قالت محكمة القضاء الإداري في حيثيات حكمها الصادر بوقف إجراءات تسليم أحمد قذاف الدم، منسق العلاقات المصرية الليبية السابق، إلى السلطات الليبية لمحاكمته هناك: إن الدستور المصري كفّل الحرية الشخصية لكل إنسان داخل الأراضي المصرية بغض النظر عن جنسيته، وإن «قذاف الدم» دخل البلاد وأقام بها بصفة شرعية، وكان منسقًا للعلاقات بين البلدين قبل الثورة، واستمر مقيمًا في مصر بعد قيام الثورة الليبية.
وأضافت المحكمة في حيثيات الحكم الصادر برئاسة المستشار فريد نزيه تناغو، وعضوية المستشارين عبد المجيد المقنن وأحمد الإبياري، نائبي رئيس المجلس، وأمانة سر سامي عبد الله، والتي أودعتها، الخميس، أن «قذاف الدم» يتمتع بالحماية القانونية المقررة للمقيمين على الأراضي المصرية، والتي نصت عليها مواد الدستور المصري، والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر وصارت جزءًا من النظام القانوني المصري، وكانت بينها اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين الموقعة في «جنيف»، والتي حظرت طرد اللاجئ أو رده إلى الحدود أو الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددة فيها، بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه أو آرائه السياسية، والنظام القانوني المصري يعرف نوعين من اللجوء إلى مصر: الأول هو نظام اللجوء السياسي، والذي نصت عليه المادة (57) من الدستور، وهو مقصور على فئة السياسيين.
وتابعت: أما النوع الثاني من اللجوء فهو اللجوء الإقليمي الذي نظمته اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بوضع اللاجئين، وهذا النظام يتسع ويشمل كل أجنبي دخل مصر، وأقام فيها بشكل شرعي أو غير شرعي لأسباب تتعلق بالأوضاع السياسية في بلده، أو لأسباب تهدد حياته وحريته للخطر، بسبب العرق أو الدين أو الانتماء السياسي.
وقالت المحكمة: إن هذه الاتفاقيات كفّلت للمقيم على الأراضي المصرية حق الإقامة بمأمن من الملاحقة، وحظرت ترحيله أو تسليمه إلى أي دولة على غير رغبته أو إرادته.
ورأت المحكمة أن تسليم «قذاف الدم» إلى السلطات الليبية يعرض حياته للخطر وينتقص من حقوقه وحرياته، واستندت إلى أحكام الشريعة الإسلامية التي أمرت المسلم إذا استجار به أحد المشركين أن يجره، فقد أوجب المولى عز وجل على المسلم أن يجير غير المسلم حتى يبلغ مأمنه، وبالتالي فإن الأمر أولى مع المسلم.
وأكدت المحكمة أن المصريين دولة وشعبًا ضرب بجذور حضارته في أعماق التاريخ على مر العصور خير الأمثلة في إجارته للمظلوم وإغاثته للملهوف متى لجأ إلى مصر طالبًا الأمان، وذلك أيًّا كانت جنسيته أو ديانته أو ثقافته أو عرقه أو لغته أو انتماؤه السياسي.
يذكر أن المحكمة عقدت جلسة خاصة، الأربعاء، لنظر دعوى «قذاف الدم» التي اختصم فيها كلًّا من رئيس الجمهورية، الدكتور محمد مرسي، ورئيس مجلس الوزراء، الدكتور هشام قنديل، والنائب العام المستشار طلعت عبد الله، ووزيري الداخلية والخارجية، ورئيس مصلحة الهجرة والجنسية، وطلب فيها وقف إجراءات تسليمه إلى ليبيا لمحاكمته فيها باعتباره مصري الجنسية، ويتمتع بحقوق اللاجئ السياسي لديها.