x

خبير طاقة: دعم البترول «مجحف» وبه سوء استخدام ساعدت فيه الأنظمة السابقة (حوار)

الثلاثاء 23-04-2013 22:05 | كتب: ميلاد حنا زكي |
تصوير : محمد معروف

قال الدكتور جمال القليوبى، أستاذ الطاقة والبترول بالجامعة الأمريكية، إن أزمة البترول في مصر موجودة منذ 15 سنة حيث كانت الدولة وقتها تنتج مليوناً ونصف المليون برميل زيت خام سنة 1998، وأصبحت هذه النسبة الآن نصف مليون برميل فقط.

وأكد «القليوبي» أن منظومة الدعم شيء مجحف في مصر، وأن الدعم يشوبه سوء استخدام ساعدت فيه الأنظمة السابقة في فترة التعتيم التي غطت قطاع البترول.. وإلى نص الحوار:

■ لماذا تفاقمت أزمة البترول بعد الثورة؟

- لأن المواطن البسيط أصبح الآن يشعر بها في المواصلات بسبب السولار، والمعيشة المتمثلة في أنبوبة البوتاجاز، والفلاح في الآلات الخاصة بالحرث، والسائق في عمله، وبين يوم وآخر سوف تتوقف كل هذه المواصلات.

وأزمة البترول ليست حديثة، ولكنها كانت في ظروف غير الظروف التي نعيشها الآن، فالظروف قبل الثورة كان بها نوع من الهدوء الاقتصادي، ونوع من العلاقات الخارجية، ونوع من تواجد الاحتياطي النقدي في البنك المركزي، وكانت هناك قيادة عندها نوع من الاتصالات لقيادة الأزمات، والشعب لم يعرف أن هذه المشكلة موجودة منذ 15 سنة، فالعجز في نقص الإنتاج اليومي من الزيت الخام لم يبدأ بين ليلة وضحاها، وكانت الدولة وقتها تنتج مليوناً ونصف المليون برميل زيت خام سنة 1998، وأصبحت هذه النسبة تقل سنة بعد سنة إلى أن وصل إنتاج الدولة للزيت الخام من البترول الآن إلى نصف مليون برميل.

■ هل الدعم على المنتجات البترولية شارك في زيادة الأزمة؟

- منظومة الدعم هى شيء مجحف في هذا البلد، فهى منظومة مفتوحة ليس لها حد وليس لها كيف وليس لها هدف، وهذه المنظومة بها سوء استخدام ساعدت فيه الأنظمة السابقة في فترة التعتيم التى غطت قطاع البترول ومشاكله وكل إمكانياته، هذه الجزئية الكبيرة هي التي جعلت من مشكلة الدعم الآن مشكلة خطيرة، وعندما تستطيع أن ترفع الدعم يجب أن تعلم أنه لابد من تطبيق الحد الأدنى للأجور، وأن يكون هناك دعم على بعض السلع وبعضها لا، وأن تكون هناك عدالة اجتماعية، ومناطق تستطيع أن تشترى المواد البترولية بأي نوع من الأسعار، وهناك مناطق تحت خط الفقر لا تستطيع حتى أن تشترى رغيف خبز.

■ ما حقيقة أزمة البترول في مصر حالياً؟

- معروف أن الطاقة ومنتجاتها غير متجددة، وهذه المنظومة تختلف عن حسابات البشر، وتحسب حسب باطن الأرض، ومنها نوع الخزان الذي نتعامل معه، وإمكانية الأخذ منه بكيفية محددة للوصول لأعلى مستوى داخل باطن هذا الخزان، وبالتالي تختلف إمكانياته من خزان لآخر وتختلف تعاملاته من عقل إلى آخر، والآن هناك مشكلة لأن معظم الخزانات الموجودة في الأراضي المصرية، وأخص بالذكر الموجودة في خليج السويس والبحر المتوسط والدلتا، هذه الخزانات يأخذ على جزء كبير منها أن معاملات الإنتاج فيها تكون مختلطة بالمياه، وعندما تنتج أي نوع من المواد الهيدروكربونية وهو مختلط بالمياه فإن التكلفة الفعلية لعملية فصله عن المياه والمشتقات الأخرى تحتاج تكلفة عالية جداً.

■ لماذا لا ينصب اهتمام الدولة في البحث عن الزيت الخام طالما هو أساس كل المشتقات؟

- الزيت الخام مؤثر جداً في الحصول على جميع مشتقات البترول، والفجيعة التي أحدثها النظام السابق أن مصر لن تعتمد على هذه المشتقات اعتماداً داخلياً محلياً، كما رأى النظام السابق أن الحصول على هذه المنتجات من خارج دول مصر هو أرخص بكثير من تصنيعها داخل مصر، وهذا الموضوع يعتمد على العلاقات الخارجية وجزء من القروض وجزء من الاتصالات مع الدول العربية، والنظام السابق أحدث تعتيماً حتى على إيجاد العقول التي تجد حلولاً للخروج من هذه الأزمة، وبالتالي الأزمة بدأت تتفاقم.

■ ماذا عن دور وزارة البترول في ظل تفاقم هذه الأزمة؟

- ما فائدة وزارة البترول في ظل فشل حكومى، فمنذ سنة 1994 تم تحويل وزارة البترول إلى وزارة دعم من أصل كيانها وزارة استثمارية مفترض أن تبحث عن استثمارات خارجية، تنمي مركز معلومات وتبحث عن مستثمر خارجي وتحدد مناطق الامتياز، وتجد حلولاً للأزمات من خلال بحث علمي داخل قطاعاتها، كل هذا تحول إلى قطاع خدمي موجه لتحديد الدعم وهنا حدثت المشكلة، فعندما تجمد القطاع لخدمة منظومة الدعم، بدأت مشكلة تتفاقم وهىي أزمة العملة الصعبة التي يريدها النظام للمخزون الاستراتيجي حتى يكفي الدولة من السولار والبنزين والبوتاجاز ما بين 3 و8 أيام مستقبلياً، والشريك الأجنبي كان يثق قبل 1997 بأنه يحصل على جميع مستحقاته.

وبعد ظهور سامح فهمي، الوزير الأسبق، بدأت الحصة للشريك الأجنبي للزيت الخام تشتريها الحكومة المصرية، مقابل أنها تدفع «كاش»، واستمرت مصر حتى 2003 تدفع بانتظام مقابل الزيت الخام للشريك الأجنبى، وبعد ذلك حصل تباطؤ في الدفع وأصبح قطاع البترول مديوناً للشريك الأجنبي حتى أصبح الدين من 3.5 إلى 4 مليارات دولار، ثم لجأ قطاع البترول مرة ثانية بعد أن أخذ حصة الشريك الأجنبى إلى أخذ قروض من البنوك المحلية ووصلت هذه القروض التي يحصلها حتى ينمى ويحافظ على استمرارية منظومة الدعم على البترول إلى ما يقرب من 140 مليار جنيه مصري قروضاً من البنوك المصرية حتى الآن.

■ لماذا تطل علينا أزمة أنبوبة البوتاجاز بين حين وآخر؟

- إنتاج الدولة من البوتاجاز لا يتعدى من 25 إلى 30% من الاستهلاك المحلي والباقي استهلاك خارجي في حين أن نستطيع أن نكتفي ذاتياً من خام البوتاجاز في مصر، وهذا ما كان يحدث من إنتاج مجمع الغازات في الصحراء الغربية الذي ينتج حوالى 280 ألف طن، ومجمع بورسعيد الذي ينتج حوالى 330 ألف طن للبوتاجاز، وفي يناير 2013 بدأت الحكومة تصدر قراراً برفع سعر أنبوبة البوتاجاز وتكلفتها من المصدر حتى تصل للناس 83 جنيهاً، والدولة وضعت دعماً كاملاً وصل في البداية حتى وصلت قيمة الأنبوبة إلى 4 جنيهات ثم 5 جنيهات ثم مؤخراً 15 جنيهاً، وبلغت قيمة الدعم للبوتاجاز قبل 2010 إلى 12 مليار جنيه مصري وبعد الثورة وصل الدعم إلى 20 مليار جنيه مصري.

■ هل حاول طرح حلول علمية على المسؤولين؟

- ذهبت وطرقت الأبواب في «الميديا» من خلال برامج تليفزيونية وحزب الحرية والعدالة مع قياديين وعرضت عليهم المشروع والخطة التي من الممكن خلال 4 سنوات تحل هذه الأزمة بل ونصدر، ولكن لم أجد أذناً تسمع وتنفذ، وطلبت لقاء مستشار الرئيس للطاقة ولكن لم أجد من يساعدني للوصول له، ولاحظت أن الكثير ممن طرقت أبوابه يتكلم ولا يفعل، ونحن الآن لسنا في زمن الأقوال، والمنظور إذا وضعت له خطة زمنية مع خبرات المصريين الذين يعملون بالخارج سوف يجدون حلولاً على الأرض.

■ ماذا تقول للرئيس مرسي؟

- أوجه نداء لرئيس الدولة بعمل فريق طوارئ تكون له عين صائبة يقدر البلاء قبل وقوعه ويعمل على حله، ويعمل على تنفيذ خطط سريعة لإنقاذ البلد قبل الوصول للنقطة صفر في إنتاج البترول، ونحن في حاجة لفريق يعمل من خلال الرئاسة مع إعادة هيكلة الوزارة المكبلة الآن بالدعم.

■ لماذا ونحن دولة تحتاج إلى البترول نصدر إلى إسرائيل أو الأردن؟

- هناك اتفاقيات مبرمة وهناك تعتيم إعلامي، فلا أحد يعلم شيئاً عن هذا الأمر، ونحن ملتزمون باتفاقيات دولية، وعندما تفسخ هذه العقود لابد أن نكون جاهزين للمحاكمات الدولية، ونحن لسنا قادرين على هذا، ولابد أن نجد بدائل لسد العجز الداخلي الآن، ثم البحث عن مخرج من شروط عنق الزجاجة لهذه الاتفاقيات.

■ هل توجد بدائل لحل مشكلة الكهرباء بدلاً من الاعتماد على البترول بشكل أساسي؟

- الحلول كانت قد بدأت في 2008 مع بناء محطة نووية في الضبعة، وكان مفترض أنها محطة استراتيجية عسكرية وليست مدنية، ومفترض أنه كانت توجد عليها حراسة شديدة مثل أى منشأة عسكرية، ولا أعلم لماذا تركت وقت الثورة تنهب وتدمر بأصابع خارجية، وهذه المحطة كانت تستطيع أن تكفي عجز 7 آلاف ميجاوات وهذا يغطى حجم استخدام الصيف القادم، والحلول الجذرية هي الذهاب سريعاً لإنشاء محطات نووية مرة أخرى، لإنقاذ البلد من الكوارث المقبلة لتعمل التوازى مع المنتجات البترولية واستخدامها في المحطات الكهربائية، وبعد فترة سوف تعتمد البلد في الكهرباء على المحطات النووية وسوف يفيض إنتاج البترول ونصدر منه، وعلى الأقل نحن نحتاج إلى 4 محطات نووية حتى تسد العجز حتى سنة 2018 ليكون هناك اكتفاء واعتماد كامل على هذه المحطات للحفاظ على الخزانات الحالية للبترول، والحصول على مصادر استثمارية جديدة.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية