قال الفنان عمرو سعد، إنه بدأ التحضير لفيلم يتناول من خلاله بطولات ضباط الجيش المصري في حربهم ضد الإرهاب، مؤكدًا أنه ليس ضد ترشح الفريق أول عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع، للرئاسة، لكنه يرى أنه تجاوز منصب الرئيس، معتبرًا أن الديمقراطية تحتاج وقتًا في أي دولة، رافضًا استعارة تجارب الآخرين ووصفها بأنه خطر، لافتًا إلى أن الإنسان المصري ظل طوال 60 عامًا مفعولا به، ثم أصبح فجأة فاعلًا تسترضيه الأطراف السياسية المتصارعة لكسب تعاطفه وتأييده، واصفًا الأخطاء التي ارتكبها «الإخوان» بأنها كانت عشوائية في التفكير، وألقى باللوم على الشعب المصري لأنه سلم «كابينة القيادة» إلى أشخاص ليس لديهم أي قدرة على القيادة، مؤكدًا أنه بدأ التحضير للجزء الثاني من مسلسل «شارع عبدالعزيز»، الذي سيخوض به سباق دراما رمضان المقبل، وإلى نص الحوار.
■ كيف ترى ما يجري على الساحة الآن خاصة أنك لم تتحدث منذ ثورة 30 يونيو؟
- لدي قناعة منذ انتخابات الرئاسة يدور مضمونها حول ضرورة أن تعلم شخص حدود الحرية قبل أن تمنحه الحرية، أو بمعنى آخر أرى أنه لا يجوز أن يطلب طرف من طرف آخر قيادة سيارة دون أن يكون هذا الشخص يجيد مهارت القيادة بالفعل، لذلك كنت متأكدًا من البداية أن هناك تداعيات سريعة ستحدث، يتبعها انهيار في أي اختيار سيختاره الشعب خلال المرحلة الأولى أياً كان هذا الاختيار، وكان لدي شبه يقين بأننا لن نستطيع أن نختار بشكل مناسب، خاصة بعد اللعب على وتر التيارات الدينية.
■ هل تعتقد أن المصريون غير مؤهلين للديمقراطية كما يرى البعض؟
- المصريون أذكياء لكن الديمقراطية تحتاج وقتا طويلًا في أي دولة، واستعارة تجارب الآخرين كانت خطرًا، ودائمًا ما كنت أتساءل هل الفعل الثوري أفضل أم الإصلاحي؟ لأننا ورغم معرفتنا بوجود مشاكل كثيرة في التعليم والصحة والاقتصاد، لكن كان من الأفضل أن نفكر هل حل المشكلة بهذه الطريقة هو الأنسب للظرف المكاني والزماني للشعب المصري أم لا؟ وللأسف أنا بشكل شخصي لا أعرف إجابة هذا السؤال.
■ هل حدثت تغيرات كثيرة في الشخصية المصرية مؤخرًا من وجهة نظرك؟
- بالطبع، والمكسب الوحيد من ثورة 25 يناير أنك أصبحت فاعلًا، لأن الإنسان المصري طوال 60 عامًا كان مفعولا به، لكن بعد أن تحول إلى فاعل أصبح فجأة زبوناً تسترضيه الأطراف السياسية المتصارعة، لكن كل ما فعلناه على مدى 3 سنوات لم يخرج عن مطالبتنا بأشياء من الدولة، دون أن نقدم شيئاً، أو ندفع حتى نحصل على الطلبات، ففي مثل هذه الظرف لابد أن يكون لدينا يقين بأن ندفع أكثر، ونحصل على الأقل، حتى نصل إلى المستوى الذي نريده، ولو كان لديك القدرة على فعل ذلك ستصعد سريعًا، لكن لو لم تتوفر لديك هذه القدرة «إبقى قابلني».
■ وما رأيك فيما يردده البعض أن ما حدث مؤخرًا مؤامرة ضد مصر؟
- لا توجد مؤامرة إلا على نظام فاشل فعلاً، وعندما يكون النظام قويًا وناجحًا تكون مناعته قوية، ولا يعنيني إن كانت هناك مؤامرة أم لا، ويعنيني أنه حتى لو كانت هناك مؤامرة فإنها نجحت، لأنه كانت لدينا أزمة حقيقية.
■ هل ترى أن الإخوان ارتكبوا أخطاء فادحة خلال توليهم الحكم؟
- من الممكن أن يكون حجم الأخطاء غير فادح، لكن ما فعلوه كان فاضحًا، لأن الأخطاء التي ارتكبوها تدل على عشوائية في التفكير، والمصريون سلموا «كابينة القيادة» إلى أشخاص ليس لديهم أي قدرة على ذلك، وواضح من الأخطاء الظاهرة بالنسبة لي بصرف النظر عما يقال في الإعلام أنهم فعلوا هذا بالفعل، لأن الإعلام هو الذي يتحدث في مثل هذه الأمور وليس الدولة، لذلك ما أقيمه هو مسار السلطة خلال عام، فالإخوان حكموا بقدر كبير من السذاجة، وكأنهم من عالم آخر وبعقلية أخرى، كما أن فهمهم الدين أضرهم، وجعلهم يفعلون أخطاء متسارعة تسببت في سقوطهم.
■ هل ستؤيد «السيسي» لو رشح نفسه في انتخابات الرئاسة المقبلة؟
- لم أكن يومًا ضد ترشيح أي رجل عسكري، كما أنه لا توجد جامعة لتخريج رئيس جمهورية، لذلك من حقه أن يرشح نفسه مثله مثل الطبيب أو أي صاحب مهنة أخرى، لكني أرى أن «السيسي» تجاوز منصب رئيس الجمهورية، ولم يعد المنصب مغريًا له، وأتصور أنه لو قرر ترشيح نفسه لن يكون ذلك نوعا من الطمع، لأنه تخطاه جماهيرياً، وأعتقد أن هذا المنصب ينتقص منه.
■ لماذا؟
- طريقة تفكير المصريين تميل إلى انتظار البطل الشعبي، وهذا البطل غاب طويلا، لأن الأنظمة السابقة لم تتحقق فيها كاريزما البطل الشعبي، لذلك عندما ظهر رجل يمتلك هذه الكاريزما أعطوه أكثر من اللازم، ومن المعروف أن البطل الشعبي يتحول إلى رمز ويتجاوز فكرة الكرسي، وقد يكون من الخطر على الرمز الشعبي أن يتولى مثل هذا المنصب، لكن لو كان «السيسي» يرى أن لديه ما يقدمه في المرحلة الجديدة فله الحرية في الترشح.
■ ما تفاصيل مشروعك السينمائي الذي التحضير له حاليًا؟
- بدأت التحضير لفيلم عن حياة ضابط في الجيش يتولى تنفيذ مهمة بعد 30 يونيو، لكني أنتظر موافقة القوات المسلحة، لأن شخصية ضابط الجيش ممنوعة من الظهور على الشاشة منذ 30 عامًا، باستثناء الأعمال التي تتناول حرب أكتوبر، ولا أقصد هنا القائد العسكري، بل الضابط الذي يستحق أن نعبر عن المعاناة التي يتعرض لها يوميًا.
■ وهل واجهتك صعوبات أثناء التحضير؟
- نحن نحتاج إلى دعم القوات المسلحة في التصوير لأن الفيلم مهم جداً، وأعتبره أهم من مئات البرامج والصحف، لأنه يخاطب وعي الجمهور على مدى سنوات طويلة.
■ لماذا فكرت في تقديم شخصية ضابط بالجيش؟
- أحلم بتقديم هذا الموضوع منذ فترة طويلة لأن شخصية ضابط الجيش تستهويني، خاصة أن العالم كله يتناولها دون معوقات، لكن طوال السنوات الماضية كان هناك تحفظ من القوات المسلحة على ذلك، لكن الفرصة حاليًا متاحة، وأعتبر تقديم مثل هذه التجربة نوعًا من الواجب الوطني تجاه مؤسسة منضبطة قدمت جهداً كبيراً في الحرب ضد الإرهاب في سيناء، وغيرها من محافظات مصر، كما أن ضباط الجيش لديهم حس وطني كبير.
■ هل ترى أن دور الجيش في الجبهة الداخلية أهم من دوره في مواجهة العدو الخارجي؟
- بالتأكيد، لأنه في الحرب أنت تعلم جيدًا الجبهة التي يقف فيها عدوك، والشعب كله يكون خلفك، بينما الوضع هنا مختلف، لأنك تحارب أشباحًا من الداخل، لذلك هذا الوضع يتطلب شجاعة كبيرة، لأنه مرعب، فمثلًا لو كنت تقف في حاجز أمني فأنت لا تعلم من أين ستأتي لك الرصاصة.
■ ولماذا قررت خوض منافسة رمضان المقبل بالجزء الثاني من مسلسل «شارع عبدالعزيز»؟
- هناك أكثر من سبب، في مقدمتها أن المسلسل نجح على المستوى الإنتاجي، كما حقق نجاحًا كبيرًا بعد عرضه أكثر من مرة على عدد كبير من الفضائيات المصرية والعربية، فضلًا عن أن نهاية المسلسل كانت مفتوحة، مما منحنا فرصة لاستكمال الأحداث، والتعامل مع الأوضاع الحالية، لذلك سأستخدم شخصية «عبدالعزيز» التي أحبها الجمهور في إرسال مجموعة رسائل محددة للمجتمع المصرى.
■ هل لجأت إلى شخصية «عبدالعزيز» لأن نجاحها مضمون؟
- لا يوجد نجاح مضمون، لكني لجأت إلى شخصية أصبحت محببة لدى الجمهور.
■ هل تركز على الأوضاع السياسية والاجتماعية الحالية في الجزء الثاني من المسلسل؟
- السيناريو يمر بمراحل، بمعنى أنه يتم وضع البناء العام للمسلسل، ثم بعد ذلك التفاصيل، وتم الانتهاء حتى الآن من كتابة 10 حلقات فقط، وأعتقد أن التغيرات الاجتماعية أهم من السياسية، لأنها هي التي قادت السياسية، وليس العكس.
■ هل تقصد أن الجزء الثاني سيكون بعيدًا عن السياسة؟
- لا أفكر في السياسة بالمعنى المباشر، بل من منطلق رصد عيوب المجتمع، وتشخيص أمراضه، وعندما تضع يدك ككاتب أو كفنان على المشكلة، فإن ذلك بداية العلاج، لذلك المشاكل التي تحدث في المجتمع هي المهمة حاليا، وأنا أصغر من أن أضع وجهة نظري في السياسة في الوقت الحالي، لأن الوضع لم ينته بعد، خاصة في ظل وجود تقلبات بشكل يومي، خاصة أن قناعات الناس تتغير بين يوم وليلة، لكننا نرى الأوضاع الاجتماعية جيدًا، كما أن تأثيرها في السياسة واضح.
■ هل ستجد صعوبة في إعادة تقمص شخصية «عبدالعزيز» بعد مرور سنوات على تصوير الجزء الأول؟
- لا يوجد شىء صعب أمام الممثل، فمثلًا «الكمنجاتى» لا يجد صعوبة في العزف، بينما نرى نحن أن ما يفعله صعبًا لأننا لا نجيد العزف، وأقوم حاليا بمشاهدة الجزء الأول من المسلسل.
■ ما مدى تدخلك في اختيار فريق العمل؟
- المدرسة التي تعلمت فيها تؤمن بأن المخرج هو رب العمل، وفي النهاية رأيي استشاري، وعندما ألتقي المخرج أبلغه بذلك، حتى لا أفسد «الهارموني»، وفي الجزء الثاني سيستمر معنا فريق العمل الخاص بالجزء الأول إلا لو حدث اعتذار مفاجئ، كما أن هناك شخصيات جديدة، لكن المخرج لم ينته حتى الآن من ترشيح الممثلين.
■ لماذا توقف مشروع مسلسل «بشر مثلكم»؟
- لازلت أراهن على هذا العمل، وأنا سبب عدم تصويره بسبب أمانتي مع الجمهور، لأن المسلسل يتناول شخصية إمام مسجد، وهذه الشخصية تتطلب إتقان اللغة العربية وتلاوة القرآن، وبالرغم من أنني ظللت أحفظ أجزاء من القرآن لفترة حتى أكون مقنعا أثناء تجسدي الشخصية، وبدأت في قراءة كتب السيرة،إلا أنني اكتشفت أن الوقت غير كاف، نظراً لحساسية الموضوع.
■ ألا ترى أن هذا هو التوقيت المناسب لمثل هذا الموضوع؟
- لا يهمني التوقيت المناسب، فقد اكتشفت أن الوقت كان مناسبًا لمدة 30 عامًا، لأن الأزمة في الفهم ستستمر معنا حتى لو بدأن العمل من اليوم، وهدفي هو تقديم شخصية إمام المسجد الإنسان الذي لم يُقدم إلا بشكل كاريكاتيري، وتوضيح علاقته بالمجتمع، والمشاكل التي تواجهه، وكان من الممكن أن ينجح المسلسل لو تم تصويره لكن دون أن يقدم الرسالة التي أبحث عنها.
■ ما سبب غيابك عن السينما فى الفترة الماضية؟
- الغياب سببه التردد، واعتذرت خلال الفترة الماضية عن أفلام كثيرة، ولو كنت قدمتها بالتأكيد كنت خسرت كثيراً، فالأفلام التي قدمتها كانت جزءاً من تكوين أشخاص كثيرين، خاصة بعد عرضها على الفضائيات، وهذا يجعل المسؤولية أكبر، كما أنني غير مهتم بتقديم عدد كبير من الأفلام، وكل ما يهمني هو أن يعيش الفيلم ويلقى احترام من يشاهده.
■ هل كان ضعف السيناريوهات سببًا رئيسيًا في ابتعادك عن السينما؟
- هناك أسباب كثيرة منها السيناريو، لأن المنتج دائماً يبحث عن السيناريو، والمؤلفون المحترفون أصبحوا يكتبون بالطلب وفقا لمتطلبات السوق، لذلك استعنت بورشة كتابة لتقديم عمل جديد، كما أن المنتجين حددوا نوعية معينة من الأفلام لا تتناسب معي بحجة أن «الجمهور عايز كده»، بينما أبحث عن فيلم اجتماعي، وسبق أن قدمت «حين ميسرة» قبل أن يتحدث أي شخص عن العشوائيات.
■ لماذا تركز في أفلامك على طبقة المهمشين؟
- لأنها أكبر طبقة، وأكثر من 80% من سكان الوطن العربي «غلابة»، والمفترض أن نسبة الأفلام، التي تنتج لهذه الطبقة تكون أكبر من الأفلام، التي تعبر عن الأغنياء، والسينما لم تعبر عن هؤلاء الناس حتى الآن بشكل كافٍ، وعلى الممثل أن يبحث عن جمهوره.
■ وما حقيقة وجود خلافات بينك وبين المخرج خالد يوسف؟
- لا توجد أي خلافات بيننا، ونستعد حاليًا لفيلم جديد سنبدأ التحضير له بعد أن ينتهي من مهمته في «لجنة الـ50»، وبشكل عام ليس شرطاً أن أقدم كل الأفلام مع مخرج واحد.
■ كيف ترى اتهامك بتشويه صورة المجتمع المصري في أفلامك؟
- سمعت هذا الكلام بعد أن قدمت «حين ميسرة»، لكن هذا رأي نخبوي، وفي السينما لن تجد فيلما تافها يدعو للرذيلة، وعندما تطرقنا إلى العشوائيات قدمنا شخصية رجل سلبي، ونهايته كانت سيئة، بينما هناك أفلام أعتبرها أكثر خطورة، لأنها تجعل من النصاب بطلًا محببا لدى الجمهور.
■ هل من الممكن أن تشارك في أعمال من أجل المال كما فعلت من قبل؟
- حدث ذلك في بداية حياتي، لأني كنت في حاجة إلى المال، لكن مستحيل أن أكرر الفعل نفسه، فأنا أعتبر ذلك «غلطة» حدثت مرة واحدة في حياتي، ولو كنت أبحث عن المال لوافقت على الظهور في البرامج، أو المشاركة في الأفلام التي عرضت علي.