نشرت صحيفة «جارديان» البريطانية مقتطفات من تقرير لجنة تقصي الحقائق في الجرائم المرتكبة خلال ثورة يناير، وقالت إن «الوثائق المسربة» من اللجنة، التي شكلها الرئيس محمد مرسي في يوليو الماضي، كشفت عن جرائم تعذيب وقتل ارتكبتها القوات المسلحة، لافتة إلى أن قائمة الجرائم تضمنت الاختفاء القسري والحبس والتعذيب في جميع أنحاء مصر وفي المتحف المصري بالقرب من ميدان التحرير خلال الثورة، حتى عندما كان قادة الجيش يعلنون حيادهم.
وأوضحت الصحيفة، حسبما نشرت في موقعها الإلكتروني، الأربعاء، أن هذه التقارير قدمت للرئيس محمد مرسي، لكن لم يتم الإعلان عنها على الملأ حتى الآن، إلا أن «جارديان» حصلت على فصل من التقرير يؤكد، على حد وصف الصحيفة، أن «الجيش تورط في جرائم ضد المدنيين»، منذ نزوله إلى الشارع.
وأضافت الصحيفة البريطانية أن الفصل أوصي بأن تحقق الحكومة مع القيادات العليا للقوات المسلحة للتوصل إلى المسؤولين عن تلك الجرائم. وقالت إن أكثر من ألف شخص، منهم كثير من المساجين، اختفوا خلال الثمانية عشر يومًا للثورة، وتم اكتشاف العشرات منهم وقد أطلق عليهم الرصاص أو ظهرت على أجسادهم علامات تعذيب، بينما اختفى آخرون تاركين وراءهم عائلات مازالت على أمل أن يكون ذووهم في السجون يقضون عقوبات لا تعلم الحكومة عنها شيئا.
ورأت «جارديان» أن اكتشافات التحقيق رفيع المستوى توضح قوة الجيش والمخابرات العسكرية، وستضغط على مرسي الذي تولى السلطة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة بعد انتخابات رئاسية في يونيو الماضي، ورفض محاكمة أي ضابط بالرغم من مزاعم مشاركتهم في انتهاكات، كما أنها تلقي بعض الضوء على محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي في قضية قتل المتظاهرين.
وتابعت الصحيفة البريطانية أن فصل نتائج اللجنة يكشف أيضا عما توصل إليه المحققون من أن «أفرادا من القوات المسلحة احتجزوا عددا غير معروف، لكنه كبير، من المدنيين في نقطة تفتيش على الطريق السريع جنوب القاهرة، وأن هؤلاء المعتقلين لم تتم رؤيتهم بعدها إطلاقًا، كما أن أفراد القوات المسلحة اعتقلوا وعذبوا محتجين في المتحف المصري قبل نقلهم إلى سجون عسكرية، وقتلوا شخصًا على الأقل، وسلموا 11 جثة مجهولة الهوية إلى الهيئات المختصة، يعتقد أنها جثث لمساجين دفنوا في مقابر الصدقة بعدها بأربعة أشهر».
ونقلت «جارديان» عن التقرير «وجدت اللجنة أن عددا من المدنيين ماتوا خلال اعتقالهم على يد القوات المسلحة ودفنوا في مقابر الصدقة باعتبارهم مجهولين»، وأضاف التقرير «لم تحقق السلطات فيما حدث رغم وجود أدلة على إصابات وتعذيب شديد على تلك الجثث».
ونشرت «جارديان» شهادات من عائلات لمدنيين اختفوا أثناء الثورة بعد احتجازهم على يد الجيش، أو تم احتجازهم وعرف ذووهم ذلك وعند محاولة زيارتهم اكتشفوا اختفاءهم، ورغم تقديم شكاوى لوزير الدفاع ووزير الداخلية والمدعي العسكري والمدني، إلا أن مصيرهم لا يزال مجهولا.
وقالت الصحيفة إن الجيش رفض التعليق على التقرير، وقال إن الأمر يأخذ حوالي ثلاثة أسابيع قبل الرد، ونقلت عن مصدر في مكتب الرئيس قوله إن «مرسي لم ير هذه النتائج»، التي كان النائب العام يحقق فيها، وفي المقابل أشارت الصحيفة إلى أن الجيش لم يحقق سوى مع أربعة من أفراده، منهم ثلاثة جنود برتبة صغيرة، لكن لم يتم توجيه اتهامات بالقتل أو التعذيب لأي فرد من أفراد القوات المسلحة.
ولفتت إلى أن مصر لم تنشئ قاعدة بيانات قومية لتتبع هؤلاء الذين اختفوا، ولم تنشئ جهازًا لمساعدة عائلاتهم كما فعلت ليبيا مثلا بعد ثورتها، وبالرغم من وجود صندوق مساعدة شهداء الثورة وزعم القائمين عليه بأنهم دفعوا ملايين الجنيهات من التعويضات، إلا أن أحدًا لم يتتبع المفقودين أو يسعى لمعرفة أماكنهم.
وقالت «جارديان» إن «قوات الأمن ربما سمحت عمدًا لمساجين بالهرب من سجون معينة، بينما قامت في سجون أخرى بفتح النار وقتل العشرات من المساجين الذين قاموا بأعمال شغب عند معرفتهم بفتح السجون».