x

الإدارية العليا تودع حيثيات حكمها بإلزام البابا بالتصريح للمسيحي بـ"الزواج الثاني"

الخميس 03-06-2010 13:46 | كتب: شيماء القرنشاوي |
تصوير : other

أودعت المحكمة الإدارية العليا حيثياتها الكاملة في حكمها الصادر بإلزام البابا ‏شنودة "بطريرك الأقباط الأرثوذكس " بمنح تصريح الزواج الثاني للمسيحي ‏المطلق. ‏

تعود وقائع القضية إلى أن «هاني وصفي» الذي أقام دعوى قضائية أمام محكمة ‏القضاء الإداري في 5 مايو 2008 اختصم فيها البابا شنودة ورئيس المجلس ‏الاكليريكي العام للأقباط الأرثوذكس وطالب بمنحه تصريح الزواج الثاني ‏

وقال في دعواه أنه بتاريخ 1/9/2002 تزوج من «هبه سمير يوسف» وفقا لطقوس ‏طائفة الأقباط الأرثوذكس إلا أن الزوجة كانت دائمة الإساءة إليه والتعدي عليه ‏بالسب والقذف وبألفاظ نابية أمام الأهل والجيران مما أصابه بأضرار جسيمة ولم ‏تفلح معها كافة محاولات الإصلاح، وهو ما دفعه لإقامة الدعوى رقم 13 لسنة ‏‏2002 أمام محكمة طنطا للأحوال الشخصية والتي قضت بتطليقه من زوجته في عام ‏‏2003 للضرر ولم يتم الاستئناف على الحكم وأصبح نهائي، لذا تقدم بعد ذلك بطلب ‏للتصريح له بالزواج الثاني إلا أن البابا رفض دون سند من الدستور أو لائحة ‏الأحوال الشخصية الصادرة في عام 1938.‏

وقد تداولت القضية أمام القضاء الإداري التي أصدرت حكمها بجلسة 3/2/2009 ‏بإلزام البابا بمنحه التصريح واستندت في حكمها على أن بطريركية الأقباط ‏الأرثوذكس هي شخص من أشخاص القانون العام ومن ثم فإن المنازعات التي تكون ‏طرفا فيها ينعقد للاختصاص بنظرها لمحاكم مجلس الدولة باعتباره صاحب الولاية ‏بالفصل في المنازعات الإدارية كما أن الكنيسة لم تمتنع عن إصدار تصريح للمدعي ‏بالزواج الثاني إلا أنها قيدت هذا التصريح بضرورة إحضار الخطيبة وإعلامها ‏بالظروف الصحية للمدعي وذلك دون الاعتصام بأي سند قانوني وهو ما يعد التفافا ‏إذ لم يكن مصادرة لحق المدعي الشرعي والقانوني في الزواج بأخرى بعد أن طلق ‏زوجته الأولى بناء على حكم قضائي نهائي حائز لقوة القانون وأنه قدم ما يفيد خلوه ‏من الأمراض التي قد تعوق الزواج. ‏

وبعد صدور الحكم أقام البابا بصفته طعنا على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا ‏لإلغائه واستند في طعنه على أن الحكم أخطا في تطبيق القانون،حيث أن المجلس ‏الإكليريكي سلطاته دينية ولا يخضع في قراراته سوى للرئاسة الدينية التي تبدي ‏رأيها وفقا لنصوص الإنجيل المقدس وتعاليمه وبالتالي يكون مجلس الدولة غير ‏مختص.‏

‏ ولا يحق له نظر الدعوى،كما أن الحكم خالف الواقع والمستندات إذ أن جهة الإدارة ‏قد صرحت للمطعون ضده بالزواج حال إحضار خطيبته وإعلامها بظروفه وهو مالا ‏يمثل قيدا على حق المطعون ضده الشرعي في الزواج لأن الأصل أن الزواج طبقا ‏لشريعة الأقباط الأرثوذكس لا يتم إلا مرة واحدة والاستثناء أن يوافق المجلس على ‏منحه تصريح بالزواج للمرة الثانية وهو ليس حقا شرعيا له إلا أن المحكمة الإدارية ‏العليا رفضت الطعن. ‏

وأكدت في حيثياتها أن الكنيسة الأرثوذكسية تقوم بحسب الأصل على رعاية الأقباط ‏الأرثوذكس كافة، وهي في سبيل ذلك خولها القانون السلطات اللازمة بموافقة الأقباط ‏وتقديم الخدمات اللازمة لهم ،وهذه المهمة من مهام الدولة ومن ثم فإن ما تمارسه ‏الكنيسة في هذا الخصوص إنما هو نشاط إداري دعت إليه اعتبارات الصالح العام ‏وتغدو القرارات الصادرة منها على هذا النحو قرارات إدارية تتعلق بتنفيذ القوانين ‏واللوائح تخضع لرقابة القضاء من حيث مدى مشروعيتها.‏

ومن ثم فليس مقبولا من أي جهة دينية أن "تلتحف" بخصوصية بعض الأحكام ‏الدينية لديها، مما قد يختلف الرأي بشأنها لدى آخرين ممن يتبعون تلك العقيدة خاصة ‏وأن التنظيم التشريعي لذلك الأمر أينما يكون وليد إرادة شاركت فيه الجهات الدينية ‏المختلفة بالرأي والقرار قبل إصدار مثل ذلك التشريع ومتى كان ذلك وكانت لائحة ‏الأحوال الشخصية التي أقرها المجلس الملي في عام 1938 بما تضمنته من قواعد ‏وعلى ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 1 لسنة 2000 ‏بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال ‏الشخصية.‏

وتعتبر تلك اللائحة شريعتهم التي تنظم مسائل أحوالهم الشخصية، فقد عنيت تلك ‏اللائحة بالأحكام التفصيلية للزواج باعتباره سرا مقدسا يتم وفقا لطقوس كنسية بقصد ‏تكوين أسرة جديدة،فنظمت اللائحة أحكام الخطبة وعقد الزواج وبينت شروطه ‏وموانعه كما نظمت أحكام الطلاق وحالاته فأوجبت اللائحة في المادة 6 منها على‏

‏ الكاهن قبل تحرير عقد الخطبة أن يتحقق من عدم وجود مانع شرعي يحول دون ‏الزواج سواء من جهة القرابة أو المرض أو وجود رابطة زواج سابق، كما لم تجز ‏المادة 25 لأحد الزوجين أن يتخذ زوجا ثانيا مادام الزواج قائما ورتبت المادة 68 ‏على الطلاق انحلال رابطة الزوجين من تاريخ الحكم النهائي الصادر به فتزول ‏بمقتضاه حقوق كل من الزوجين وواجباته قبل الأخر وأجازت المادة 69 لكل من ‏الزوجين بعد الحكم بالطلاق أن يتزوج من شخص أخر إلا إذا نص الحكم على ‏حرمان احدهما أو كليهما من الزواج وفي هذه الحالة لا يجوز لمن قضى بحرمانه

أن يتزوج إلا بتصريح من المجلس الاكليريكي ‏

والثابت من الأوراق أن المطعون ضده وهو مسيحي أرثوذكسي حصل على حكم ‏بالتطليق من زوجته والتي تزوجت من المدعو «أسامة إميل» في 27/4/2006‏

ومن حيث أن من المبادئ الأصولية في الشريعة المسيحية أنها تقوم على وحدانية ‏الزوجة بما لا يجوز معه للمسيحي أن يكون له سوى زوجة واحدة،فإذا انفصم عقد ‏الزواج زال المانع وجاز له الزواج ثانية،ولما كان الثابت أن الكنيسة قد اعتدت ‏بطلاق زوجة المطعون ضده وأجازت لها الزواج ثانية باعتبار أن العلاقة الزوجية ‏قد انقصمت بطلاق بائن، فمن ثم لا يسوغ لها حرمان المطعون ضده من الزواج ‏ثانية كنسيا على اعتبار أن سند الأحكام القضائية الصادرة في تلك المنازعات ليست ‏مستمدة من الشرائع السماوية بصفة مباشرة ومن ثم يكون امتناع الكنيسة عن ‏التصريح له بالزواج قد جاء مميزا بين أصحاب المراكز المتماثلة على خلاف حكم ‏القانون ومكونا لقرار سلبي يتعين إلغاؤه ويقوم به ركن الجدية كما يتوافر ركن ‏الاستعجال من أن استمرار امتناع جهة الإدارة عن إصدار التصريح له بالزواج ‏يحول دون إحصانه وقد يدفع به إلى طريق الرذيلة، كما يحول بينه وبين ممارسته ‏لحقه الإنساني والدستوري في الزواج وتكوين أسرة التي هي اللبنة الأولى للمجتمع ‏ووفقا لأحكام شريعته التي يدين بها وهي نتائج يتعذر تداركها.‏

لذا حكمت المحكمة برفض الطعن وإلزام الطاعن المصروفات عن درجتي التقاضي‏

صدر الحكم برئاسة المستشار «محمد الحسيني» وبعضوية المستشارين «أحمد ‏الشاذلي» و«عادل بريك» و«صلاح الجراوني» و«مجدي العجرودي» وبسكرتارية ‏‏«كمال نجيب».‏

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية