يرى الكاتب الصحفى مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، أن الدكتور حازم الببلاوى لا يصلح لمرحلة ما بعد إقرار الدستور لأنه ليس رجل هذه المرحلة، كما وصف حركة تمرد بـ«قطع الثلج التى ذابت».. وإلى نص الحوار :
■ ما الرسائل التى خرجت بها نتيجة الاستفتاء على الدستور؟
- أظهرت بوضوح أن نسبة معقولة من المصريين تتجاوز 38%- وهى نسبة كبيرة جداً مقارنة بالنسب العالمية- خرجت للمشاركة فى التصويت لتأتى (نعم) بنسبة 98% فى ظل غياب متعمد من قوى سياسية تدَّعى قوتها فى الشارع المصرى مثل جماعة الإخوان، وهى النسبة التى تعكس رغبة الشعب فى الخلاص من الجماعة ومساندة الفريق السيسى، وتأييداً للجيش والشرطة، والحفاوة بدستور مهم ينطوى على حقوق عظيمة.
■ هل تشعر بغياب نسبة كبيرة من الشباب عن المشاركة فى التصويت؟
- نعم، وهو أمر تترتب عليه نتائج جيدة وسيئة، فكيف تقاطع استفتاءً فى وطنك، إذن فما الفرق بينك وبين الإخوان؟! نحن نواجه مشكلة، فمازلنا مختلفين مع شبابنا، ولابد من الحوار والمصالحة فى إطار ديمقراطية حقيقية. وأطلب من رئيس الجمهورية أن يجلس فوراً مع رؤساء اتحادات الجامعات على الأقل ليضع ميثاقاً يجرم احتجاز الأساتذة وتخريب المدرجات، ويضمن حرية الرأى والتعبير، أقصد حواراً حقيقياً، وليس على طريقة «تعالى أرضيك».
■ هم يشعرون بأننا سندخل عصر مبارك من جديد، أو سيحكمنا نظام عسكرى شمولى يسحق الحريات؟
- ربما، فظهور عدد من وجوه النظام السابق أثار حفيظة البعض، وأعطى هذه الانطباعات، لكن على الشباب أن يفهم أن عودة هذه الرموز للمشهد مستحيلة، وظهورهم يعد حالة فردية وليست ممنهجة، لذا يجب أن نطلب جميعاً من هؤلاء أن يجلسوا فى بيوتهم، مع كامل الاحترام لحرياتهم الشخصية، لكن يجب ألا يظهروا فى أى فعالية سياسية أو إعلامية، لأن ظهورهم فى هذا الوقت الحساس يضر بالوطن.
■ ما رأيك فى القول بتروّى الفريق أول عبدالفتاح السيسى فى إعلان موقفه من الترشح للرئاسة لحين حصوله على تفويض من الشعب فى 25 يناير القادم؟
- ليس هناك ضرورات وطنية للتروّى، فقد أشار فى خطابه الأخير إلى أنه سيلبى نداء الشعب، وأعتقد أنه يعلم أن دعوته للمصريين ساهمت فى زيادة نسب المشاركين فى الدستور، ويعلم أن عدداً ضخماً من الشعب لم ينزل فقط للتصويت على الدستور، بل لتفويضه.
■ ما المطلوب من «السيسى» فور إعلان ترشحه للرئاسة؟
- موقف الفريق البطولى والعظيم من ثورة 30 يونيو يجعله رجلاً ذا شعبية كبيرة فى الشارع، لكن إذا رشح نفسه للرئاسة فعليه أن يعلن موقفه من الحريات العامة، وحق التعبير بشكل قاطع وواضح لا يحتمل اللبس، فضلاً عن علاقته بالمعارضة والقوى السياسية الأخرى، وكذلك خطته لإنقاذ الاقتصاد، وكيفية إدارة البلاد.
■ هل تعتقد أن الدكتور حازم الببلاوى، رئيس الوزراء، صالح لتطبيق الدستور الجديد بعد إقراره؟
- لا أعترض على «الببلاوى» كشخص، لكنه فعلاً لا يصلح رجلاً للمرحلة المقبلة، فرغم أن وزارته تضم عدداً من الأكفاء والشخصيات المحترمة لكنها فى النهاية أثبتت فشلاً وقصوراً كبيرين فى مواجهة المشكلات مثل الجامعات، وكذلك لم تستطع الوصول إلى صيغة للجمع بين الحريات العامة وعدم الاعتداء على الحقوق الشخصية، ثم إن الدستور الجديد يلزم الحكومة باستحقاقات لا يستطيع «الببلاوى» الوفاء بها، فنحن نحتاج إلى حكومة تستطيع ترجمة نصوص الدستور إلى عمل حقيقى، وإلا سيكون الدستور عبئاً على استقرار البلاد، لأن الناس ستشعر أن لها حقوقاً فى الدستور، والحكومة عاجزة عن إعطائها لهم.
■ هل ترى أن قرار الحكومة باعتبار الإخوان جماعة إرهابية كان نوعاً من التهدئة للشارع، وأنها غير جادة فى تنفيذه؟
لم يعبر موقف الحكومة عن إصرار عميق لوقف هذا الهزل، فحتى الآن الحكومة عاجزة عن فتح شارع قصر العينى، وهذا معناه أنها خائفة، وليست قادرة على حماية أمن البلاد، ونحن نرى صبية يومياً على التلفاز يقفون أعلى سور المدينة الجامعية لجامعة الأزهر يلقون بالطوب والحجارة حتى كدنا نحفظ أشكالهم، ألا تستطيع الحكومة القبض على هؤلاء وإخراجهم من الجامعة، أم أن هناك حسابات أخرى؟ يوجد إرهاب حقيقى لدرجة أننا وصلنا إلى ذبح الناس فى الشوارع، والسيارات المفخخة، نحن أمام تحالف بغيض يضم الإخوان وتنظيم القاعدة والسلفية الجهادية، فى حين أن الحكومة لا ترى ذلك، وتعتقد أن الأمور ستهدأ بمرور الأيام، لكن فى ظنى أن الإخوان سيُصعّدون من إرهابهم مادامت الحكومة لم تطبق القانون على تلك الجماعة.
■ الحكومة ترى أن الخارج مهم ولا يجب أن نخسره؟
- ما ينبغى أن نضعه فى الاعتبار هو حسابات الداخل وموازين القوى هنا وليس الخارج، ولا نضع حسابات للأمريكان، فالمشروع الأمريكى أسقطه الشعب المصرى فى 30 يونيو، والغرب سيتأقلم فى النهاية على ما يرتضيه المصريون، وسيغير من أسلوبه كلما سرنا فى خارطة الطريق بثبات وبقوة، ولا ننسَ أن قوتنا فى الداخل هى التى تصنع القوة فى الخارج، ولو ظلت الحكومة تولى الغرب اهتماماً كبيراً فستودى بالبلاد إلى الهاوية، فالمصريون ضاقوا بما يحدث، والجماعة تضعهم فى حجر الزاوية، ووصل الأمر إلى أن الأهالى فى بعض المناطق يطاردونهم فى الحوارى والأزقة، وللأسف لم يعد للشعب سوى أن يدافع بكل ما يملك من قوة للحفاظ على حياته واستقراره ومستقبله، أنا أعتقد أن ذلك جزء من السيناريو القادم، وهو أن يواجه الشعب الإخوان فى الحوارى والأزقة، وهذه ظاهرة خطيرة.
■ هل التفجيرات من حين لآخر ترجع إلى ضراوة الإخوان ومعاونيهم أم إلى ضعف الأمن أم الاثنين؟
- الاثنين طبعاً، فالإخوان يرون أن نجاح الاستفتاء قضى عليهم بنسبة كبيرة، وكسر شوكتهم فى الداخل والخارج، لذا سيقومون بالمزيد من العنف فى الأيام القادمة، ويجب على الحكومة أن تشد من عودها، وأعلم أن العبء ثقيل على الداخلية، والإخوان يريدون أن يجهدوا الأمن، لذلك يجب أن تكون هناك خطط مبتكرة لمواجهتهم، ولا ينبغى أن ننسى أن الشرطة دفعت ثمناً باهظاً فى مواجهة الإرهاب، فقد استشهد عدد كبير من ضباط الشرطة فى الفترة الأخيرة، لذا أقترح عمل حائط تذكارى للضباط الشهداء فى ميدان رابعة العدوية.
■ هل تؤيد محاكمة الإخوان فى محاكم استثنائية كما يطالب البعض؟
- لا، ليحاكموا فى محاكم مدنية سريعة، وتحدد مدد زمنية لإصدار الأحكام، فهذا جزء من العدالة، وهو سرعة القصاص دون الإخلال بالإجراءات.