قال «أكمل الدين إحسان أوغلو»، أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، إن الهدف الذي يجب أن تعمل من أجله الشعوب الثائرة في الشرق الأوسط هو بناء نظم ديمقراطية دستورية تحقق سيادة القانون وحرية الإنسان في تلك الدول، وأضاف أن حظر العمل السياسي من قبل الأنظمة البائدة وانتشار الجماعات الدينية في المجتمعات العربية كانا سببين رئيسيين في وصول التيارات الإسلامية للحكم، فيما أكد أن الوصول لتلك الأنظمة لن يكون أمرًا سهلاً، وقد يحتاج لقرون تطيح الثورات خلالها بعروش وأنظمة مثلما حدث في روسيا وفرنسا والصين وأمريكا.
وحول الملف السوري قال إن الوضع غير مطمئن في ظل توافق المجتمع الدولي على عدم الحل، وأضاف أن الحل السلمي هو الأفضل فيما يتعلق بالقضية السورية، حيث حذر من العواقب الوخيمة التي ستنتج عن التدخل العسكري في سوريا.
وعن الصراع السني الشيعي في العراق والتخوفات من المد الشيعي في المنطقة قال «أوغلو» إن العراق يشهد صراعاً سياسياً وليس طائفياً، كما يعتقد البعض، وأضاف أن قمة الدول الإسلامية في مكة 2005 قررت المساواة بين 4 مذاهب سنية و4 مذاهب شيعية.
وإلى نص الحوار:
■ هل أنت راضٍ عن دورك في منظمة التعاون الإسلامي على مدار دورتين؟
-عملت لمدة 25 عامًا كمدير عام لأحد مراكز المنظمة، وجئت بعدة أفكار وبرامج للإصلاح الداخلي والهيكلي، وفقاً لمفاهيم المنظمة، وقدمت هذه المفاهيم والمصطلحات إلى القمة الإسلامية الأولى التي انعقدت وتمت الموافقة عليها، كما قدمت خطة عشرية وغيرت ميثاق واسم وشعار المنظمة، والتي كانت مؤتمرًا، بمعنى أنها تقوم بعمل سكرتارية لعقد مؤتمرات سنوية للوزراء ومؤتمرات للقمة كل 3 سنوات، والآن تحولت إلى منظمة تعاون في السياسة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا، والتجارة وتحقيق التكافل الاجتماعي والعمل الإغاثي، وقد حققنا إنجازات عديدة وأنشأنا هيئات ومراكز، منها في العلوم والتكنولوجيا والابتكار في إسلام أباد بدولة باكستان، وأنشأنا منظمة للمرأة مقرها القاهرة، ومكاتب إقليمية سنبدأ إنشاءها بمكتب في القاهرة، وبالتالي أصبحت المنظمة فاعلة.
■ ماذا عن أداء المنظمة على المستوى الدولي؟
- أصبح للمنظمة دور فاعل ومكانة ومحل من الإعراب في المنظومة العالمية، وأصبحت باعتراف الجميع المنظمة الثانية بعد الأمم المتحدة، والأمم تعترف بها كشريك استراتيجي للأمم المتحدة.
■ تحدثنا عن الربيع العربي ولكم مصطلح مختلف وهو خريف الغضب فلماذا هذا المصطلح؟
- كلمة الربيع تجعل الإنسان يفكر بطريقة خاطئة، فالربيع هو بداية الجو المعتدل والأخضر يعم والزهور تتفتح، وهو جو دافئ والناس تشعر بالسعادة وتسيطر فيه النشوى، ثم يأتى بعده صيف يسترخى فيه الناس، ثم تثمر الأزهار وتأتي قطوفها، لكن ما حدث هو ثورات وانتفاضات وفورات وكانت عبارة عن غضب بركاني ضد الأنظمة، فأسقطت هذه الأنظمة وبالتالي هو خريف الطغاة، وهذه الأوراق سقطت وأسقطت الرؤساء واحداً تلو الآخر، والهدف الذي يجب أن تعمل الشعوب على تحقيقه هو بناء نظام ديمقراطي دستوري يحقق سيادة القانون وحرية الإنسان.
■ هل يمر الخريف دون نتائج؟
-لا، سنمر بمشاكل كبيرة عقب هذه الثورات في السياسة والاقتصاد، ولكن يجب أن نتعامل معها ونعرف كيفية التعامل معها حتى نصل إلى الربيع المنشود.
■ ما تقييمكم لظهور التيارات الإسلامية على الساحة السياسية في دول خريف الغضب ومنها مصر وتونس؟
- في رأيى هناك أكثر من عامل، فالشعوب متدينة بطبيعتها وهي تحبذ الوقوف بجانب الشخصيات المتدينة، وهذا تقليد قديم ووضع اجتماعي مستقر، وهناك ميل طبيعى للجماهير نحو الزعامات الدينية، باعتبار أن الإمام هو المسؤول عن المسجد ويؤم الناس في الصلاة، كما أن هناك ميولا لأن يكون المتدين شخصية رائدة وهذا متأصل منذ قرون، وكذلك كانت الجماعات الدينية منظمة في المجال الاجتماعي والديني والخدمات الاجتماعية الصحية والتكافل الاجتماعي، وكان مسموحا لها بالحركة على مستوى كبير أيام الأنظمة السابقة، ولم تكن هناك أي حركات سياسية أخرى مصرح بها، وحينما رفع الغطاء وانتهى الحظر السياسى وبدأت الحرية السياسية تأخذ مداها، تحولت هذه الجماعات الدينية إلى أحزاب سياسية، ولأنها منظمة وكانت منتشرة على السطح فازت بهذا الكم من المقاعد.
■ هل تجد تشابها بين الدول التى قامت بها الثورات، من حيث مشكلة عدم امتلاك التيار الإسلامى خبرة الحكم، وضعف تنظيمات التيارات السياسية الأخرى؟
- نعم فالسياسة كانت ممنوعة في كل هذه الدول والتشخيص الذى قلته صحيح مائة بالمائة، ولكن دعنا ننظر في تاريخ الأمم الأخرى التى تحققت فيها الديمقراطية عبر أجيال وعبر قرون، فهل وصلت إلى هذا المستوى في يوم واحد؟، لا بل أطاحت بعروش وتيجان وحدثت ثورات دموية، ونذكر الثورة الروسية والفرنسية وفي أمريكا والصين وما إلى ذلك من الدول الديمقراطية.
■ هل لمستم مخاوف من دول إسلامية داخل المنظمة من أن يطالها خريف الغضب؟
- لو سمحت لى.. أنا أرفض التعليق، وأنا أرفض أن أتكلم في السياسات الداخلية.
■ إذن وماذا عن الملف الاقتصادي بين الدول الإسلامية؟ ولماذا لا توجد عملة موحدة للدول الإسلامية؟
- التعاون الاقتصادي يتم على أسس التضامن والتكامل ونحن في الفترة الأخيرة حققنا مسائل كثيرة ولدينا نظام الأفضلية في الاتفاقيات التجارية، خاصة التجارة البينية، ونحن نحتاج إلى تحقيق مكاسب للجميع وللدولة التى تدخل هذه الاتفاقيات، وأريد أن أوضح أنه في عام 2004 وقبل أن نبدأ نظام تشجيع التجارة، كان مستوى التبادل التجارى بين 57 دولة إسلامية أعضاء المنظمة يقدر بحوالى 205 مليارات دولار، ولكن في عام 2011 وصل حجم التجارة البينية إلى 685 مليار دولار، أى ما يزيد على 3 أضعاف، وفي هذه الفترة لم تكن اتفاقية نظام الأفضلية قد دخلت حيز التنفيذ، والآن بدأ تنفيذها ونصل من خلالها إلى هدف هو الوصول بحجم التجارة البينية إلى 20%، ثم نستهدف الوصول إلى 30% .
■ نرغب في الاطمئنان على الملف السورى؟
-الملف السوري لا يطمأن أحدًا، ويجب ألا نخدع أنفسنا فهذا الملف صعب على الجميع، والمؤسف أن الدماء تسيل والأرواح تزهق والبلاد تتحطم، والمجتمع الدولي يوافق على عدم الحل وهناك توافق على ما يجب عمله ولا يوجد توافق على ما لا يجب صنعه، وهذا ملخص حال المجتمع الدولي حالياً فيما يتعلق بهذا الملف، وهذا شيء محزن.
■ هل ترون أن الحل الأمثل هو التدخل العسكري أم السلمي؟
- يجب علينا أن نؤكد أن الحل السلمي هو المخرج الآمن لهذه الأزمة، لأن الحل العسكري طال ولن يؤدي إلى نتيجة والاستمرار في الحل العسكري هو استمرار في الدمار والقتل وإزهاق الأرواح والاستمرار فيه يجر سوريا والمنطقة إلى ويلات أكبر.
■ هل هناك حلول طرحها اجتماع الرئيس محمد مرسي معكم خلال اليوم الأخير لزيارتك القاهرة؟
- نعم.. فالرئيس مرسي له مقترح مهم، وهو أعلنه في قمة مكة الإسلامية في أغسطس الماضى، وأيضا في قمة فبراير الماضي بالقاهرة، وهو اقتراح مهم تضمن تشكيل لجنة رباعية تضم مصر والسعودية وإيران وتركيا للبحث في حل سياسى للأزمة، وعقدت هذه اللجنة اجتماعاً على مستوى مساعدي الوزراء بالقاهرة تبعته بآخر على مستوى الوزراء، وندرس جميع الإمكانات لنجاح هذا الاقتراح.
■ هل لديكم اتصالات مباشرة مع مسؤولين سوريين أو مبعوثين دوليين لسوريا؟
- نعم لدينا اتصالات مع الأخضر الإبراهيمى في سوريا، وكان معنا لقاء في القاهرة خلال مقابلة الرئيس مرسى يوم الخميس الماضى.
■ ما أهم محاور لقائكم مع الإبراهيمى في القاهرة؟
- تحدثنا بشكل أوسع عن سوريا وتحدثنا عن دعم من دول إسلامية ونحن ندعم الإبراهيمى كمبعوث دولى للأمم المتحدة في سوريا، وهناك مراقبة دولية لجميع الحلول المقترحة في هذا الملف.
■ ما تحليلكم لمشاهد الصراع السنى الشيعى في العراق؟
- ما يحدث الآن هو صراع سياسى وليس طائفيا والدليل أننا نجد أن هناك سنة وشيعة في طرف واحد مقابل سنة وشيعة في طرف آخر، لأن السياسة هى المشكلة الرئيسية بينهما وليس اختلاف المذاهب.
■ هناك مخاوف من المد الشيعي في دول السنة، فهل لكم دور في تقريب وجهات النظر؟
- كما قلت من الناحية العملية قمنا بدور عام 2006، ومن ناحية أخرى أكبر وأهم نحن في 2005 في قمة مكة أصدرنا قرارًا في القمة بالمساواة بين ثمانية مذاهب أربعة في السنة وهى المالكية والحنبلية والحنفية والشافعية، مع مذاهب أربعة أخرى شيعية وهى الزيدى والإباضي والظاهري والجعفري واعتبرنا هذه المذاهب الأربعة الأخيرة وأصحابها على صواب ومتساوية ولا مجال للمفاضلة بينها.
■ ما آخر مستجدات ملف مسلمي ميانمار؟
- للأسف الشديد الوضع في ميانمار يتمثل في قيام الحكومة هناك بتغميض عينيها عن العنف الذى يقوم به رهاب بوذيون، ونحن قمنا بحملة دبلوماسية واسعة في الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان .