x

الاستشارى الهندسي صلاح حجاب: مصر تملك «مشروعات نهضة» مهملة بمراكز الأبحاث

الأحد 17-03-2013 22:25 | كتب: وفاء بكري |
تصوير : سمير صادق

هو أحد أهم الاستشاريين الهندسيين فى مصر، كان رئيسا للجنة التشييد فى جمعية رجال الأعمال، وشارك فى مخططات الجيل الأول للمدن الجديدة، وكان ولا يزال «دينامو» جمعية المهندسين المصرية، التى تحرص على إقامة الندوات لمناقشة المخططات والوضع فى مصر.

مارس الكتابة فى الصحف بجانب عمله الأصلى ليكتب تحت عنوان «دائما عمار يا مصر» ليضع رؤية «الخبير» أمام المسؤولين.

إنه الاستشارى الهندسى الكبير «صلاح حجاب» يضع روشتة التخطيط والدولة فى حواره لـ«المصرى اليوم».

■ فى البداية، أنت معروف بكونك من المهتمين بالشأن الداخلى، بجانب عملك الأساسى فى العمارة والتخطيط، فما رؤيتك للمشهد الحالى فى مصر؟

- ينقصنا حالياً حدوث وفاق، ولا أقول اتفاقاً، فيجب أن نؤمن بقضية الديمقراطية، التى أقرها الإمام الشافعى بشعاره المعروف وهو: «رأيى صواب يحتمل الخطأ ورأى غيرى خطأ يحتمل الصواب»، ولابد أن ندرك أن أرض مصر تراكمت فوقها الحضارات، وهو أمر لا ينكره إلا جاهل، فهى مهد الأديان، ولم يكن الدين فيها مظهراً، ولكنه فعل يتفق مع القواعد الدينية كلها سواء إسلاماً أو غير إسلام.

■ بعد 8 شهور من حكم الإخوان.. وتغلغلها داخل مفاصل الدولة.. أصبح النظام لا يتكلم إلا بالدين.. فما رأيك؟

- وهل كنا نتعامل بلا دين طوال العقود الماضية، نحن جميعاً نعرف أن الدين هو النصيحة والعمل والتعامل، والإسلام تحديداً هو علاقة بين العبد وربه، وبين الإنسان والإنسان، والغريب أن المواطن المصرى الآن «تائه» لغياب الرؤية لكل الأطياف بالرغم من أن مصر بها 140 مركزا بحثيا تحتوى على الآلاف من الأوراق نتجت من العقول المصرية فى شكل أوراق بحثية تطبيقية، لم نستفد بها حتى الآن، هذا بجانب أبحاث المراكز القومية المتخصصة، التى تحتفظ بنسخة رقمية للأبحاث فى البنك الأهلى، فلا يوجد «شىء»عندنا لم يتم بحثه، ويصلح تطبيقه الآن وله خطة وأمد زمنى للتنفيذ، وهناك خطة قومية شاملة للتنمية العمرانية.

■ تقصد مخطط التنمية العمرانية حتى 2052، الذى أعدته وزارة الإسكان وعدد من الوزارات؟

- نعم، فهو خطة للتنمية والعمران بالمفهوم الشامل، وقد تم عرضه على الدكتور عصام شرف عندما كان رئيساً للوزراء بعد الثورة، وتمت الموافقة على الخطة، وفيها تحديد فرص العمل والأموال المطلوبة والاستثمارات مجزأة خلال 5 سنوات، وحال البدء فى تنفيذ المخطط سيجعل مصر فى مصاف الدول الكبرى فى العالم، ولكن هذا المخطط يستوجب الاستقرار أولا.

■ ولكن هذا المخطط يكاد يتطابق مع مشروع النهضة الذى تقدم به الرئيس محمد مرسى كبرنامج انتخابى له، والفرق بينهما أن الأول مخطط بشكل علمى والثانى «كلام مرسل» فما رأيك؟

- بالضبط فهذا المشروع مدروس بدقة وله قواعده العلمية، وقام به أساتذة وعلماء لديهم الكفاءة العلمية فى البحث التطبيقى، وليس الأكاديمى، فالمنهج العلمى هو المطلوب لتطبيق المستهدف من أحلام، هذا المخطط يستوجب أن يكون خطة الدولة، بدءاً من السنة المالية المقبلة فى يوليو، وتتوفر له الآليات وتتحدد المسؤوليات، فلا يكفى أن يكون لدينا مجرد أوراق، فأى مخطط لا يساوى ثمن الوقت والجهد المبذول فيه ما لم تتحدد له الآليات والمسؤوليات، فالدولة هى المخطط والممكن والمحفز والمتابع ومعها الشعب، وما نعانى منه الآن هو نتيجة الانحراف الكامل لما خطط له من مشاكل عمل وبطالة وأماكن عشوائية، لأننا انحرفنا عن المخططات مثلا للقاهرة 1983 – 2000، ولم نوفر آلية المتابعة، ولكن وفرنا آلية الانحراف.

■ عندما قال خيرت الشاطر إن مشروع النهضة «وهمى» لماذا لم يتم الإعلان عن المخطط لنقول إن مشروع النهضة موجود بالفعل «بتخطيط علمى»؟

- طارق وفيق، وزير الإسكان، كان رئيساً للجنة التنمية بحزب الحرية والعدالة، وهو رجل أكاديمى تطبيقى زاول التخطيط العمرانى مع مكاتب استشارية، وأعلن بعد توليه مهام الوزارة أنه سيجعل من هذا المخطط المشروع القومى لمصر، وليس مخطط الإسكان، فيجب أن نعمل جميعاً تحت مظلة واحدة، ويجب أن تكون هناك خطة وتمكين ثم تحفيز فمتابعة، ثم نوفر لها الإمكانات المادية والبشرية.

■ مشروع تنمية إقليم قناة السويس هو أحد أهم محاور مخطط التنمية العمرانية، ولكن حتى الآن لا يزال «حبراً على ورق»، لماذا؟

- هذا المشروع يستوجب وثيقة معتمدة وتشريعاً مسانداً لها، وتستمر جهة ما مسؤولة عن تنفيذه، لتتم متابعته فى الحكومات التالية طوال عمر المشروع الافتراضى، فهناك وثيقة معتمدة من الوزارة فقط، ولكن تحتاج إلى وثيقة معتمدة على المستوى القومى، ثم تتحدد لها الأولويات والأمد الزمنى الذى سيصل بمصر إلى مصاف الدول العالمية مع تحديد كيفية تحقيق ذلك من خلال التشريع المساند المكون من عناصر لها حق الطرح والموافقة والاعتماد والمتابعة، وجهاز له الحق فى تسيير المشروع.

■ هل نستطيع القول بأن مشروع «النهضة» موجود بدلاً من مشروع الإخوان «الوهمى» كما اعترف الشاطر؟

- نعم، فهذا هو مشروع النهضة الحقيقى، فقد تم طرحه كمشروع مبدئى عرض على مجلس الوزراء، وهناك خبراء لديهم أحلام أخرى، وعلينا الاتفاق على مشروعات مشتركة، مثل الصحراء الغربية والساحل الشمالى وممر التنمية، فهذا المشروع يحقق أحلام الكثيرين، علينا فقط الاتفاق عليه ليصبح مشروع مصر لهذا القرن، ونوفر له الآليات.

■ فى رأيك ما سبب الأزمة الاقتصادية التى نعيشها الآن؟

- الانحراف عن المخططات الموجودة، التى لم نطبقها أو نهتم بها.

■ وما كيفية الخروج منها؟

- باحترام التخطيط، فالأسهل هو بيع أو تأجير أرض مصر، ولكن علينا التكاتف جميعا لنوفر المناخ المناسب للقطاعات المختلفة، فعلينا الآن إعادة فتح المصانع، وتشغيل العمالة بعدما أصبحت البطالة 13% تحت مبدأ الأجر المناسب فى المكان المناسب ليصبح الإنسان المصرى فعالاً فى المجتمع.

■ لا شك أن البطالة تعد الآن هى «الوحش الكاسر» فى مصر.. فكيف نهرب منه؟

- علينا فتح المصانع التى ستعود عندما تجد المناخ المناسب للعمل مع التنافسية فى الاستيراد والتصدير، فيجب أن نعرف أن ما لدينا أفضل من غيرنا لنصدره فيعود إلى الدولة بالعملة الصعبة، التى نبحث عنها الآن، وأن نعرف حقيقة ما لدينا من ثروات، ونضع السياسات التى تجعل هذه الثروات تتضاعف، وعلينا الاستفادة من دراساتنا والمخططات التنموية.

■ وفقا لخبرتك العظيمة التى شارفت على 60 عاماً من العمل، وبعد عملك مع كثير من الحكومات للتخطيط، بماذا تنصح حكومة قنديل؟

- عليهم بفتح الأدراج المغلقة، وإخراج ما بها من دراسات لتطبيقها مع تحدد الأولويات التى تحقق مزيداً من العمل بمردود أكبر، عليهم البدء بمشروعات التشييد والبنية الأساسية، التى تهيئ فرص عمل كثيرة مع توصيل المرافق إلى كثير من الأراضى فى الأماكن المناسبة المخطط لها أن تنمو صناعياً وسكنياً وترويجياً، فهذا سيجذب الاستثمار الخارجى، حيث سيصبح عليها طلب حقيقى فيحدث استثمار وفرص عمل، وهو يعنى زيادة الأجور مع وجود سوق متحركة.

■ وكيف يحدث الاستثمار فى ظل الاعتراضات والاعتصامات الحالية؟

- على الجميع التوافق أولاً، وتحديد عوائق الاتفاق، لبدء الاستثمارات لدينا، فالتوقف الحركى ليس إهداراً للوقت فقط، وإنما إهدار أيضا للوقود الذى نبحث عنه الآن، ويشل حركة الدولة، ويجب أن نوقف الفوضى الأمنية الموجودة الآن.

■ وما تقييمك إذن لحكم الإخوان والدستور الحالى؟

- سواء عجبنا أم لم يعجبنا فقد خرج إلى النور، ولكن المؤكد أنه ليس قرآنا أو إنجيلا، فهو قابل للتعديل، وقد يكون إلغاؤه حالياً أفضل، أما بالنسبة لتفاعل الإخوان والحكومة مع الشعب فمن المؤكد أن تفاعلهما بطىء للغاية، وتفسير ذلك أنه بعد كبت كثير شعر الناس بأن لهم حق «المطالبة بالحق»، ولكن الدولة كما هى، فقد ظلت لمدة طويلة وستظل لمدد مقبلة، تعمل ما تريده ويفعل الشعب الشىء نفسه، فهناك اتفاق غير معلن بين الاثنين، بأن يفعلا ما يريدانه «والكل يبات متهنى»، فالمواطن يدفع رشاوى وموظف الدولة يستف ورقه، وهذا موجود من قديم الزمان وأيام الفراعنة والمحتسب وعلى مر العصور، ويجب أن تعرف الدولة أن هناك ما يسمى وسائل النجاح والإنجاح، وهى أن نعطى مثلاً طيباً فى مشروع ناجح ليكون قدوة، فنحن فى حاجة إلى نماذج ناجحة بسرعة، وهذا ليس سهل الحدوث فى فترات انتقالية، ولكن يمكن أن يحدث بانتخاب مجلس نواب بأمانة، وليس تزويراً، لتتحمل الجماهير مسؤولية الانتخاب، وندخل فيما وعد به الرئيس من تعديل للدستور، وتتواجد موازنة وأولوليات لمشروعات تصلح لأن تكون مشروعات ناجحة كقدوة، فتعيد ثقة المجتمع فى بعضه، وهناك أيضا مبدأ هيبة الدولة، ونحتاج أيضاً لإعادة احترام هيبة القانون، سواء من المواطن أو الحاكم.

■ وماذا عن جبهة الإنقاذ الوطنى ألا تُعتبر هى النموذج الطيب الذى تقول عنه الآن وسط كل هذا الزخم؟

- فيها عناصر طيبة وقيادات جيدة، ولكن لا يوجد لها تنظيم شعبى، وهذا خطر بالنسبة لها فى الانتخابات المقبلة، فهى تواجه تنظيمات أخرى اُستحدثت فى المجتمع المصرى مؤخراً، وهى منظمة جداً، وهذا المجتمع به 40% لا يقرأون ولا يكتبون، وفى أى انتخاب أو استفتاء نجد المواطنين يقولون إنهم يقفون لانتخاب الرئيس مثلاً أو أنهم جاءوا خوفا من «الحرام»، أو يخشون الغرامة، وهذا الشعب يحتاج إلى التوعية القومية من جبهة الإنقاذ أمام المنظمين من السلفيين والإخوان.

■ وما رأيك فى «نغمة الدين» التى تكفر كل من لا يتعامل مع أى مشروع إسلامى؟

- هذا ليس من الدين فى شىء، الدين يقول:«لكم دينكم ولى دين» فنحن علينا واجبات تجاه بعضنا البعض، وهى أشياء متفق عليها، وعلينا أيضاً واجبات تجاه الخالق، وقد يكون هناك خلاف على أسلوب أدائها، فلا يوجد تفرغ فى الإسلام للدعوة، ولكن للأداء، وليس الانتقاد، فمثلا «حدوتة الدقن» فى مصر كلها ليست من السنة فى شىء من وجهة نظرى، فالرسول عندما دخل يثرب طلب من المسلمين قص الشارب وإعفاء اللحى، حتى يفرق بينهم وبين اليهود، فهى «سنن وعادات» مرتبطة بالزمان والمكان وجوهر القول، وليس عبادات وهى التى لا تحتمل التأويل، وهذا ما علمنى إياه مهندس وليس شيخاً، فما يحدث إساءة للدين الإسلامى، فهو دين عمل وأداء، ويجب أن يكون المسلم خير نموذج للأداء الطيب والأمانة.

■ وما يتم الآن وما حدث خلال الشهور الماضية هل يعد من العمل الطيب لهم؟

- قد تكون هناك نيات طيبة، ولكن طريق «جهنم مفروش بالنيات الطيبة»، وعلينا البحث عن الرؤية والنموذج الناجح، وما يحقق إرضاء الناس قومياً، وليس نوعياً، فمن المعروف، وفقاً لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، أن «صاحب الحاجة أرعن»، فيجب أن يكون هناك حوار إعلامى منطقى وشعبى قبل السنة المالية الجديدة لإرضاء الشعب «فعلاً» وليس قولاً، فلدينا نقابات مهنية وعمالية وتجمعات دينية وغير دينية علينا الاستفادة منها خلال المرحلة المقبلة.

■ ما رأيك فى أخونة مفاصل الدولة؟

- لو كان الإخوان «كفئاً» يمكن الاستعانة بهم، فالسُبة ألا يكونوا كذلك، ويتم تعيينهم فى الوزارات، فالكفء مطلوب حتى ولو كان كافراً، فالرسول قال «اطلبوا العلم ولو فى الصين»، ولم يحدد الصينى الكافر أم المسلم.

■ عاصرت 4 رؤساء حتى الآن، منذ عبد الناصر وحتى محمد مرسى، فما تقييمك لفترات التخطيط فى العهود الأربعة؟

- بعد ثورة 23 يوليو بدأ الضباط الأحرار فى الاعتماد على أساتذة الجامعات ممن يعرفونهم، فبدأ الاعتماد على أهل الثقة والخبرة معاً، وكان بعضهم «جيدين» ولكن التجربة لم توفق، وهو ما نعيشه هذه الأيام أيضاً، ولكن فى عهد عبد الناصر نفذت مشروعات قومية جمعت الناس مثل السد العالى، وتحديد الملكية، وكانت تنقصها تعاونيات زراعية، أما السادات فجاء بنصر أكتوبر المخطط له بأسلوب علمى، وتوفرت له الآليات المناسبة، وعمل ورقة فى إبريل 74 عرفت بـ«ورقة أكتوبر» قام بتحريرها أحمد بهاء الدين–رحمه الله–وضعت استراتيجيات ما بعد النصر، وكانت تتحدث عن مصر 2000، وعندما نقرؤها نجدها تصلح الآن، ففى العصر الناصرى أخذنا بأسلوب التخطيط القومى الشامل، الذى أعطى القاهرة والإسكندرية الأولوية فى التنمية، وبدأ العكس عام 2000 فكان الاهتمام بالصعيد.

■ وماذا عن مبارك؟

- عندما جاء مبارك أعلن عن 7 قضايا مهمة، أهمها السكان والإسكان، وقام بتنظيم المؤتمر القومى الأول للسكان عام 84، وقبل خروجه بسنتين تقريباً أقام المؤتمر الثانى، وجاء بالتوصيات نفسها فى الأول، وكل هذا بسبب عدم توفير المعايير، والمتابعة التى تؤدى إلى تحسين الأداء.

■ هل قابلته فى أى اجتماعات للتخطيط؟

- لم أجتمع معه سوى مرتين، الأولى عام 86، عندما كنا نحضر مع فؤاد سلطان، وزير السياحة آنذاك، بيع كبائن عايدة فى المنتزه، وكان حريصاً على معرفة أشياء كثيرة، وعلى المكان التاريخى، والمرة الثانية كانت فى إحدى لجان الحزب الوطنى، وكان حريصاً على معرفة عدد المقيمين فى المجتمعات الجديدة، ليعرف مدى تحقيق المستهدف منها، فكان يريد المعرفة والتعلم.

■ هل كنت عضواً فى لجنة السياسات بالحزب المنحل؟

- لا، ولكنه كانت تتم الاستعانة بى فى بعض اللجان مثل لجنة الحفاظ على الأراضى الزراعية، وللعلم كانت اللجنة تسعى إلى الخبراء والعلميين فالدكتور عصام شرف مثلاً كان عضواً فى اللجنة، بعد أزمة العبارة، فالحزب كان يسعى لتشكيل كيانات واعية، ليحقق أهدافه.

■ مصر بين ثورتين لا تزال فيها أزمة إسكان، لماذا؟

- لأننا لا نحدد أطراف المشكلة، فقبل 52 كان الإيجار هو المتاح والسائد، والتمليك فى القرية المصرية فقط، وعندما تدخلت الدولة فى لعبة الإيجار حدثت الأزمة، ومن عيوب 52 تصنيف المواطنين مثلما حدث بعد ثورة يناير مثل هذا فلول وهذا إسلامى، فكان المواطن نوعين: نوع مُستغَل وهو المستأجر، وآخر مُستغِل، وهو المالك، وتم تخفيض القيمة الإيجارية ثم تحديدها بنسبة من التكلفة وقيمة الأرض، ويحدد هذا قرار وزارى، وبالتالى كان الناس يتلاعبون بهذا الأمر، ففى عام 1970 حدد وزير الإسكان القيمة التى تؤخذ فى الحسبان، وكانت 18 جنيهاً للإسكان المتوسط، وكان وزير المالية عبدالعزيز حجازى وقتها، وكانت هناك شركات الاستثمار العقارى، مثل الشمس ومصر الجديدة، ووجدنا أن الإيجار لم يعد له مكان فى المدينة، وعرضنا الوحدات التى كانت للتأجير بنظام التمليك، ومنذ ذلك الوقت لم تبن الحكومة أى وحدات بالإيجار، بالرغم من أنه هو النمط المناسب للمصريين، حيث إن دخل الأسرة فى مصر لا يكفى للتمليك، على اعتبار أن الإسكان تحدد له 25% من الراتب، وبالتالى فالتأجير يكون فى حدود إمكانيات الأسرة، كما أننا لم نحدد الأسئلة الخاصة بالإسكان، لتنفيذ مشروعاتنا، وهى لمن نبنى وأين وكيف ومن يبنى ومن يدير ويصون؟، فطالما لم تتم الإجابة عن هذه الأسئلة لن تحل مشكلة الإسكان.

■ ولكن لدينا أزمة كبرى الآن اسمها «الإيجارات القديمة»؟

- لجنة وزارة الإسكان التى تم تشكيلها وتوقفت كانت لدراسة هذا المشروع، ولكن الأهم هو البحث عن موارد لسداد تحريك قيمة الإيجار بالنسبة للفئات غير القادرة، ويجب زيادة هذه القيمة وفقاً لمعدلات التضخم، وتحريكها فقط لتصل إلى قيمة توافقية، وليس تحريرها، فالأرض لا تزال ملك المالك، وقيمتها تزايدت فتحريك القيمة ضرورة لتصبح شبه عادلة، وعلى الدولة وضع قانون يحرك العلاقة بين الاثنين لتصبح علاقة توافقية.

■ تعاملت مع الدكتور يوسف والى والمهندس أحمد المغربى، وهما سجينان حالياً، فما تقييمك لهما؟

- الاثنان لم يستغلا موقعهما أبداً، وأعتز بهما كثيرا، وكانا من الأمانة المعرفية والقانونية والعلمية، فالمغربى مثلاً كان عندما لا يعرف يعترف بهذا، ويلجأ لمن يعرف، فكان يلجأ دائما لمستشاره القانونى، أما يوسف والى فكان منفذا لخطط الدولة، وكان عالماً حقاً، ويعتبر من أفضل وزراء الزراعة، وللأمانة الاثنان لا يستحقان السجن.

■ سأستعير عنوان مقالاتك، التى أصدرتها فى كتاب مؤخراً وهو «دائما عمار يا مصر».. فماذا نفعل لتطبيق هذه الجملة الآن؟

- هذه الأرض لن تفتت، فهذه الأرض التى تقع بين أفريقيا وآسيا وفيها من الخيرات طبقا لما أعطاه لنا العلم الحديث أننا نعرف ما فوق الأرض وتحتها، ما يجعلنا نطمئن أن ناس مصر على أرضها ستصبح بهم وبرأيهم «عمار دائما»، وعلينا أن نعرف ما لدينا وما لا نعرفه نأتى بمن يعرف، فمصر على سبيل المثال لديها أزمة فى التسويق، وعلينا أن نأتى بخبرائه وفقاً لأمننا القومى، فقد ضاعت منا فرص كثيرة نتيجة ذلك، المصرى يجب أن يعرف ما لديه وكيفية استثماره بما يحقق مستقبلا أفضل له، حتى نتخلص من الاكتئاب القومى المسيطر علينا الآن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

النشرة البريدية