x

خبير بيئي: «توكيلات السيسي» يأس من «الإخوان».. و«زهق» من مرسي.. (حوار)

الأربعاء 20-03-2013 17:57 | كتب: محمد الهواري |
تصوير : محمد معروف

هو رجل دولة من طراز فريد، عاصر عهود عبدالناصر، والسادات، ومبارك، لم تشغله ظروفه الصحية عن متابعة الشأن العام، يترقب بمزيد من القلق مصير وطن تتخبط سفينته بين أمواج مرحلة انتقالية غاية فى الخطورة.

لا ينكر د.مصطفى كمال طلبة، الخبير البيئى الدولى، خوفه الشديد من سيناريو ثورة الجياع، ويرى أن غياب الرؤية والمشروع لدى جماعة الإخوان المسلمين سبب رئيسى لما تعيشه البلاد من تخبط، فهم كما يصفهم «عاشوا تحت الأرض 80 عاماً، ولا يعرفون مشاكل مصر ولا سبل حلها»، .

ورغم ذلك يؤكد العالم الكبير أن الجماعة ستحقق الفوز بغالبية مقاعد مجلس النواب المقبل، وانتقد تشرذم القوى السياسية، وتمركزها فى القاهرة، وشدد فى حواره لـ«المصرى اليوم»، على أن مصر لا تحتاج فى الوقت الحالى سوى لسبع وزارات أساسية، تعمل فى فريق عمل وليس فى «جزر منعزلة».

ويرى «طلبة» أن تحرير مواطنين توكيلات للفريق أول عبدالفتاح السيسى، وزير الدفاع، لإدارة شؤون البلاد، يعكس يأس المواطن من الإخوان المسلمين، مؤكداً أنه يقبل إدارة «السيسى» بشروط، مع تحفظه على أن الرجل العسكرى لن يستطيع إدارة البلاد فى هذا التوقيت.. وإلى نص الحوار..

■ ما الذى تحتاجه مصر لتخرج من كبوتها الحالية؟

- من المفترض وجود متخصصين فى مجال الاقتصاد من أجل التنمية، يضعون برنامجاً للتنمية الاقتصادية للعشرين سنة المقبلة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال 4 أو 5 خطط، كل خطة تحقق أشياء محددة، على أن تكون التكلفة محددة، فى إطار إمكانيات البلاد، لكن لا أقول أشياء غير قابلة للتنفيذ. على أن يكون فريق الاقتصاديين من المنتمين لجميع التيارات، ومعهم مجموعة من السياسيين، والاجتماع، ليدرسوا رد فعل الأعمال السياسية والاقتصادية على المجتمع، ويتم منحهم 3 أشهر لإعداد برنامج، يقدم للدولة لتنفيذه.

وعليهم أن يضعوا تصوراً نرى من خلاله مصر بعد عشرين سنة فى 2035 «عامله إزاى؟»، هل نريدها مثل كوبا، أم ماليزيا، أم بوركينا فاسو. مهاتير محمد عندما تولى رئاسة وزراء ماليزيا قال «ماليزيا 2020»، بمعنى أن ماليزيا ستكون من الدول المتقدمة بحلول 2020، وركز على التعليم والبحث العلمى، وخلال 15 سنة نقل ماليزيا من صفر لعداد الدول المصنعة، وإمكانيات مصر تسمح بذلك، لدينا دخل من الضرائب، والسياحة، فقط يوضح لنا المتخصصون من أين سيأتون بتكلفة البرنامج الاقتصادى، «مش كلام فى الواسع يعنى».

لكن هذا يحتاج «ناس» يعرفون حقائق المجتمع، ويكون تحت أيديهم كل تفاصيل دخل مصر، «قد إيه وجاى منين، بيتصرف منه إيه وبيفضل إيه؟»، ولابد أن تكون الدولة مستعدة لإعطاء جميع البيانات لهذه المجموعة، بيانات صحيحة وليست مغلوطة، يعنى «مش الكلام اللى بيقولوه الوزراء فى الفضائيات».

■ حاليا كل شىء مرهون بالاستقرار السياسى.. هل يمكن تنفيذ هذا التصور بغض النظر عن فكرة الاستقرار؟

- «آه طبعاً، مش هييجى الاستقرار السياسى إلا لو فيه دخل فعلاً للدولة»، تستطيع أن تُخدم على احتياجات المجتمع، كيف يأتى الاستقرار السياسى، وأنا لا أجد المال الذى أحصل به على الطعام، أو انتقل به فى المواصلات؟ لابد من وجود أموال فى البلد نتيجة أنشطة اقتصادية معروفة وواضحة، تحقق عائداً يستطيع التخديم على المجتمع، ويمنحه كل الخدمات التى يريدها.

نحتاج قدراً من الشفافية، مثلاً عندما يخرج الوزراء للحديث عن أزمة السولار، يخرج وزير ليقول «مفيش أصلاً أزمة سولار»، ووزير آخر يقول سأحلها خلال 48 ساعة، وطبعاً للأسف المشكلة موجودة وفى نفس الوقت «ما بتتحلش».

لن يتم حل شىء إلا إذا درست أسبابه، وتتم معالجة الأسباب، وليس معالجة المصدر، مثلاً أزمة المرور ليس حلها فى «إن العساكر تمشيها».

«كل الوزراء بيتكلموا كما لو كانوا عايشين فى المريخ»، والإعلام عليه دور بالتركيز عندما يقول أحد الوزراء كلاماً غير قابل للتنفيذ، عليه أن ينبهه، ويسأله كيف ستنفذ كلامك؟، وما تكلفة التنفيذ؟، ومن أين ستوفرها؟، «يمكن ده يخليهم يتلموا شوية ويبتدوا يعملوا حساب للكلام اللى بيقولوه».

■ تطالب جبهة الإنقاذ بتشكيل حكومة إنقاذ وطنى.. أو حكومة تكنوقراط.. أياً كانت الحكومة ما مواصفات الوزراء فيها؟

- أولاً أن يكونوا قادمين من خلفية العمل السياسى، «تكنوقراط فنى بس بيشتغل فى العمل السياسى»، عندما عُينت وزيراً للشباب، كنت قبلها فى الاتحاد الاشتراكى بعشر سنوات، وترشحت فى قريتى ضد 2 من أهلى، وتم انتخابى، ثم تم انتخابى فى المحافظة من بين 2 أو 3 وصلوا المؤتمر العام، أى أننى «مش نازل بالباراشوت»، وفى بلدى أقول لهم ما هى مشاكل بلدنا وكيف يمكن حلها وأتعلم منهم، وعندما كنت طالباً فى الجامعة، كنت أحب الاستماع لأبى وأهلى، وأتعلم من غير المتعلمين لما لديهم من وعى ومعرفة، وحلول لمشاكلهم، أى أن الوزير يجب أن يكون فى الأساس سياسياً، يعلم مشاكل المنطقة التى أتى منها، على الأقل، ثم على معرفة بمشاكل الدولة ككل، ولديه فكر، ويجد حلولاً منطقية، فى حدود الإمكانيات المتاحة للبلد، ويعرف تكلفة التنفيذ، ومصادر الحصول على التكلفة، والقدرة الإدارية على متابعة الموظفين، والثواب والعقاب، سواء نقل أو مواصلات أو خارجية أو داخلية.

شىء آخر، أننا لسنا فى حاجة إلى 20 أو 30 وزيراً فى الحكومة، الولايات المتحدة الأمريكية لديها 7 وزراء فقط، ولسنا فى حاجة لوزير صناعة لأن الصناعة فى القطاعين الخاص والعام تستطيع مجالس واتحادات الصناعات إدارة شؤونها، ووزارتا الزراعة والرى، يمكن دمجهما، ووزارة للصحة، وأخرى للتعليم، «يعنى نلم الحكومة فى 5 أو 6 أشخاص بالكتير».

■ أزمة مصر الحالية فى سوء الإدارة أم غياب الإدراك والرؤية؟

- «مش واضح فى ذهنهم ما يريدون تحقيقه»، ولا يستطيع مسؤول واحد تحقيق شىء، يجب أن يجلسوا جميعاً، يجب أن يعمل الوزراء معاً وليس كل واحد فى جزيرة منعزلة، لكن مجموعة بشر تتناقش وتضع برامج قابلة للتنفيذ فى حدود إمكانيات البلد.

■ عندما سعى الإخوان للسلطة تحدثوا عن مشروع النهضة؟

- قاطعنى متسائلاً: «فين هو طيب مشروع النهضة؟»، لذلك أقول قبل اختيار الوزراء، يجب أن أجمع أشخاصاً ينتمون لاتجاهات سياسية واقتصادية واجتماعية مختلفة، يضعون تصوراً لشكل مصر بعد فترة زمنية محددة، ثم نختار الوزراء الذين يستطيعون تنفيذ هذا التصور، «مش الكلام الهايف اللى بيقولوا عليه مشروع النهضة».

■ أين تكمن أزمة الجماعة.. وهى على رأس السلطة؟

- «مشكلتهم أنهم معندهمش أى نوع من الخبرة، لأنهم عاشوا تحت الأرض فى السجون والمعتقلات 80 سنة، ما يعرفوش مشاكل مصر، وفجأة لقوا أنفسهم بيحكموا، ومسؤولين عن إدارة دولة»، لم يعيشوا مشاكلها، وبالتالى ليس عندهم فكرة عن كيفية التعامل مع أى مشكلة، المسألة ليست مشكلة إدارة، ليس لديهم أى وضوح أو رؤية.

■ ماذا سيحدث إذا لم يتم التعامل مع مشاكل المواطنين اليومية؟

- «هتحصل ثورة الجياع 100 %».

■ وما الحل؟

- «لازم كل الأطراف السياسية بما فيها «الإخوان» يقعدوا مع بعض، شيوعيون، وإخوان، والحزب الوطنى المنحل، ويقولوا إحنا عايزين مصر تبقى شكلها إيه؟».

■ اتجه بعض المواطنين فى الفترة الأخيرة لإصدار توكيلات للفريق أول عبدالفتاح السيسى وزير الدفاع لإدارة شؤون البلاد..كيف تقرأ هذا التوجه؟

- قطعاً نوع من اليأس من الإخوان، «لكن ما ينفعش نقول أبداً إن فى ظابط فى الجيش هايعرف يدير شؤون مصر»، لأنه تعلم فى الكلية الحربية، وتعلم على السمع والطاعة، وتعظيم سلام لمن فوقه، «ودى كل المعلومات اللى عنده».

أهلاً وسهلاً بـ«السيسى»، لكن يعمل زى ما عمل سوار الذهب فى السودان»، حكم سنة وشكَّل حكومة مدنية من أصحاب الأغلبية، وأجرى انتخابات حرة وأمينة ونظيفة، ثم قال «سلامو عليكو»، «لو عمل السيسى كده أهلاً وسهلاً»، بس مفيش ضمانات إن ده يحصل»، الناس بتعمل توكيل على بياض، وتقول للسيسى « دور البلد»، لأنهم ضاق بهم العيش، ولا يجدون ما يسد الرمق، زهقوا من الإخوان ومن مرسى.

■ كنت وزيراً فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات.. فكيف كان يدير البلاد؟

- السادات لم يكن يعمل وحيداً، كان يختار العناصر التى يجد فيها الكفاءة، لا يعين وزيراً ليس له خلفية سياسية، عين إسماعيل غانم، وزير ثقافة، وكان أصلاً رئيس الاتحاد الاشتراكى فى كلية الهندسة بجامعة عين شمس، وقام بتعيينى وزير شباب، ووزير الأوقاف كان أستاذ جغرافيا فى جامعة القاهرة، وكان رجلاً من المتحدثين بالدين، مثل أحمد كمال أبوالمجد، وكانت اختياراته من الناس المؤهلة، التى لها قبول عند المجتمع.

■ هل تعتقد أن الإخوان سيحصلون على معظم مقاعد مجلس النواب؟

- للأسف القوى السياسية ليس لها وجود فى الشارع، ومهما تأجلت الانتخابات ستظل الجماعة هى الوحيدة المنظمة، والمنتشرة فى كل قرى مصر ومدنها، وسيحصلون على الغالبية، وعلى القوى السياسية أن «تحس بذلك»، اسأل الناس فى الشارع عن جبهة الإنقاذ «هيقولك مين جبهة الإنقاذ؟»، اسأل الناس عن الإخوان، «هيقولك بيعملوا إيه ويقولك يغوروا بعيد عنا»، القوى السياسية تحتاج التواجد فى الشارع قبل الانتخابات، «وتعمل لنفسها كيانات»، وتحدث تكتلات بينها، «وبدل كلام الجرايد، يتكلموا فى الجوامع، ويخطبوا فى الناس، بعد ما ينزل الخطيب، لأن الناس بتسمع اللى بيخطب فى الجامع، على أنه راجل متنور».

طالما القوى السياسية تتحدث فقط، وتجلس فى القاهرة، لن يحصلوا على شىء، د.محمد البرادعى مع كل تقديرى له، لم يذهب قرية «علشان يكلم الناس»، ولا عمرو موسى، «القاهرة مش هى مصر».

■ شهدت بورسعيد عصياناً مدنياً واضطرابات وتوترات فى المحلة والمنصورة والإسكندرية وسيناء.. هل يتحقق سيناريو تفكك مصر؟

- لا أظن أن الشعب ممكن يتم تقسيمه لشعوب، ليس لدى هذا الإحساس، الكل ينتمى لمصر، «وجواه مصر والدين»، «دول حاجتين بتتولد داخل كل واحد مننا»، «اللى ما بيصليش واللى طالع من الخمارة داخلهم حتة الدين وحب مصر»، «لو قلت لواحد فى خمارة، الرسول بتاعكم مش تمام هيضربك بإزازة الخمرة اللى بيشرب منها»، هذا جزء من تكوين المصرى، ولا أعتقد أبداً أن يتفكك الشعب لمجموعة شعوب.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية