رحلة طويلة ولكنها سريعة تلك التى تقطعها بقايا الطعام منذ لحظة خروجها من الفنادق وحتى وصولها إلى أقرب محتاج أو فقير، تبدأ من الفندق الذى يفرز الطعام ويضع كل صنف بمعزل عن الآخر ويسلمه إلى عامل بنك الطعام الذى يتوجه به إلى المصنع فى شبرا عبر عربات مجهزة.
وفى المصنع، يتواجد الشيف الذى تتلخص مهمته فى تذوق الطعام، قبل دخوله الثلاجة وبعد خروجه منها ثم بعد تسخينه للتأكد من سلامته مستخدما حاستى الشم والتذوق أو إضافة بعض المكونات ثم تنقل عربات بنك الطعام الوجبات إلى بعض الجمعيات المتخصصة فى رعاية الأيتام والمسنين أو الجمعيات الخيرية التى تتولى توزيعها على الأسر الفقيرة. قضت «المصرى اليوم» عدة ساعات داخل بنك الطعام وحاورت الدكتور رضا سكر، المدير التنفيذى للبنك.
■ كم عدد الوجبات الساخنة التى يقدمها بنك الطعام شهريا؟
- بدأنا هذا المشروع بنصف مليون وجبة شهريا، وارتفع عدد الوجبات إلى أكثر من 17 مليون وجبة شهريا على مستوى الجمهورية بعد أن وقعنا بروتوكول تعاون مع غرفة المنشآت الفندقية، كما نتعاون مع سلاسل الكافيهات التى لا تعرض المواد الغذائية أكثر من 6 ساعات، فتتوجه السيارة التابعة للبنك لجمع الطعام وتوزيعه فى أقرب دار أيتام أو مستشفى حكومى قريب خوفا على فساده.
■ كيف تتأكد أن الطعام الذى تحصل عليه من الفنادق والمطاعم هو فائض البوفيه المفتوح وليس بواقى الزبائن؟
- لدينا عقود مع أغلب الفنادق والمطاعم التى نتعامل معها تلزمها بمراعاة بعض الاشتراطات الصحية فى الطعام الذى نحصل عليه وأهمها أن نحصل على الطعام من منبعه وليس بواقى الزبائن، كما أن هناك بعض الأطعمة التى نرفض أخذها لأنها تفسد سريعا مثل السلطات والمايونيز والأطعمة التى تحتوى على صلصة، بينما نحصل على الأرز والمكرونة واللحوم.
■ ما حجم الفاقد فى وجبات المطاعم؟
- تؤكد الدراسات العالمية أن حجم الفاقد فى الطعام يتراوح بين 35% و50%، تلك النسبة التى تزيد بصورة أكبر فى مصر والدول العربية حيث الإسراف والتباهى بالبوفيه المفتوح والولائم، خاصة فى الأفراح. ويحاول بنك الطعام التقليل من حجم الفاقد بتوجيهه إلى الفقراء والمحتاجين بدلا من التخلص منها عبر جامعى القمامة الذين يستخدمون تلك المخلفات فى تغذية الخنازير. ولكننا لا نستطيع أن نقيس بدقة عدد الوجبات التى تصنعها الفنادق والمطاعم لتحديد النسبة الدقيقة لحجم الفاقد والمشكلة الأكبر أن الأزمة الاقتصادية وتدهور السياحة تؤثر على نسبة الفاقد التى قلت بصورة كبيرة بعد الثورة.
■ هل عملتم على زيادة المواد الغذائية التى توزعونها بعد الثورة؟
- كشفت الثورة عن حجم الفقر الموجود فى مصر والذى تفوق على تقديراتنا، حيث اكتشفنا أن أكثر من 50% من الشعب المصرى فقير وهو ما دفعنا إلى زيادة 50 ألف كرتونة بعد الثورة دون أن نتمكن من إضافة المزيد، لأن معدل التبرعات شبه ثابت.
■ هل قلت نسبة التبرعات التى تحصلون عليها بعد الثورة؟
- معدل التبرعات شبه ثابت ونعتمد على الاستثمار فى بعض الشركات لنحافظ على هذا الثبات حيث لا نستطيع الامتناع عن توزيع المواد الغذائية على الأسر التى اعتادت على الحصول عليها شهريا، وأى قصور فى التبرعات نحاول تغطيته إلا أن أكثر من 60% من التبرعات التى يعتمد عليها البنك من فئة الجنيه والعشرة جنيهات التى يقدمها البسطاء إلى البنك وباقى الـ40% من الشركات الكبيرة.
■ هناك بعض الأقوال التى تتردد بقوة حول انتماء أحد أعضاء مجلس الإدارة إلى جماعة الإخوان المسلمين؟
-لا ينتمى أى من أعضاء مجلس إدارة البنك إلى أى فصيل سياسى وهناك اتفاق غير مكتوب بيننا على ألا يترشح أى منا لأى منصب سياسى وألا نترشح فى أى انتخابات رغم جماهريتنا، كما عرض علينا أثناء تشكيل الوزارة تولى منصب وزير التموين ورفضنا لأننا قررنا ألا نلعب سياسة ونرفض تسييس البنك.
■ ارتبط توزيع المواد الغذائية عموما خلال الفترة الأخيرة بالدعاية السياسية والانتخابية لجماعة الإخوان وهو ما يدفع البعض إلى القول بأن بنك الطعام مشروع إخوانى.. ما تعليقك؟
- هذا كلام فارغ، لا ننتمى إلى الإخوان ولا يشرفنا ذلك وأكبر دليل على كذبه رفضنا حضور أحد المؤتمرات التى دعا لها رئيس الجمهورية، لو كنا إخوان كنا جرينا زى الخرفان معاهم.
هناك محاولات منذ النظام السابق لاستغلال البنك، حيث كانت السيدة سوزان مبارك ترغب أن ترأس مجلس إدارته ورفضنا وقتها بأدب حتى لا توقف نشاطنا كما واجهنا حملات وصفتنا بأننا أتباع الفريق أحمد شفيق ثم جرى اتهامنا بأننا إخوان «والله العظيم ما عندنا حد إخوان وحتى لو فيه ميقدرش يوجه مجلس الإدارة لخدمة مصالحهم لأننا نعمل لخدمة المصريين جميعا مسلمين ومسيحيين بل والكنائس أيضا، هل يمكن للإخوان أن يساعدوا الكنائس».
■ تلقى فكرة توزيع السلع الغذائية انتقادا واسعا باعتبار أنها ليست حلا لمشكلة الجوع إنما تزيد من اعتماد الناس عليها؟
- بعض الفئات مثل كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة والأيتام لا يستطيعون العمل ويحتاجون إلى سد جوعهم أما الفئات القادرة على العمل فإننا نوفر لهم فرص عمل فى الفنادق وورش النجارة والتدريب الحرفى والمشروعات الصغيرة. أصبحنا نؤمن بأن المجتمع المدنى لابد أن يعمل على محورى التنمية والعمل الخيرى سويا خاصة فى ظل عدم وجود أى تنسيق بين دور الدولة والمجتمع المدنى ووجود حالة من التخوين بين جميع الأطراف.