تأسيس مركز كامل كيلانى لكتب الأطفال بتل أبيب، وكتاب الظل فى الأدب المصرى، والإهمال الطبى للناقد الأديب فاروق عبدالقادر، هى أبرز القضايا التى كشف النقاب عنها الكاتب الصحفى بلال فضل فى حلقته الماضية من برنامجه عصير الكتب الذى يذاع على قناة دريم 2.
يبدأ بلال البرنامج قائلا: «تخيل لو جيت من الباب للطاق وقلتلك إن إحسان عبدالقدوس ويوسف السباعى وأنيس منصور، ساهموا فى كتابة رواية لكاتبة أخرى، وساهموا فى خداع القراء، بعد أن ألفوها، وجلسوا لمشاهدة النقاد، وهم ينهالون بالشكر والتقدير على هذه الرواية، وتركوا الكاتبة وهى تتحدث عن معاناتها وجهودها أثناء كتابتها للرواية»، ولفت إلى أن هذا الاتهام الموجه إلى ثلاثة من كبار كتابنا كتبه أنيس منصور بنفسه فى مقال نشر له مؤخرا فى جريدة «الشرق الأوسط» حيث قال: «حدث وما كان يجب أن يحدث، حيث اتفقنا يوسف السباعى وإحسان عبدالقدوس وأنا على أن نساعد كاتبة فى عمل رواية لها».
ويشير فضل إلى أن ما طرحه الكاتب أنيس منصور يعبر عن قضية مهمة، وهى قضية كاتب الظل أو الكاتب الشبح التى تنتشر فى كل دول العالم، لكنه هاجم الكاتب أنيس منصور قائلا: (لماذا يتعمد الكاتب أنيس منصور تسجيل شهادات خطيرة عن كبار معاصريه من الكتاب الراحلين فى عموده بـ«الشرق الأوسط» السعودية، وليس عموده الثابت بـ«الأهرام» كما حدث من قبل مع أديبنا توفيق الحكيم عندما قال إنه كتب مسرحية إلحادية لم يجرؤ على نشرها).
أما الفقرة الثانية التى دارت حول الأديب كاملاً كيلانى، رائد أدب الأطفال، فتضمنت تقرير استضاف ابنه أمين كيلانى، الذى فجر قنبلة من العيار الثقيل حين أعلن عن احتضان إسرائيل أعمال الكاتب الكبير فى الوقت الذى رفعت فيه الحكومة المصرية كتبه من مناهجها - كما يشير بلال، يقول فضل: «قديما تعجب الشاعر قائلا: (كيف يشكو من الظمأ من له هذه العيون)، وأنا الآن أقول: (كيف نشكو من الجهل وانخفاض نسب القراءة والأمية الثقافية فى شعب أنجب كامل كيلانى)، وأتعجب ممن يسألنى ببراءة نية (كيف أجعل أبنائى يحبون القراءة والكتابة) ولا يعرف شيئا عن كامل كيلانى وكتبه، لكننا فى الوقت نفسه لا نستطيع أن نلوم الناس على جهلهم بهذا الكاتب العظيم، رائد كتب الأطفال فى عشرينيات القرن العشرين، حيث كتب لهم 1000 قصة، نشر منها 300 قصة، ترجمت إلى 14 لغة، لكنه الآن يتعرض إلى خطر شديد أكثر مما كنا نتصور، خطر يهدد باختطافه من مصر والعرب، فقديما ترجمت أعماله إلى اليهودية، وسمعنا مؤخرا عن تأسيس مركز كامل كيلانى لتعليم الأطفال بتل أبيب، يضم كل أعماله الأدبية، بعد أن ترجمت إلى اللغة العبرية، ونخشى أن نفاجأ قريبا بشائعات حول أنه من أصل يهودى، بحجة أنه كان يعيش فى حى عابدين الذى كان يضم عدداً كبيراً من اليهود فى أربعينيات القرن الماضى».
ويضيف «من حسن حظى أننى نشأت فى بيت تملأه كتب كامل كيلانى، وبفضله أحببت القراءة والكتابة، ولا أتخيل أن أحدا قرأ كتابات كامل كيلانى، ولم تؤثر على حياته، ولو ظهر كامل كيلانى فى أى مكان يحترم الكتابة، لتمت معاملته ككتاب الأطفال الكبار من أمثال هانز كريستان، والأخوين جرين، وغيرهم، فقد عانى من الإهمال كما جاء فى كتاب «كامل كيلانى فى مرآة التاريخ»، وقد ذهلت من حجم الحزن والمرارة التى كان يشعر بها كيلانى، والتى بدد بعضها أن ثورة يوليو فى آخر أيامه قررت بعض كتبه على بعض المدارس، لكنها بعد فترة بددت كما حدث مع القطاع العام، فلا يوجد مكان يحمل اسمه سوى مكتبته التى يتولى إدارتها أولاده».
ويقول أمين كيلانى: «هناك جوانب لا يعرفها الكثير من الناس منها أن كامل كيلانى لم يكن كما هو معروف عنه أنه رائد لأدب الأطفال فقط، فهو من الباحثين فى التراث، فقد حقق كتاب أبوالعلاء المعرى، كما كتب عن ابن الرومى، وأحضر إلينا ما لا نعرفه عن ابن زيدون، وقد كان أول من كتب عن أدب الرحلات، حيث سجل رحلاته إلى فلسطين والشام عام 1934، فقد كان من رواد عصره كالعقاد الذى قال له عندما انتقل إلى الكتابة للأطفال (أهروب يا أستاذ «قال: بل رجوع إلى العصر حتى يقرأوا كتبك يا أستاذ عقاد»).
وفى نهاية الفقرة يقول فضل: «مش محتاجين أننا نقول إن إسرائيل متفوقة فى إدراكها لأهمية الثقافة، لذا فإن علينا أن نتحرك، ولعل الدكتور أحمد زكى بدر يحدث تغييراً جذرياً فى مناهج التعليم بإعادة كامل كيلانى ليكون الكاتب الأهم فى كل مراحل التعليم، ونحن بذلك لا نطالب بأمر غير مسبوق، وإنما نطالب بشىء كان موجوداً من قبل، بدلا من الروايات العجيبة مثل «طموح جارية»، أما بالنسبة لوزير الثقافة فنعتقد أن من الواجب تخصيص قصر ثقافة باسمه يجمع كتبه التى لازالت مدفونة فى الجرائد وطبع كتبه فى مكتبة الأسرة، أما بالنسبة لوزير الإعلام، فإنه لو حول قصصه إلى أعمال روائية للأطفال بدلا من كثير من «الهطل»، الذى يتم إنتاجه حاليا، وقال أحسن الله إلى كامل كيلانى كما أحسن إلينا وأسأنا إليه، فأنا أرى أن كيلانى مثله مثل رغيف العيش لابد أن يصل إلى مستحقيه، وهم أطفال مصر، الذين يتعرضون لحملة تخريبية تهدد مستقبل مصر.
وفى الفقرة الثالثة استضاف البرنامج الدكتور مجدى سعيد، مؤلف كتاب «تجربة بنك الفقر» الصادر عن مكتبة مدبولى مع الدار العربية للنشر وموقع إسلام أون لاين.
يقول د مجدى سعيد: تجربة بنك الفقر يمكن تطبيقها فى مصر بشرط حصولها على الموافقات السياسية وهو ما كان يسعى إليه الدكتور عبدالعزيز حجازى، لكنه لم يلق موافقة على تطبيق هذه التجربة، ولفت إلى أنه يطبق فى مصر على مستوى المجتمعات الصغيرة من قبل بعض المنظمات والجمعيات مثل منظمة اليونسيف، والهيئة الإنجيلية القبطية، وبعض الجمعيات الصغيرة، لافتا إلى أن المشروع الذى قدمه عام 1996 حدثت به تعثرات لأسباب مختلفة أههمها عدم وجود رغبة سياسية حقيقية.
ويعود بلال فضل فى فقرة البرنامج الأخيرة بضيفها الدائم الناقد شعبان يوسف إلى التساؤل عن كاتب الظل: «هل كاتب الظل يكتب لآخرين ويختار أن يقبع فى الظل؟ هذا هو التعريف البسيط لهذه الظاهرة التى شغلت الرأى العام العربى والعالمى، وفيها أقاويل وتشنيعات وحقائق كثيرة».
يقول شعبان يوسف: «إنه لا توجد وقائع ثابتة حول من كتبوا فى الظل، وأن هذا الكلام يظل فى خانة «ما يشاع» موجها التحية إلى محمد ناجى الذى كتب رواية «رجل أبله وامرأة تافهة»، والتى جسد فيها شخصية كاتب الظل تجسيدا ناجحا، ولفت إلى أن هناك شائعات كثيرة حول أن أول من كتب فى هذه الظاهرة يوسف إدريس، عندما أصدر مجموعته «أرخص ليالى» عام 1954، وبعدها بشهر دخل السجن، وخرج فى سبتمبر1955، وقال استحمل أى حاجة ولا أدخل مرة ثانية للسجن، وقتها احتفلت به السلطة احتفالا كبيرا، وكتب بعدها لأنور السادات كتابين هما «قناة السويس» وكتاب «دعوة إلى الاتحاد القومى» وقد قال هذا الكلام لأستاذ ناجى نجيب فى كتابه «الحلم والحياة فى صحبة يوسف إدريس» الذى صدر فى حياة يوسف إدريس وأشير إليه فى كتاب «البحث عن اليقين المراوغ فى أدب يوسف إدريس» لفاروق عبدالقادر.
ويضيف شعبان أن الموضوع متغلغل فقد كتب هيكل كتاب «فلسفة الثورة» لجمال عبدالناصر، ويقال إن كتابى «تحرير المرأة، والمرأة الجديدة» لقاسم أمين ساعده فيهما احمد لطفى السيد، ومحمد عبده كما جاء بكتاب «صفحات مجهولة» لأنور الجندى، فضلا عن التشابه الشديد بين كلام محمد نجيب فى «أزمة مارس» 1954 وكتاب محمد مندور «الديمقراطية السياسية» والصادر فى نوفمبر 1952، كما اعترف مصطفى لطفى المنفلوطى أنه لم يترجم أيا من أعماله الإبداعية بل صاغها فقط، كما جاء فى كتاب «الشاعر» والذى اعترف فيه المنفلوطى بذلك، وهو الأمر نفسه مع الشاعر حافظ إبراهيم، والذى لم يكن يعرف جملة واحدة فى اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، ومن الشائعات الحديثة ما قيل حول الشاعرة أحلام مستغانمى، بأن الأديب سعدى يوسف قد كتب لها، وقد رفعت دعوى قضائية على ناشرى الكلام، وقالت فى مجلة «زهرة الخليج» إنها زهقت من كثرة الدعاوى القضائية.
أما بالنسبة لتصريح الكاتب أنيس منصور قال شعبان إنه كان يقصد الكاتبة عنايات الزيات- الكاتبة التى ربما انتحرت قبل صدور روايتها- رواية «الحب والصمت» فى منتصف الستينيات وقدمها مصطفى محمود، وكتب عنها محمود أمين العالم، ولفت شعبان يوسف إلى كاتب ظل المسؤولين، وتحديدا رؤساء المجالس الثقافية كما حدث مع كتاب إحسان عبدالقدوس «عاشق الحرية» لفؤاد قنديل والذى طبع مرتين بنفس المقدمة وبتوقيعين مختلفين، الأول منها باسم حسين مهران، والثانية باسم المؤلف الذى اعترف أنه كاتب المقدمة.
وفى فقرة ترشيحات القراء رشح فضل قراءة أى من كتب الناقد فاروق عبدالقادر الذى تحدث حول مرضه قائلا: لا تلم نفسك إن لم تسمع عنه شيئا لأنه اختار أن يعيش فقط من كد قلمه، فكرمته المؤسسات بأن تركته يصارع المرض، معللة ذلك بأنه ليس موظفا أو عضوا باتحاد الكتاب، ولم يقف بجواره إلا المركز القومى للترجمة حيث قام الدكتور جابر عصفور بالوقوف بجواره حيث حصل له على حق ترجمة كتب ووتر بروك، لكنه أنفق ما حصل عليه على المستشفيات، وهو ما اضطره إلى الخروج من المستشفيات الخاصة إلى وحدة المسنين بأحد المستشفيات الحكومية، حيث أصيب بقرحة الفراش نتيجة إهماله، وأصيب بالتهاب حاد لأنه لم يجد من يغطيه أثناء نومه، ولولا مقالة الكاتب أسامة الرحيمى فى الأهرام وتدخل الكاتب إبراهيم حجازى، الذى اتصل بالمشير طنطاوى وزير الدفاع والذى اتخذ على الفور قرارا بعلاج فاروق عبدالقادر على نفقة القوات المسلحة، لظل طريح فراش المستشفى المجانى.