لم يكن يتخيل أن أدوات عمله هى نفسها التى ستؤدى لموته، قلم وكاميرا فوتوغرافيا حملهما على كتفه وذهب لتغطية الأحداث المشتعلة أمام قصر الاتحادية، فعاد إلى أهله فى نعش، بعد أن قتل بطلق نارى أصابه فى الرأس مباشرة.. إنه الصحفى ابن محافظة سوهاج الحسينى أبوضيف. والدة الحسينى رفضت الظهور أو الحديث إلى أى وسيلة من وسائل الإعلام واعتذر شقيقه بسبب حالتها الصحية المتأخرة منذ حادث استشهاد الحسينى والتأخر فى التحقيق فى الحادث، وتحدث سالم شقيق الحسينى بدلا منها قائلا: «كانت علاقة الحسينى بوالدتى علاقة تتسم بالأدب الجم والحنان المتبادل بينهما، والمرة الوحيدة التى غضبت منه فيها كانت بسبب انضمامه لحركة كفاية أيام النظام السابق، وكان ذلك بسبب خوفها على «الحسينى» من بطش أمن الدولة ومبارك ونظامه، لأنها كانت حركة معارضة للحكم وقتها».
ويروى سالم عن ذكريت والدته والحسينى فى عيد الأم قائلاً: «برغم أن الحسينى، رحمه الله، لم يقتنع بفكرة وجود أعياد غير الأعياد الدينية، إلا أنه كان حريصاً على تهنئة والدتى، وأتذكر أنه فى آخر عيد أم أحضر لها عباءة خروج». وتابع: «والدتى مريضة جداً منذ استشهاد الحسينى، وبرغم إدراكها أنه شهيد وفى مكانة أفضل عند الله، وأن الشهادة كانت أمنية قديمة له منذ كان فى سلاح الصاعقة أثناء تأديته للخدمة العسكرية، حيث تمنى الاستشهاد أثناء تحرير فلسطين، لكن تعنت القضاء والنيابة والانحياز غير العادى للنائب العام فى القضية جعل حزنها على الحسينى يتضاعف، وكذلك موته على يد أبناء وطنه بدلاً من الأعداء». وواصل أبوضيف: «هناك ميوعة غير مبررة فى التحقيقات، حتى إن النيابة العامة امتنعت عن إعطائنا تقريراً بشهادة الشهود، وكل هذا كان السبب الرئيسى فى زيادة مرض والدتى وتأخر حالتها الصحية، وحتى لو تم إعدام جميع المتهمين فى القضية لن يجعلنا هذا ننسى الشهيد، لكن على الأقل يجب أن نحصل على القصاص، فذلك سيخفف من حدة النار المشتعلة فى قلب والدتى، بدلاً من إحساسها الدائم بأن دم ابنها ذهب هباء».