلاف الديانة، أما فيما يخص شخصية الطفل المسيحى فكان لى أصدقاء مسيحيون وحكوا لى تجاربهم، كما أن صديقى جورج عزمى من أكثر الشخصيات التى ساعدتنى فى جمع المعلومات.
■ ولماذا اخترت اسم «لا مؤاخذة»؟
- لأن هذه الكلمة تستخدم فى الأشياء التى لا نريد الحديث عنها، أو لدينا حرج منها ونخجل من ذكرها.
■ ما رأيك فى ردود الأفعال المختلفة من الجمهور حول الفيلم بالرفض أو القبول؟
- أنا قدمت الفيلم برؤيتى الشخصية، ومن الطبيعى أن يختلف عليه الجمهور، وفكرة أن طفلا مسيحيا يقوم بإنكار ديانته فأنا لى أصدقاء كثيرون قاموا بنفس هذه التصرفات وأكثر، وأهمهم جورج عزمى الذى كتب معى الفيلم، وفى المدارس كثير من الأطفال يحدث لهم اللبس من تشابه الأسماء، حتى هانى عادل كان البعض يعتقد أنه مسيحى لأن اسمه يحمل المعنيين، وعينه خضراء، وظل 3 سنوات لا يحضر حصة الدين.
■ ما الرسالة التى حاولت توصيلها بعيدا عن تجربتك الشخصية؟
- هذا الملف اجتماعى بحت، لأن القضية داخل عقول الناس وتربوا عليها وأنا أرى أننا شعب لا يقبل الاختلاف وأحادى الفكر والمنطق، والأغلبية ترى أن الأقلية عالة عليهم، وهذه مشكلة اجتماعية خطيرة، سواء دينيا أو اجتماعيا أو اقتصاديا أو ثقافيا، فالمشكلة الحقيقية فى مصر فى تقبل الآخر، فنحن مجتمعات «مستقوية بأغلبيتها»، ولدينا ناس كثيرة تحمل هذا الفكر فى أن يقول لك مثلا «ماتكلش عند مسيحي» وأنا لا أسمى هذا اضطهادا، بل أسميه «تمييزا» بأن أعلم عليك بإنك «مش شبهى»، وقضية التمييز موجودة ولا نستطيع إنكارها، وكل ما أتمناه هو عدم تحميل الفيلم بما ليس فيه، كأن يتهمنى البعض بأنى أشوه سمعة مصر بالفيلم، وأتمنى أن يتعامل الناس مع الفيلم على أنه قطعة فنية بشكل مختلف يطرح قضية قابلة للمناقشة.