قال الدكتور، أحمد دراج، أستاذ الجامعة، القيادى بحركة 9 مارس لاستقلال الجامعات، العضو المؤسس فى حزب الدستور، عضو جبهة الإنقاذ- إن الإخوان عليهم أن يبحثوا عن خروج آمن لهم الآن، وإن الحل هو أن نبدأ ثورة من جديد، ووصف الإخوان بفاقدى الخيال، الأمر الذى جعلهم عاجزين عن تقديم حلول لمشكلات الدولة.
وإلى نص الحوار:
■ احتفلت حركة 9 مارس لاستقلال الجامعات بعامها العاشر.. كيف تقيم التجربة الآن؟ ولماذا تمتنع بعض هيئات التدريس عن الانضمام لها؟
- التجربة لها ما لها، وعليها ما عليها، فهى نجحت فى أن تصنع رأس سهم فى صدر النظام حتى قامت الثورة، فقد بدأت مجموعة العمل 9 مارس من أجل استقلال الجامعات، فى توقيت متزامن مع حركة كفاية- فى فضح النظام وبناء حائط رفض لأداء النظام وسياساته فى منظومة التعليم، وأوضح آثار تبعية الجامعات للنظام على تردى الوضع التعليمى العام، كما كان لها الفضل فى بناء روح الرفض والمقاومة بين الشباب داخل الجامعة.
وما يمنع انضمام أعضاء هيئة التدريس لحركة 9 مارس هو أن تيار الاسلام السياسى الذى تشكل عقب الثورة، والذى تمثل فى مجموعة «جامعيون من أجل الإصلاح»، الذى كان موجوداً قبل الثورة فى الخفاء جعل الحركة تواجه فصيلين داخل الجامعة، أحدهما ظاهر، والآخر خفى، وهم أعضاء الحزب الوطنى من أساتذة الجامعات، ومعهم الفصيل الذى كان يصف نفسه بأنه مستقل، فى حين أنه بعد الثورة أفصح عن انتمائه الحقيقى للتيار الإسلامى.
■ البعض يرى أن الإخوان باتوا كمن يرقص رقصته الأخيرة قبل الرحيل، دون أن يعنيه عقلانية ما يفعل أو جدواه.. هل تتفق مع هذا الرأى، وهل بقاء الإخوان فى الحكم بات مسألة وقت؟
- هذا جانب كبير من الحقيقة، والإخوان يدركون أنهم لو سقطوا، فلن يعودوا أبداً، ولكنهم يكابرون وإصرارهم على الرحيل عبر الصندوق، كما جاءوا من خلاله، يدل على عمق إحساسهم بأنهم يخوضون حربهم الأخيرة بضراوة، وعليهم أن يستخدموا كل أسلحتهم، ولذلك سيلجأون إلى التزوير، وسيبررونه وفقاً لعقيدتهم التى تعلى المصلحة على القيمة، وتبيح المحظورات من باب كونها ضرورات، فلكل شىء تكييفه الخاص بهم، وفقاً لمصلحتهم وأهدافهم وما تستدعيه ضرورة بقائهم فى السلطة.
وهم يحاصرون أداءهم بمزيد من الفشل والارتباك، ويتورطون فى الدم، وقد بات الحديث عن الخروج الآمن للإخوان الآن حديثاً مهماً، وعليهم أن يبحثوه مع القوى الوطنية والجيش، ونعود للمطلب الأول للثورة، وهو تشكيل مجلس رئاسى به ممثل عن الجيش واثنان من القوى المدنية أو كيفما يتراءى لإدارة المرحلة الانتقالية للبلاد، وبالعودة للإخوان أنا أرى أنهم إذا استجابوا سريعاً لمطالب الثورة الآن ربما سيمثلون فى البرلمان، لكن اذا استمروا فى اعتماد سياسة الصمت والتمادى والعناد، فسيسقطون للأبد.
■ بعد أن كان العسكر يبحثون عن خروجهم الآمن مع الإخوان بات على الإخوان الآن أن يبحثوا مع الجيش والقوى المدنية خروجهم الآمن.. ألا ترى أن الأمر بات أشبه بلعبة الكراسى الموسيقية؟
- الحياه لعبة كراسى، لكن على من يخوضها أن يعى جيداً قواعد اللعبة، وأن الكرسى زائل، واذا كان المجلس العسكرى ارتكب أخطاء جسيمة فى إدارة الفترة الانتقالية، فأنا أظن أنه ارتكبها بحسن نية، وهو ما دفعه لأن يبحث فى النهاية عن خروج آمن، لكن الإخوان يرتكبون الأخطاء عن عمد ومع سبق إصرار.
■ كيف تقيم وضع الجامعات المصرية فى عهد الرئيس مرسى، وهل يختلف عن عهد مبارك؟
الإخوان يفتقدون للخيال، ولذلك يديرون الجامعة وكل مصالح الدولة بنفس طريقة مبارك ونفس محاولات شراء الأساتذة ومساومتهم برفع الرواتب والمزايا وغيرها، وحين فشلوا بدأوا البحث عن نزع ما منحوه من حقوق، فيطلبون كشوفات لمن يعمل ومن يتقاعس عن العمل، كحجة لقصر المزايا على المطيعين الوديعين من أساتذة الجامعات، وهذا ضد القانون الذى يقر بأن الرقابة من مجلس القسم، والرقابة هنا ليس مقصوداً منها رقابة حقيقة، وإنما وسيلة لقصر الحقوق على من يطبلون للنظام، وهو نفس أسلوب مبارك للتعامل مع أساتذة الجامعات، حيث كان يجزل فى العطاء لأعضاء الحزب الوطنى، بينما غالبية أساتذة الجامعة يتقاضون راتباً يكفيهم بالكاد لبضعة أيام من الشهر.
■ على ذكر انتخابات الجامعة، هل ترى أن ما حدث فى انتخابات اتحادات الطلبة بالجامعات هو مؤشر لما قد ستؤول إليه نتائج الانتخابات البرلمانية المقبلة إذا أجريت باستبعاد فرضية التزوير؟
- بالطبع، ما حدث فى انتخابات الطلبة حدث رغم أنف الإخوان، وفازت التيارات الليبرالية، والإخوان فى السابق كانوا يفوزون بسبب التصويت العقابى الذى يخدمهم فى معاركهم الانتخابية، لكن الآن التصويت العقابى بات سلاحاً مصوباً فى صدر الإخوان، وهم يدركون ذلك لأنهم فقدوا قواعدهم فى الشارع، ولذلك الإخوان يقاتلون الآن من أجل أن يضمنوا التزوير وتمسكهم بحكومة قنديل مفضوح ومفهوم القصد منه، لأن حكومة قنديل برغم فشلها البارز إلا أن دورها الحقيقى الذى عليها أن تلعبه لم يـأتِ بعد، وإذا قلت لك إن ماكينة الرقم القومى فى شمال سيناء سرقت فلكِ أن تتخيلى ماذا يمكن أن يتم فعله بها، ناهيكِ من تقسيم الدوائر الانتخابية التى فُصِّلت على مقاس الإخوان.
■ البعض يرى أنه بقدر ما أخطأت جماعة الحكم فى التعاطى مع مطالب الثورة، فالمعارضة أيضا لها سقطات، وأنا أتحدث هنا عن جبهة الإنقاذ بوصفك مرابطاً بها إذا صح التعبير.. فبماذا تدفع؟
- تعبير «مرابط» يجعلنى أتمنى أن تظل الجبهة مرابطة على ما اجتمعت من أجله، وإن شاب أداءها الكثير من القصور وازدواجية الخطاب فى الفترة الأخيرة، لدرجة أنها هددت وجودها بين صفوف الثوار بالضياع فى لحظة ما، وعلى كل من فى الجبهة- وأنا واحد منهم- أن يدرك حقيقة مفادها هو أن مواجهة الطغيان لن يتأتى إلا بالتوحد والمرابطة والإصرار وعدم تقديم تنازلات.
■ إذا كنت عضواً فى لجنة التخطيط الاستراتيجى للجبهة.. كيف ستنظر لدعوة الجيش للتدخل فى المشهد بتولى إدارة البلاد والانقلاب على جماعة الحكم؟
- كنت سأعتبره ضرورة فى ظل سيناريو واحد- لا قدر الله- وهو سيناريو الدم، وإذا اشتعلت حرب أهلية، ورفع الإخوان السلاح، ساعتها سيتدخل الجيش من تلقاء نفسه، لأنه يعى جيداً دوره المنوط به، ودور الجيش حماية الأرض والأرواح والممتلكات.
■ مطلب استدعاء الجيش برأيك هل هو الرهان الأخير للقوى المدنية كما هو بالنسبة للشارع؟ السؤال بطريقة أخرى: كيف تقيم القوى المدنية المطالب الشعبية باستعداء الجيش للمشهد السياسى؟
- فى تصورى لم يكن علينا أن نقول فى السابق يسقط يسقط حكم العسكر، ولا يجب الآن أن نستدعى الجيش الى المشهد، فهو استدعاء يدل على فشل كل الأطراف فى الدولة، فجميعنا فاشلون إذا كان خلاص الثورة باستدعاء الجيش، وأتمنى أن يكون الإخوان أعقل بالدرجة التى يدركون معها أن محاولاتهم لكسب كل شىء والاستئثار به سيؤول بهم إلى لاشىء، وأعتقد أن تجربة الستينيات ليست بعيدة لنستخلص منها العبرة، وأنا أقول إن الإخوان باتت أيديهم ملطخة بالدماء وأمام الدماء تسقط كل الشرعيات.
■ البعض يرى أنه بعد الثورات تكون الفكرة الأنسب للتطبيق على أرض الواقع متمثلة فى مقولات النظرية الاشتراكية، فكيف تثمن ذلك الرأى؟
- نعم، أنا أتفق معك، وهو مخرج مهم، فمن يفكر بجدية وإخلاص فى إنقاذ البلاد، فعليه أن يأخذ ببعض مقولات الفكرة الاشتراكية،ويقترب كثيرا منها.
■ لو أجريت الانتخابات، واحتكمنا للصندوق، كيف ستكون نسبة التمثيل السياسى فى البرلمان الجديد بفرض النزاهة؟
- بفرض النزاهة سيفوز التيار المدنى بنسبة تتراوح ما بين 60% إلى 70%، وحتى لو حدث التزوير، فلن يحصل الإخوان والسلفيون على أكثر من 30% من المقاعد، والتيار السلفى ربما يحصل على نصيب أكبر من الإخوان.