أكد العالم الدكتور «محمد غنيم»، عضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور، أن التعديلات التى تم إدخالها على الدستور جعلته يواكب دساتير أوروبا وربما أفضل منها، مؤكداً حرص أعضاء اللجنة على تمثيل جميع فئات المجتمع ووضع مواد انتقالية للتمييز الإيجابى لتحقيق وضع مميز للمرأة والأقباط والشباب، رافضاً إجراء مصالحة مع جماعة الإخوان قبل نبذها للعنف، ومشيراً إلى مواجهة الإرهاب بمواد دستورية.. وإلى نص الحوار..
■ هل هناك خلافات داخل لجنة الخمسين؟
- سننتهى من صياغة الدستور نهاية الأسبوع القادم إنشاء الله، وقد انتهينا من 98% من مواد الدستور ولم تتبق سوى مواد بسيطة والديباجة الخاصة بالدستور.
وأحب أن أقول إن الخلاف على أى مادة أمر وارد وطبيعى وصحى لأن اللجنة بها ممثلون لفئات مختلفة، أما بخصوص مواد القوات المسلحة فلا يوجد تحصين لأى شخص ولا أى منصب، والمشكلة كانت فى محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية وانتهينا الى أنه يحاكم المدنيون أمام المحاكم العسكرية فى حالتين فقط «الاعتداء المباشر على المنشآت العسكرية» و«الاعتداء المباشر على العسكريين أثناء وبسبب عملهم».
أما الحديث عن تحصين منصب وزير الدفاع فى الدستور كما كان يردد البعض فهذا كلام غير صحيح ولا يوجد تحصين لأى منصب ولم يطلب الجيش تحصين منصب وزير الدفاع نهائياً فكل المواد تنظم عمل المؤسسة ولا تحصن أحداً.
وهناك خلاف حول مطالبات بعض التيارات والسياسيين بحظر محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية،وأنا شخصياً مع هذا المطلب فى الظروف العادية، لكننا فى وضع استثنائى ونواجه حرب شرسة مع الإرهاب وهذه المادة وضعت خصيصاً لمواجهة الإرهاب وتم تحديدها وتعريفها بدقة حتى لا يتم استغلالها فى غير ذلك.
■ بمناسبة التطرق للحرب ضد الإرهاب هل هناك مواد صريحة فى الدستور الجديد وضعت لمواجهة الإرهاب؟
- نعم هناك مادة ضد الإرهاب تنص على أنه «على الدولة بكافة مؤسساتها العسكرية والشرطية اتخاذ التدابير وكافة السبل لمواجهة الإرهاب وتخصص الأموال الكافية واللازمة لذلك» كما تم حظر إنشاء أحزاب أو جماعات أو تنظيمات على أساس دينى أو عسكرى أو شبه عسكرى أو على أساس طائفى.
■ البعض اتهم لجنة الخمسين بأنها تصفى حساباتها ضد جماعة الإخوان المسلمين والتيارات الإسلامية فى المواد الدستورية فما ردك على ذلك؟
- «ده كلام فارغ»، نحن فى لجنة الخمسين نضع دستوراً لمصر ولمستقبلها ولا نتطرق للأمور والخلافات السياسية فى الشارع ونراعى كافة فئات المجتمع وكافة طوائفه ولكننا لن نسمح بسيطرة فصيل بعينه مهما كان.
■ سمعنا عن خلافات حادة داخل لجنة الخمسين حول إلغاء نسبة الـ50% للفلاحين وتحديد كوتة للمهمشين وخاصة المرأة فماذا حدث؟
- «زى ما قلت الخلاف طبيعى لأن فيه وجهات نظر مختلفة وفيه فئات ممثلة مختلفة»، لكن الإعلان عن بعض الأمور بشكل غير دقيق هو ما يثير غضب البعض، والإعلان عن إلغاء الـ50% للعمال والفلاحين كان منقوصاً فقد تم إلغائها من متن الدستور، ولكن تم وضعها فى مواد المرحلة الانتقالية ولكن ليس بنفس النسبة بحيث سيكون للعمال والفلاحين وبعض الفئات الأخرى مثل المرأة والأقباط والشباب تمييز إيجابى لمدة دورة أو دورتين فقط لتمكينهم ثم بعد ذلك «يدخلوا الأحزاب ويشتغلوا».
ولم نحدد نسب لكل فئة بعد ولكن سيكون لكل فئة منهم نسبة منفصلة ومجموع تلك النسب لن يتعدى 50%، والمرأة لها وضع مميز فى الدستور ولها مادة تكفل المساواة مع الرجل فى الشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحمايتها من العنف وخلافه، وهذه مادة ممتازة جداً بحق المرأة، بالإضافة إلى وضعها ضمن الفئات ذات التمييز الإيجابى فى المواد الانتقالية بحيث نضمن تمثيلها فى البرلمان فى الفترة الانتقالية لمدة دورة أو دورتين للمشاركة فى وضع القوانين والتشريعات الجديدة.
وبخصوص الأقباط كان لهم بعض المطالب فى الدستور مثل حرية الاعتقاد، لكن «مافيش حد هدد بالانسحاب ولا حاجة ده كلام للاستهلاك الإعلامى، والأقباط وضعهم ممتاز فى الدستور»، وتم وضعهم ضمن نسب التمييز الإيجابى، أما حرية الاعتقاد فتم وضعها فى الدستور فى باب الحريات وتنص على «حرية الاعتقاد وممارسة الشعائر وإقامة دور العبادة للأديان السماوية»، وهذا نص يرضى الكنيسة.
■ حزب النور هدد بقيادة حملة ضد الدستور بسبب إلغاء المادة 219 وتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية فما ردك؟
- «حزب النور يعمل اللى يعمله» فلن يؤثر ذلك، فالناس حين يقرأون مسودة الدستور سيكون لهم قرار آخر، والمادة 219 ليست مطروحة أساساً للمناقشة داخل لجنة الخمسين، فهى ليست ضمن المشروع الذى قدمته لجنة العشرة وتم إلغاؤها من أصل المشروع، أما ما يخص تفسير مبادئ الشريعة الإسلامية فالمحكمة الدستورية وضعت لها تفسيراً وهو المرجع لذلك.
■ بعض التيارات اعترضت على صياغة باب الحريات وشدد البعض على أنها كانت أفضل فى دستور 2012 فما تعليقك على ذلك؟
- هذا كلام غير صحيح بالمرة، فباب الحريات فى الدستور الجديد وضع وتمت صياغته بمستوى أوروبى وبه مادة ضد التمييز بسبب العرق أو اللون أو الديانة، وأصبح التمييز فى الدستور جريمة يعاقب عليها بخلاف حرية ممارسة السياسة والتعبير عن الرأى وغيرها من المواد التى تكفل حرية المواطن.
■ ما أهم مميزات الدستور الجديد بعد التعديلات الأخيرة من وجهة نظرك؟
- أهم مميزاته باب الحريات وكذلك باب الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فالتأمينات الاجتماعية مثلاً أصبحت مستقلة، وأصبحت أموال التأمينات وعوائدها للمودعين فقط وتديرها هيئة مستقلة، «بحيث لا تذهب للمالية لتأخذ منها مليم ولا الحكومة تستلف منها ولا حاجة خالص».
كما تم تخصيص نسب من الناتج القومى للصحة والتعليم الأساسى والتعليم الجامعى والبحث العلمى وهذا غير مسبوق وملزم، وهذه نقاط تمس عامة الناس بحيث تمت مضاعفة موازنة الصحة من 30 ملياراً إلى 60 ملياراً والتعليم الإلزامى الأساسى أصبح 12 سنة وليس الإعدادية وخصص له 80 ملياراً، والتعليم الجامعى ارتفعت ميزانيته من 15 ملياراً إلى 40 ملياراً، والبحث العلمى أصبح 20 ملياراً بدل 1 أو 2 مليار، وكل هذه أشياء جديدة، وأهم شىء أن المشرع يترجم الأموال والمواد إلى قوانين كى يكون الاستخدام بشكل ممتاز.
يضاف إلى ذلك مواد تنظيم موارد الدولة حيث تم وضع الموارد الطبيعية كمورد أساسى ولكن وضعنا جملة ممتازة لحمايتها وهى «عدم استنفاد المواد الخام فى التصدير قبل تصنيعها د». والنص على « وضع حد أدنى وأعلى موحد فى جميع الهيئات الحكومية وقطاع الأعمال والقطاع العام» وتركنا للمشرع تحديد المبالغ.
■ ردد البعض أن هناك خلافاً داخل اللجنة حول وضع ونص الضرائب فما ردك؟
- صحيح هناك خلاف حالى على المورد الثانى وهو الضرائب، وتقدمت بمقترح «أن تكون الضرائب تصاعدية على الأفراد وفق دخولهم وبنسب متباينة على الأنشطة وفق دورها فى التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، كما تفرض ضرائب على الأرباح الناجمة عن عمليات الاستحواذ فى البورصة أو سوق المال، وأن توضع حصيلة الضرائب وكافة الرسوم فى خزانة الدولة على أن تقوم بتوزيعها بمعرفتها ووفق أولوياتها وخطتها» وأصر على كافة الرسوم هذه حتى يتم إلغاء الصناديق الخاصة.
■ ما شكل نظام الحكم والانتخابات البرلمانية فى الدستور؟
- شكل نظام الحكم بسيط جداً ويعتمد على النموذج الفرنسى وهو النظام المختلط، فرئيس الجمهورية له سلطات فى الدفاع والخارجية والأمن القومى، ورئيس الوزراء يختص بالبقية، ويتم اختيار رئيس الوزراء من صاحب حزب الأغلبية البرلمانية. أما شكل الانتخابات البرلمانية فقد تم تركه للمشرع القانونى، فالدستور يقول «يجوز إجراء الانتخابات بأى صورة» والمشرع يضع قانون ممارسة الحياة السياسية حسبما يتراءى له وللقوى السياسية.
■ طرح البعض إجراء مصالحة مع جماعة الإخوان قبل الانتخابات فما رأيك؟
- حاليا المصالحة صعبة جداً لأنه طالما هناك عنف وقتل فلا مجال للكلام عن مصالحات، وجماعة الإخوان تتحمل أعمال العنف الدائرة فى البلاد، وهذه الأعمال تؤجل وتعقّد أى مبادرات للمصالحة فإذا كانت جماعة الإخوان تسعى للمصالحة فعليها أن توقف العنف أولاً حتى يتقبل الناس فكرة المصالحة.